Page 132 - merit 36- dec 2021
P. 132

‫العـدد ‪36‬‬                          ‫‪130‬‬

                                    ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

   ‫بلدان العالم المختلفة‪ ،‬الدراسة‬       ‫في نهاية مؤتمر حزب العمال‬             ‫أو تغيير مسارها من تلقاء‬
  ‫أظهرت تزايد أهمية الدين لدى‬          ‫الاشتراكي‪ ،‬الذي استمر ثلاثة‬                               ‫نفسه‪.‬‬
  ‫الألمان‪ ،‬حيث يعتبره ‪ 70‬بالمائة‬
  ‫منهم أم ًرا مه ًّما‪ ،‬مقابل ‪ 29‬من‬        ‫أيام في مدينة فالنسيا‪ ،‬قال‬          ‫وفيما يخص المسار الأول‬
‫«اللادينيين»(‪ ،)27‬كما أنه «إضافة‬          ‫سانشيز إن هذه الممارسة‬            ‫المتعلق بـ»القيم» والتصحيح‬
                                          ‫تستعبد النساء»(‪ ،)25‬وذلك‬         ‫الحضاري الكبير المرتبط بها‪،‬‬
     ‫إلى ذلك فإن الدراسة تشير‬           ‫في تمرد مزدوج على «المادية‬      ‫يمكن أن نجمل التمثلات الخاصة‬
     ‫إلى فجوة في نسبة المؤمنين‬         ‫الليبرالية» الجرمانية المتطرفة‬        ‫بتشقق «الذهنية الجرمانية»‬
  ‫بالله بين أمريكا ومعظم الدول‬                                          ‫وتصدع هيمنتها في أوروبا تحت‬
  ‫الأوروبية‪ ،‬حيث إن ‪ 89‬بالمائة‬              ‫هذه المرة‪ ،‬ففكرة الحرية‬        ‫عنوان مهم وهو‪ :‬فجوة المتون‬
‫من الأمريكيين ينتمون إلى عقائد‬          ‫الجنسية المطلقة المتحررة من‬         ‫والقواعد وترقب «التصحيح‬
 ‫دينية أما نسبة التدين فوصلت‬         ‫الأخلاق تحولت وفق «الليبرالية‬          ‫الحضاري» الكبير نحو فكرة‬
                                    ‫المادية» المنفلتة إلى تجارة تستعبد‬    ‫«القيم» والروحيات والأخلاق‪،‬‬
             ‫إلى ‪ 62‬بالمائة»(‪.)28‬‬       ‫النساء بد ًل من أن تحررهن‪،‬‬       ‫بمعنى اتساع الفجوة بين تقاليد‬
  ‫وفي السياق نفسه يمكن النظر‬            ‫في تمرد واضح على مسلمات‬           ‫المتون «القيمية» وميول القواعد‬
‫لاستعادة المكون الديني المسيحي‬       ‫وأسس الاختيار المادي المتطرف‬            ‫الشعبية والجماهيرية تجاه‬
                                                                            ‫مسارات «القيمية» ذاتها‪ ،‬أي‬
     ‫في روسيا ما بعد الشيوعية‬                     ‫في شكله الليبرالي‪.‬‬      ‫زيادة الهوة بين «تقاليد القيم»‬
       ‫والاتحاد السوفييتي‪ ،‬مع‬         ‫بالإضافة إلى عشرات الظواهر‬          ‫عند النخب الثقافية والتراتبات‬
                                                                            ‫الاجتماعية الموجودة في المتن‬
‫المشروع الذي عرف بالأوراسية‬               ‫التي تؤكد على تجاوز عقد‬            ‫وجوهر الحاضنة الأوروبية‬
    ‫الجديدة‪ ،‬ففيه وجد المفكرون‬         ‫المسألة الأوروبية تجاه المكون‬        ‫وبلدانها عمو ًما‪ ،‬وبين الميول‬
                                                                           ‫والتوجهات الشعبية والقاعدة‬
