Page 20 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 20
الأفلام التسجيلية والوثائقية
أ -اعتماد الفيلم على التنقل ،والملاحظة ،والانتقاء من الحياة نفسها ،بحيث لا يعتمد على
موضوعات مؤلفة وممثلة في بيئة مصطنعة كما يفعل الفيلم الروائي ،وإنما يصّور المشاهد
الحية ،والوقائع الحقيقية.
ب -أشخاص الفيلم ومناظره يختارون من الواقع الحي ،فلا يعتمد على ممثلين محترفين ،ولا
على مناظر صناعية مفتعلة داخل الاستديو.
ج -مادة الفيلم تختار من الطبيعة أرسا ،دون تأليف ،لتكون موضوعاته أكثر دقة وواقعية من
المادة المؤلفة والممثلة.
وقد كانت وجهة نظر "جريرسون" في تحديد ماهية الفيلم الوثائقي قائمة على أن ما الذي يجعل
الفيلم وثائقيا؟ ليس فقط كون مكان الفيلم حقيقيا ،والأشخاص الموجودين فيه كذلك ،بالإضافة
إلى
القصة والوقائع ،والابتعاد عن الخيال والابتكار ،بل أيضا قدرته على المعالجة الخلاقة ،أي
الإبداعية للواقع ،وهو ما يعني أن "جريرسون" ،رغم تأكيده على حقيقية عناصر الفيلم الوثائقي
وعدم تجاوزها للواقع ،إلا أنه أشار عبر تعريفه إلى أن هذه الواقعية ليست اعتباطية بل منتقاة،
أي أنها وجهة نظر مخرج عن الواقع ،من هذا الواقع.
وقد تطور هذا الاتجاه على أيدي بعض المخرجين والمنظرين أمثال (أندريه با ازن ،روبرت
فلاهرتي وبول روثا ،وفيليب دين ،وغيرهم) ،وأخذ شكلا أعمق من ذي قبل ،عبر تأكيده على
أهمية الجانبين الموضوعي (المعالج) ،والذاتي (الخلاق) في معالجة السينما الوثائقية للمادة
الحياتية ،وللظواهر الموجودة موضوعيا (أي وجوديا) في الحياة الانسانية ،بحيث يشكل الواقع
المادة الخام التي يستخرج منها المبدع كل ما هو جديد ،دون الاكتفاء بنسخ هذا الواقع وعرضه
على الشاشة ،أي عبر التأكيد على أهمية وحتمية توافر عناصر الص ارع الد ارمي في الفيلم
الوثائقي ،بسبب ورغم تعامله مع الواقع ذاته ،بما هو عليه.
12