Page 136 - merit 36- dec 2021
P. 136

‫العـدد ‪36‬‬                         ‫‪134‬‬

                                     ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫العالم سيحتاج إلى تطور نموذج‬                 ‫ووصلت الدراسة لذروة‬              ‫المكون الأنجلو ساكسوني‬
     ‫إنساني جديد يشغل الفراغ‬                 ‫فرضياتها عندما طرحت‬             ‫الذي حملته بريطانيا وساد‬
                                         ‫فرضية تفسيرية تعيد تأويل‬          ‫في مستعمراتها الجديدة وعلى‬
 ‫الذي تتركه «المسألة الأوروبية»‬       ‫مسار الفلسفات العليا في الحالة‬       ‫رأسها أمريكا وأستراليا‪ ،‬وأن‬
   ‫وتفككها ومحاولتها تصحيح‬                ‫الأوروبية والغربية؛ وتقول‬        ‫هذا المكون في هيمنته استعاد‬
    ‫مسارها الحضاري‪ ،‬وسنجد‬                ‫بتصدع «المشترك المجتمعي»‬         ‫التطرف والعنصرية التاريخية‬
    ‫أن النموذج الصيني لا يقدم‬          ‫بين المتون الجرمانية الحاكمة‪،‬‬       ‫الكامنة خلف القشور الثقافية‬
                                          ‫وبين النخب الثقافية خارج‬      ‫الأخرى‪ ،‬وأن هذا النمط المتطرف‬
‫تمايز ًيا ثقافيًّا واض ًحا لانتصاره‬    ‫السلطة ومعها القواعد الشعبية‬           ‫وصل لذروته مع الرئيس‬
 ‫للثنائية الحدية القديمة واختيار‬              ‫والجماهيرية الجرمانية‬      ‫الأمريكي السابق دونالد ترامب‬
                                         ‫الرافضة للمتلازمات الثقافية‬
    ‫المادية الشيوعية على حساب‬            ‫التاريخية للذهنية الجرمانية‬                ‫الجمهوري اليميني‪.‬‬
‫المادية الليبرالية‪ ،‬وكذلك النموذج‬          ‫والمسألة الأوروبية‪ ،‬مقدمة‬           ‫وأثبتت الدراسة الفرضية‬
 ‫الروسي يعيد إنتاج التناقضات‬           ‫قراءة لفلسفات ما بعد الحداثة‬     ‫الإشكالية الرئيسية التي طرحتها‬
                                      ‫بوصفها رد فعل لهيمنة الذهنية‬           ‫فيما يخص استمرار هيمنة‬
  ‫نفسها مع خلال ثنائية جديدة‬            ‫الجرمانية وتمثلات للحياة في‬         ‫«الذهنية الجرمانية»‪ ،‬وتفجر‬
  ‫يستند لها مشروع الأوراسية‬           ‫ظل خضوع الهامش الفوضوي‬                ‫تناقضاتها مع صعود المكون‬
                                     ‫لمتن عصي على المواجهة المباشرة‬         ‫الأنجلو ساكسوني‪ ،‬حتى في‬
     ‫الجديد تقوم على «المسيحية‬         ‫والاستجابة الناعمة المنطقية أو‬       ‫ظل تنحي اليمين الجمهوري‬
      ‫الشرقية الأرثوذكسية» في‬                                           ‫الأمريكي وصعود الديمقراطيين‬
      ‫مواجهة «المسيحية الغربية‬                               ‫العقلية‪.‬‬     ‫مع بايدن‪ ،‬وأن النمط المتطرف‬
 ‫البروتستانتية»‪ ،‬ويبقى النموذج‬              ‫وطرحت الدراسة فرضية‬            ‫الكامن والمضمر يفرض نفسه‬
      ‫العربي بمفصليته الثقافية‬        ‫استشرافية محددة للغاية تربط‬        ‫على كافة التمثلات القابعة خلف‬
  ‫الكامنة مع ثورات العقد الثاني‬         ‫عملية «التصحيح الحضاري»‬         ‫كل الظواهر‪ ،‬والشعارات الثقافية‬
   ‫من القرن الحادي والعشرين‬                ‫الكبير المرتقب للمتلازمات‬       ‫أو السياسية دون تفرقة‪ ،‬لأنه‬
  ‫هو المرشح الغائب عن المشهد‪،‬‬               ‫الثقافية المرتبطة بالذهنية‬     ‫هو المكون الأساسي والحاكم‬
‫لكنه ما زال يفتقد للمركز الناجح‬      ‫الجرمانية‪ ،‬و»المسألة الأوروبية»‬           ‫والذي كان يختفي بهدوء‬
  ‫القادر على تقديم نفسه إقليميًّا‬        ‫الراهنة في المتون والهوامش‬        ‫تحت السطح بطبقاته المختلفة‬
                                           ‫بمسارين رئيسيين؛ الأول‬
                        ‫وعالميًّا‬          ‫هو فكرة استعادة «التقييم‬                          ‫والمتنوعة‪.‬‬
                                       ‫الاتفاقي العالمي» لفكرة «القيم»‬    ‫وقاربت الدراسة فرضية تقول‬
                                     ‫والأخلاقيات والدين والروحيات‪،‬‬
                                        ‫والثاني هو التخلي عن ظاهرة‬           ‫بأن «الذهنية الجرمانية» في‬
                                          ‫سياسية تمثل راسبًا ثقافيًّا‬   ‫«المسألة الأوروبية» ومتلازماتها‬
                                      ‫شا ًّذا تحافظ عليه متون الذهنية‬
                                         ‫الجرمانية شر ًقا وغر ًبا حتى‬       ‫الثقافية تتسم بأنها قد تكمن‬
                                       ‫الآن‪ ،‬وهي الظاهرة الصهيونية‬        ‫داخل قشرة طبقية‪ /‬مادية يتم‬
                                        ‫العنصرية التي تدعمها المتون‬      ‫تقديمها كرطانة للاختيار المادي‬
                                           ‫الجرمانية التاريخية كافة‪.‬‬    ‫الحدي‪ ،‬لكنها في العمق تعمل من‬
                                          ‫ويجوز القول في الختام إن‬      ‫خلال مشغلات هوياتية وثقافية‬

                                                                             ‫تنتمي لسمات غياب المرونة‬
                                                                        ‫الحضارية التاريخية‪ ،‬التي ترتبط‬

                                                                              ‫بالذهنية الجرمانية عمو ًما‪.‬‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141