Page 199 - merit mag 36- dec 2021
P. 199
بهذه البساطة ،التي لا تخلو من تبدو للوهلة الأولى دارجة
صدق ،يتشكل وعي إبراهيم داود، ومستعملة .وبالرغم من
الصحفي والشاعر ،في الآن نفسه. كثرة هذه الكلمات المفتاحية،
إلا أن لشاعرنا كلمات أثيرة
غير أنه لا يفوتنا أن نبرز الفارق تتكرر كثي ًرا في دواوينه،
الشاسع بين بساطة الصحفي أحيا ًنا في شكل العنوان
وبساطة الشاعر ،فبساطة الأول وأحيا ًنا داخل النص ،وفي
قد تخل بمصداقيته أمام الناس كل الأحوال ،تلعب هذه
لأنها قد تظهر حقيقة وتحجب الكلمات دو ًرا كبي ًرا في إبراز
جمالية القصائد وإزاحة
أخرى ،أما بساطة الأخير فمن النقاب عن الرؤية الخاصة
شأنها أن تدعم هذه المصداقية التي يقدمها الشاعر ،والتي
تعكس مخزو ًنا حيًّا من الثراء
ص.)٧ الواقعي والمثالي.
وكما كانت الموسيقى ففي قصيدة «جنون» يرد الحياتي والفني.
بمثابة الأمل فهي أي ًضا ذكر الموسيقى باعتبارها ومن هذه المفردات نختار
بمثابة الحياة ،وعلامة «الموسيقى» و»الرائحة».
على الفرح وعلى الوجود، الأمل المختبئ في مكان
وعندما تتوقف الموسيقى، ما ،بالرغم من غياب -1الموسيقى:
فإن الحزن والجرح يحلان
محلها وتفقد الصور الموسيقيين القادرين على تتردد كثي ًرا مفردة
الملونة ألقها الذي شع ذات استدعاء الأمل بعد أن «الموسيقى» لدى إبراهيم
مرة قبل أن يطويه الغياب، تأخرت السعادة و ُجنت داود ،وفي كل مرة تعكس
المدينة ،فنقرأ: دلالة جديدة ،ما يجعلنا
فيقول داود: نتساءل عن سر احتفائه
«الحزن هذه المرة جارح «الموسيقى معلقة في مكان بهذه المفردة ،فإذا لم يكن قد
والذين تركتهم وخرجت ما مارس العزف على الحقيقة
فيكفي أنه بدأ كتابة الشعر
توقفوا عن تشغيل ولا يوجد موسيقيون
الموسيقي في الشرفة كأننا في حرب بديوانين غنائيين ،أي
ولم تعد قمصانهم ملونة ينتميان إلى الشعر الموزون
كما تظهر في الصورة» ..وكأننا انتصرنا
(كن شجا ًعا هذه المرة، السعادة تأخرت والمقفى الذي يعتمد على
والمدينة القديمة الموسيقى الخارجية .فهو هنا
ص.)٣٦ أصابها الجنون في ميدان قصيدة النثر ،الذي
وتأتي الموسيقى في ..تضحك
قصيدة «جهل» مرادفة خاضه ببراعة ،يبدو وكأنه
تضحك بصوت عال ما زال يبحث عن الموسيقى
في عزاءات عشاقها» بوصفها الضامن الحقيقي
(كن شجا ًعا هذه المرة،
لشعرية القصيدة ،لكن في
صورتها الداخلية وحضورها
الأثيري الشفاف الواقع
ما بين المادي والروحي،