Page 9 - تنوير 4-8
P. 9

‫لجنة الفلسفة وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا ‪ -‬المجلس الأعلى للثقافة‬

‫محـض دمويـة أي مجـرد رد فعـل عبثـي علـى الأزمـة التـي روحانـي معتـدل يكشـف عـن الرؤيـة القرآنيـة للوجـود طريقـا‬

‫لاسـتقطاب الحـوار الحـي مـع الله‪.‬‬                                  ‫يعيشـها العالـم العربـي الإسـامي‪.‬‬

   ‫وبنـاء علـى مـا تقـدم‪ ،‬نؤكـد علـى أهميـة القضايـا المثـارة‬      ‫هكـذا يتـم التأكيـد علـى التشـابك بيـن الأسـاطير الثـاث‪،‬‬
‫في هذا الكتاب‪ ،‬من حيث اختيار الظاهرة موضع الد ارسة‬                 ‫حيـث إن (الخلافـة الشـرعية) ترتبـط جدليـا عبـر الادعـاء‬
‫والبحـث المتعمـق‪ ،‬ومـن منظـور منهجيـة العمـل والأسـلوب‬             ‫بـ الحاكميـة السياسـية والمتلازمـة السـلبية لهـذا الادعـاء‬
‫التنويـري للكاتـب‪ ،‬وفـي ضـوء الجـدل الدائـر والمثـار فـي‬           ‫كالتطـرف والإرهـاب ضـد كل النظـم القائمـة‪ ،‬بدعـوى أنهـا‬
‫الفضـاء الثقافـي والدينـي‪ ،‬الـذي تطلـب ضبـط المفاهيـم‬              ‫جاهلـة وضـد كل القيـم‪ ،‬بـل هـي بدعـة وكل بدعـة ضلالـة‪.‬‬
‫والاسـتناد إلـى مقـولات العلـم والمعرفـة العقلانيـة التنويريـة‬     ‫كمـا تتوهـم الأسـطورة الثانيـة (الهويـة المغلقـة) بـأن الانفتـاح‬
‫الموسـعة‪ ،‬وبنـاء علـى التحليـل الجـاد والملتـزم والمتعمـق‬          ‫علـى الآخـر ليـس فقـط انسـحاقا حضاريـا بـل أيضـا ينـال‬
‫الـذي اتخـذه الكاتـب أسـلوبا رصينـا لـه فـي تنـاول قضايـاه‪،‬‬        ‫مـن الإسـام‪ ،‬ويأتـي مـن تلـك الأسـاطير ترسـيخ حـركات‬
‫هكـذا بـرز كل ذلـك بوضـوح ودقـة فـي صياغـة النـص‪،‬‬                  ‫التطـرف والعنـف و(الجهـاد الحربـي) بذريعـة تحريـر‬
‫واختيـار القضايـا المطروحـة للتحليـل‪ ،‬كمـا جـاءت فـي ثنايـا‬        ‫الضميـر واللجـوء إلـى الكفـاح الجسـدي‪ ،‬فالجهاديـون فـي‬
‫الكتـاب‪ ،‬إضافـة إلـى تميـز الكاتـب بامتـاك ناصيـة الجمـع‬           ‫دنيـا الإسـام يعرفـون كيـف يموتـون بحثـا عـن الشـهادة‪.‬‬
‫بيـن السـيولة المعرفيـة الموسـوعية المتدفقـة لديـه وآليـات‬
‫التحليـل الثقافـي العقلانـي الـذي نهجـه باقتـدار فـي هـذا‬          ‫وفـي خاتمـة الكتـاب قـدم الباحـث الأكاديمـي عنوانا (دالا‬
                                                                   ‫علـى واقعنـا) “مـن نفـق الخلافـة السياسـية إلـى أفـق الخلافـة‬
                          ‫‪.‬العمـل الأكاديمـي المنضبـط‬              ‫الحضاريـة” يقـول فيـه نصـا‪“ :‬اليـوم بعـد خمسـة عشـر قرنـا‬
                                                                   ‫علـى انبثـاق الحضـارة العربيـة مـن رحـم إسـام عقلانـي‬
‫لـذا ُنثمـن دعـوة الباحثيـن وطـاب البحـث ممـن لديهـم‬               ‫متمـدن‪ ،‬تبـدو مجتمعاتنـا أمـام موجـة ريـاح عكسـية‪ ،‬تهـب‬
‫الرغبـة الجـادة فـي كشـف ملامـح التـ ارث الفكـري والثقافـي‬         ‫مـن قلـب إسـام سياسـي‪/‬جهادي‪/‬طائفي تبغـي اقتلاعهـا‬
‫العربـي الإسـامي مـن المنظـور التنويـري والتجديـد الفكـري‬          ‫مـن جذورهـا‪ ”....‬ومـن ثـم تبـدو حاجتنـا الشـديدة إلـى إعـادة‬
‫إلـى قـ ارءة مـا جـاء فـي هـذا العمـل مـن قضايـا وإشـكاليات‬        ‫تأسـيس الوجـود العربـي علـى قاعـدة أكثـر القيـم الإنسـانية‬
‫وحـوا ارت وجـدل مثـار حـول جدليـة العلاقـة بيـن (السـلطة‬           ‫تفتحـا وعصريـة فـي الإسـام‪ ،‬بمـا يضمـن عودتـه مكونـا‬
                                                                   ‫روحًّيـا يحقـق الأمـن النفسـي والانسـجام الأهلـي والسـلم‬
                                    ‫وال ُهويـة والعنـف)‪.‬‬           ‫المجتمعـي مـن خـال “الاسـتخلاف الإلهـي”‪ ،‬كمبـدأ‬

                                                                ‫‪9‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14