Page 101 - Jj
P. 101

‫‪99‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                     ‫كنت دائ ًما هناك أمد يدي إليها من بعيد‪ ..‬أمد لها‬
                            ‫يدي تلك التي لم تلتقطها ولا مرة واحدة‪.‬‬

                    ‫في عمر السابعة عشرة كانت أجمل من أن تتحمل‬
                     ‫عيني وروحي جمالها‪ ،‬ولأول مرة تراني وتكون‬

                        ‫قريبة مني‪ ،‬لأول مرة تلتقط يدي التي مددتها‬
                      ‫لها منذ سنوات‪ ،‬حين وقعت على الأرض بعد أن‬
                   ‫صدمها بعض الشباب بدراجاتهم بهدف معاكستها‬

                                                  ‫والسخرية منها‪.‬‬
                           ‫مددت لها قلبي قبل يدي؛ فتصلبت عيناها‬
                    ‫الواسعتان على وجهي وأخذت تنتقل ببصرها من‬
                   ‫جبهتي مرو ًرا بحاجبي وعيني وأنفي‪ ،‬وتوقفت عند‬
                      ‫شفت َّي قلي ًل وذقني‪ ،‬أخذت تتعرف على ملامحي‬
                       ‫بأصابع يدها وكأنها ترى إنسا ًنا لأول مرة‪ ،‬لا‬
                      ‫أذكر كيف انتهى ذلك وكيف أوصلتها إلى بيتها‪،‬‬
                    ‫كل ما أتذكره أني شممت رائحة قرنفل تنبعث من‬
                    ‫ثيابها و كأن قارورة عطر من القرنفل قد ُكسرت‬
                     ‫أو تم سكبها على ملابسي وكامل جسدي‪ ..‬كيف‬
                     ‫لامرأة خرساء أن تتحول لشجرة قرنفل ضخمة‬

                                     ‫تمتد أغصانها لتخترق جسدي‪.‬‬
                    ‫قالت لي العجوز التي تقوم برعايتها إنها آخر ابنة‬
                     ‫من نسل عائلة «شجرة القرنفل» والتي لا ُيعرف‬

                         ‫إلى أي زمن تنتمي إليه هذه العائلة‪ ،‬وأن آخر‬
                    ‫النسل صام ٌت ويفرز جسده القرنفل حين يقع في‬
                   ‫الحب‪ ،‬كأن الشجرة ُزرعت داخلها‪ ،‬وبموتها تموت‬

                                      ‫الشجرة ونسل عائلة بأكملها‪.‬‬
                   ‫وحكت لي العجوز عن الجدة الأم لهذه العائلة‪ ،‬التي‬
                    ‫عرفت السر أول مرة‪ ،‬وكان عليها أن تحذر بناتها‬

                      ‫علّهن يحظين بفرصة أكبر للنجاة وطول العمر‪،‬‬
                       ‫ونظ ًرا لصغر سنهن قامت بجمع نساء عائلتها‬
                   ‫اللائي يتشاركن معها السر نفسه‪ ،‬فليس أسوأ من‬

                         ‫أن تنجب الأم بنتًا تعول هم عمرها القصير‪.‬‬
                         ‫إنهن تعيسات أو محظوظات على الأرجح أن‬

                             ‫يمتلكن سر حياتهن وسر موتهن أي ًضا‪.‬‬
                                    ‫ليس ثمة مشكلة في عمر الذكور‪،‬‬

                                  ‫ففي تاريخ العائلة يعمر ذكور هذه‬
                                  ‫العائلة دون إناثها‪ ،‬فقد يبلغ الذكر‬
                                   ‫المائة عام‪ ،‬ومنهم من يصل عمره‬

                                        ‫للمائة والعشرين مثل أعمار‬
                                           ‫باقي القرية‪ ،‬بينما الإناث‬
   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106