Page 155 - merit 53
P. 155
نون النسوة 1 5 3
أمام الحاجز الفاصل بين عربات القطار ،يقول:
“توقفت أمام الحد الفاصل بين العربتين ونظرت
إلى الأرضية التي تتأرجح في خفة مرعبة.
عادت بخطوها للخلف وفكرت في هجر الفكرة
برمتها والعودة لمقعدها ،لكنه بزغ فجأة من أمام
باب القطار ،حيث يقف متخفيًا خلف الحاجز
الجانبي الفاصل بين العربتين ،شاب في الثلاثينات،
يبدو هاد ًئا قو ًّيا ،ينظر إليها في حنو أدهشها ،وكأنه
يعرفها حق المعرفة ،ويدرك سرها الدفين”.
انتظار العائدون داخل محطات القطار ،ترصد
الكاتبة لحظات اللقاء بعد الغيبة ،يقول الراوي:
“أزاحت عن عينيها قه ًرا كاد يفترسها وهي ترى
الركاب يحتضنون من ينتظرهم من ذويهم بشوق،
بينما تقف هي وحيدة حائرة مترددة”.
وعادة تتبع الأضواء المبهرة ،والتي تقوم بها النساء
أغلب الوقت حين يشرن عقلهن في التفكير في أمر
ما ،يقول الراوي في “الولي”“ :كمأخوذة رفعت
عنينها إلى الأعلى تطارد شعاع ضوء كساه اللون
الأخضر الزمردي ،وكادت من تعلقها به أن تطير
خلفه”.
وعادة الناس الصياح بصوت مرتفع في محاولة
منهم لتحذير بعضهم البعض في الشارع ،يقول
الراوي“ :أفاقت على صيحة تحذيرية من أحدهم،
يبدو أنها كانت على وشك الاصطدام به”.
في “الولي” تظهر لنا عادة العامة في زيارة الأولياء
والتبرك بهم ،ومجاورة آل البيت ،والتجمع بأعداد
كبيرة على أبواب المساجد ،والتبرك بالأضرحة،
والدعاء ،والبكاء على الأعتاب ،وهو ما فعلت بطلة
“الولي ،إذ ترصد الكاتبة ذلك من خلال حديث
الراوي للقراء عما قامت به البطلة ،وعن العدوى
التي انتقلت لها بعد أن شعرت بشيء ما يحركها
في هذا الاتجاه ،تقول“ :اقتربت من سياج حديدي
يحيط بمقام الولي ،وبخطوات مترددة دلفت من باب
ضخم يؤمه الناس أفوا ًجا خارجة وداخلة ،انتقلت
بعينيها بين أجساد تتبرك بمقام يكسوه قماش من
اللون الأخضر ذاته ،الذي يحتل القبة الخارجية،
وما بين منتحب وداعية ومكت ٍف بالصمت جالت
عيناها ،وكرد فعل دهشت له ،وجدت نفسها
تلتصق بسياج المقام وتحذو حذوهم ،لتنطلق من