‫الشيوعيون القدامي عودة الدين‬            ‫الأخلاقي والقيمي؛ يمكن أن‬         ‫الشعبية التي توجد في الهامش‬
    ‫ليأخذ مكانته بين الناس بعد‬      ‫تجدها في رفض الصورة النمطية‬              ‫تجاه «تقاليد القيم» نفسها‪،‬‬
                                    ‫للذهنية الجرمانية في تحرر المرأة‬         ‫وهناك العشرات من الأمثلة‬
  ‫سقوط الاتحاد السوفييتي عام‬         ‫وربطها بالعري وتمثلاته‪ ،‬فمث ًل‬       ‫على إرهاصات استعادة الشعار‬
 ‫‪1990‬م‪ ،‬فحاولوا ألا يصطدموا‬         ‫قد «اختار فريق الجمباز الألماني‬     ‫«القيمي» بعي ًدا عن المتون الثقافية‬
                                                                             ‫الحاكمة للذهنية الجرمانية‪.‬‬
   ‫مع الناس واستعادتهم لفكرة‬           ‫للسيدات ارتداء ملابس تغطي‬
 ‫الدين لكنهم سعوا لكي يوظفوا‬           ‫الجسم بالكامل في التصفيات‬               ‫فمث ًل في موضوع الحرية‬
  ‫ذلك في مقاربة حضارية تقوم‬                                                 ‫الجنسية وتحولها إلى تجارة‬
  ‫على الصدام مجد ًدا مع الغرب‪،‬‬            ‫خلال أولمبياد طوكيو أمس‬       ‫مشروعة باسم التحرر الأخلاقي‬
  ‫بالاستناد على الاستقطاب بين‬       ‫الأحد‪ ،‬في خطوة قال عنها الفريق‬           ‫والحرية الشخصية‪ ،‬ظهرت‬
                                    ‫إنها تهدف لتعزيز حرية الاختيار‬           ‫الدعاوى التي تسعى لحظر‬
     ‫المسيحية الروسية الشرقية‬        ‫وتشجيع السيدات على ارتداء ما‬
    ‫الأرثوذكسية وبين المسيحية‬                                                   ‫الحرية الجنسية مدفوعة‬
    ‫الغربية البروتستنانتية‪ ،‬وفي‬        ‫يجعلهن يشعرن بالراحة»(‪.)26‬‬         ‫الأجر‪ ،‬وفي إسبانيا (بلد القوط‬
   ‫سياق ما أسموه الصراع بين‬               ‫وعلى مستوى مكانة الدين‬           ‫الجرمانيين) قد «تعهد رئيس‬
     ‫قوى البر الأوراسية بقيادة‬
  ‫روسيا وقوى البحر الأطلسية‬           ‫نفسه أخذ الأمر تطو ًرا مختل ًفا‬           ‫الوزراء الإسباني‪ ،‬بيدرو‬
                                        ‫بعدما كان الربط شدي ًدا بين‬        ‫سانشيز‪ ..‬بتجريم الدعارة في‬
       ‫بقيادة أمريكا‪ ،‬في محاولة‬                                            ‫البلاد‪ ،‬وفي حديثه إلى مؤيديه‬
     ‫لتوظيف عودة الدين للناس‬         ‫الحداثة والعلمانية وبين تجاهل‬
 ‫لإعادة إنتاج «المسألة الأوربية»‬      ‫المكون الديني عمو ًما وليس في‬
      ‫وثنائياتها الحدية القديمة‪.‬‬     ‫شكله الكهنوتي فقط‪ ،‬ففي ألمانيا‬
    ‫أما فيما يخص المسار الثاني‬
     ‫للتصحيح الحضاري الكبير‬              ‫«قامت مؤسسة بيرتلسمان‬
                                        ‫الألمانية بإجراء دراسة دولية‬

                                           ‫لقياس نسبة المتدينين في‬
   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137