Page 145 - merit 53
P. 145

‫نون النسوة ‪1 4 3‬‬                                         ‫أيديهما الدما َء‪ ..‬استحالت تلك الحديقة‪ ،‬وتحول‬
                                                          ‫ذلك البيت الصغير بجانبها إلى عمارة شاهقة‪،‬‬
     ‫الرقيق في بعض الأحيان‪ ،‬لم يمنع الكاتبة أثناء‬        ‫تحوطها الأسلاك‪ ،‬بتعبير الكاتبة‪« :‬تحوط ُكت ًل‬
     ‫الصياغة من أن ُت ْض ِف َى بعض الجماليات‪ ،‬مثل‪:‬‬     ‫أسمنتية صماء‪ ،‬ما عادت ُت َحرك فينا أى شغف»‪..‬‬
   ‫‪ -1‬توظيف تقنية البياض بقصد أن تفتح المجال‬          ‫رم ًزا لتحول الوقت والزمن من براءة الطفولة‪ ،‬إلى‬
‫للقارئ؛ كي يشارك في تفعيل بلاغة النص السردي‬            ‫كد الحياة وهمومها‪ ،‬بمفارقة تلك المرحلة اللاهية‬
    ‫أو القصصي‪ ،‬باعتبار ذلك البياض جز ًءا أصي ًل‬
    ‫ومجا ًل محر ًكا لتوتر الدلالة وإثرائها‪ ،‬ما يجعل‬                     ‫والقضاء على الأشياء الجميلة!‬
    ‫القراءة فاعلة ثرية؛ مثلما في قصة مواء‪« :‬لس ُت‬
                                                            ‫خام ًسا التقنيات السردية‬
                       ‫مجرد صدي ٍق أيها اللعين»‪.‬‬
 ‫‪ -‬في قصة (المحجر)‪« :‬إبراهيم‪ ..‬انتظر‪ ،‬فإن الكسر‬              ‫رغم شيوع المشاهد التراجيدية الحزينة في‬
                                                         ‫المجموعة‪ ،‬تلك التي تنم عن ي ٍد قصصية ماهرة‪،‬‬
    ‫بأعلى الجبل ما زال مستم ًرا‪ ،‬لا تنحرف يمينًا‪..‬‬      ‫ووفاء للقصة القصيرة المكثفة‪ ،‬التي تقول الكثير‬
                                        ‫إبرا‪.»..‬‬      ‫وتفتح المجال للكثير من التأويلات‪ ،‬غير أن كل هذا‬
                                                      ‫الحكى المُ ْف َعم بالحزن كثي ًرا‪ ،‬وبالحزن الرومانسي‬
   ‫‪ -2‬اللغة الفصيحة دون تعقيد‪ ،‬مع اعتمادها على‬
  ‫لغة شعرية جميلة‪ ،‬تحمل الجميل من المجاز المعبر‬
 ‫دون تزايد‪ ،‬والصور الشعرية والتشبيهات‪ ،‬في لغة‬

                    ‫رشيقة أقرب إلى الشعر‪ ،‬مثل‪:‬‬
     ‫‪ -‬وبالفرحة ذاتها ُر ْحنا نقطف ما ي ِعن لنا من‬
 ‫ورود‪ -‬ودلِ ْف َنا إلى الحديقة‪ -‬تتنفس أمي الصعداء‪.‬‬
   ‫‪ -‬ومن الصور الجميلة‪ :‬فإذا بجسد أمي ينتفض‬
‫على إثر هديرها وكأن م ًّسا أصابها‪ -‬تسحب قدماى‬
    ‫حذا ًء باليًا‪ -‬تزيح أشعة الشمس أسبلة الظلام‪..‬‬

                                           ‫إلخ‪.‬‬
    ‫‪ -3‬الجو الرومانتيكي‪ ،‬الذي هو أقرب في رقته‬
 ‫إلى شعر المدرسة الرومانسية؛ فإنه يصل في كثير‬
  ‫من الصور والتشبيهات حد الشفافية‪ ،‬ففي قصة‬
     ‫(قميص أخضر)‪ ،‬تقول‪« :‬اقتر َب ْت منه‪ ،‬فطارت‬
    ‫ذراعاه تحيطان خصرها في سعادة‪ ،‬قربها إليه‬
  ‫وكأنه يهم برفعها عن الأرض ليشاركها الدوران‪،‬‬

      ‫لكن جسدها ارتفع عاليًا وقد غادرته سيطرة‬
‫الجذب‪ ،‬فنظرت نحو الأرض تحتها بدهشة طفولية‪،‬‬

      ‫وما لبثت أن تشبثت بجسده‪ ،‬فراح الجسدان‬
                       ‫يبتعدان عن الأرض م ًعا»‪.‬‬

     ‫‪ -4‬الاتكاء كثي ًرا على تقنية الحوار (الديالوج)‪،‬‬
   ‫والذي ُي َعد بمثابة كينونة معرفية مؤطرة بـ(تلك‬
  ‫الدينامية التحاورية)‪ ،‬فإن هذه الاستراتيجية هى‬
  ‫خطوة بين عرض الفكرة ونقدها في آ ٍن من خلال‬
   ‫حوار بناء يبرز ما تبوح به نفس الكاتب‪ ،‬وآراؤه‬
 ‫وآراء باقي شخصيات القصة‪ ،‬وهو وسيلة شكلية‬
   ‫هامة للنفاذ إلى جوهر الأشياء‪ ،‬مثل الحوار الذي‬

        ‫دار في قصة (أغا)‪ ،‬في الصفحات ‪.97 :95‬‬
   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150