Page 60 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 60

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫مـن خـال أشـخاص متدينيـن أو لهـم تجـارب دينيـة‬                                        ‫تعريف الدين‪)1( :‬‬
    ‫تبـدو فـي سـلوكهم مـن أداء شـعائر وطقـوس‪.‬‬
                                                            ‫إن كلمـة «الديـن» رغـم بسـاطتها‪ ،‬فإنـه يصعـب‬
‫وإلـى مثـل هـذا الـ أري يؤكـد هيـوم‪ ،‬وكونـت‪،‬‬                ‫تعريفها؛ نظ ار لاختلاف التعريفات وتعددها باختلاف‬
‫وسبنسـر‪ ،‬وماكـس موللـر‪ ،‬وجيمـس فريـزر وغيرهـم‬               ‫الآ ارء حول معنى الدين‪ ...‬وهذه التعريفات المتعددة‬
                                                            ‫للديـن ليسـت إلا تجميـع معلومـات أكثـر منهـا تقديـم‬
             ‫‪ ..‬علـى الطابـع الإنسـاني للديـن‪.‬‬              ‫تعريف محدد للدين‪ ...‬رغم أن الدين والتدين طبيعة‬
                                                            ‫فطريـة تتغلغـل فـي شـتى جوانـب الحيـاة البشـرية فـي‬
          ‫التعريف الديني الإسلامي (‪)5‬‬
                                                                                         ‫كل زمـان ومـكان ‪.‬‬
‫كلمةالديـن تعنـي الديـان‪ ...‬الحكـم‪ ...‬القاضـي‪،‬‬
               ‫ويـوم الديـن هـو يـوم الحسـاب‪...‬‬                             ‫التعريف الفلسفي للدين‪)2( .‬‬

‫الديـن هـو الطاعـة والانقيـاد‪ ...‬وقـد يـرد بمعنـى‬           ‫يختلـف مفهـوم الديـن باختـاف آ ارء الفلاسـفة‬
                                       ‫الجـ ازء‪.‬‬            ‫والمفكريـن‪ .‬يمكننـا حصـر أهـم التعريفـات للديـن فـي‬

                          ‫ثانيا‪ :‬التنوير‪)6( :‬‬                ‫معنييـن ‪ :‬المعنـى الفلسـفي‪ ...‬والمعنـى الدينـي‪.‬‬

‫التنويـر سـواء فـي الفكـر العربـي أو الغربـي إنمـا‬          ‫ُيعـرف معظـم الفلاسـفة الديـن كمذهـب إنسـاني‬
‫يعنـي إعمـال العقـل‪ ...‬العقـل الـذي يحتـرم الآخـر‬           ‫وتجربة روحية تختلف عن الوحي والدين المنزل‪...‬‬
‫ويتحـاور معـه‪ ،‬العقـل الـذي ينشـد حريـة الفكـر‪،‬‬             ‫والديـن هنـا ينبـع مـن صميـم الخبـرة البشـرية ومـن‬
‫ويرفـض التقليـد‪ ،‬العقـل الـذي يحتـرم العلـم والمعرفـة‪.‬‬
‫‪ . .‬وقـدرة الإنسـان علـى التغييـر‪ .‬هـذا مـا ينـادي بـه‬                           ‫واقـع الحيـاة ومشـكلاتها‪...‬‬
‫الدين والفطرة السـليمة‪ ..‬وهبنا الله العقل كي نبصر‬
‫بهمـا فـي الأشـياء مـن مشـابهات ومفارقـات‪ ...‬رغبـة‬          ‫وإلى مثل هذا المعنى الإنساني للدين يذهب وليم‬
‫فـي البحـث والتأمـل دون انقيـاد لـآ ارء المألوفـة أو‬        ‫جيمـس وجونـد يـوي‪ ...‬الديـن فـي الفكـر الب ارجماتـي‬
                                                            ‫يختلـف عـن الديـن المنـزل مـن ناحيـة وعـن الأديـان‬
                          ‫التقليـدي مـن الأفـكار‪.‬‬
                                                                   ‫الطبيعيـة ووحـدة الوجـود مـن ناحيـة أخـرى‪.‬‬
‫مصطلـح التنويـر غربـي‪ ،‬يشـير إلـى حركـة فكريـة‬
‫ممتـدة مـن القـرن السـادس عشـر إلـى القـرن الثامـن‬          ‫يقـول وليـم جيمـس (‪« :)3‬يجـب أن ننظـر إلـى‬
‫عشـر‪ ...‬عصـر التنويـر فـي إنجلتـ ار (لوكـو هيـوم)‬           ‫الديـن لا مـن حيـث نشـأته وأصلـه وإنمـا مـن حيـث‬
‫‪،‬في ألمانيا(ليبنتز وكانط) ‪ ،‬وفي فرنسا(بيلو فولتير‬           ‫نتائجـه ومـا يجلبـه للإنسـان مـن سـعادة‪ ،‬ومـا يشـعه‬
                                                            ‫فـي جوانـب النفـس المؤمنـة مـن إشـ ارق يدفـع‬
                           ‫وجـان جـاك روسـو)‪.‬‬
                                                                                    ‫صاحبهـا إلـى العمـل»‪.‬‬
‫مـن سـمات التنويـر هنـا‪ :‬الدعـوة إلـى الحريـة‬
‫والمسـاواة‪ ...‬وتحريـر الديـن مـن الخ ارفـة‪ ...‬وهـي‬          ‫وإلـى مثـل هـذا الـ أري يؤكـد جـون ديـوي أن الديـن‬
‫امتـداد للتنويـر فـي القـرن السـابع عشـر (ديـكارت‬           ‫وليـد اعتقـاد دينـي قائـم علـى التجربـة الدينيـة‪ .‬هـذه‬
                                                            ‫التجربـة مهمـا تعـددت صورهـا لابـد أن تقودنـا إلـى‬
                                   ‫واسـبينو از)‪.‬‬            ‫الشـعور بأننـا نشـارك فـي موجـود أعظـم هـو الله‪.‬‬
                                                            ‫ويفـرق ديـوي بيـن الديـن والتديـن‪ )4(،‬فيـرى‪ :‬أن‬
‫التنوير في الفكر العربي توافق مع هذه السمات‪،‬‬                ‫الديـن قـوة عليـا غيـر منظـورة مـن قبيـل الغيـب‪ ،‬لا‬
‫حيـث نجـد نمـاذج أمثـال محمدعبـده‪ ،‬الطهطـاوي‪،‬‬               ‫سـبيل لنـا إلـى معرفتـه‪ ،‬أمـا التديـن فهـو مـا نعرفـه‬
‫طه حسـين‪ ،‬سـامة موسـى‪ ،‬زكي نجيب محمود‪...‬‬

                                                        ‫‪60‬‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65