Page 128 - merit 36- dec 2021
P. 128

‫العـدد ‪36‬‬                         ‫‪126‬‬

                                  ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫ستقوم على مبدأ مهم للغاية‪،‬‬    ‫الماضي‪ ،‬وهي نمط الانفصال بين‬            ‫وهيمنتها المطلقة داخليًّا على‬
   ‫وهو تطوير فلسفات للهامش‬        ‫«المتون والهوامش»‪ ،‬أي أن المتون‬       ‫الهوامش تلك من جهة أخرى‪.‬‬
  ‫وأبنيته في الأكاديمية والثقافة‬  ‫الرئيسية التي تعتمد عليها الدول‬
                                                                           ‫تاريخيًّا سنجد أنه في فترة‬
     ‫وبعض المستويات الشعبية‬         ‫الغربية والتي تقوم على الأبنية‬      ‫الحرب العالمية الأولى والحرب‬
 ‫تمارس حياتها‪ ،‬في ظل اعترافها‬       ‫والتراتبات الاجتماعية الحاكمة‬
 ‫بالعجز عن تغيير فلسفة المتون‬       ‫فعليًّا لاختيارات تلك الدول على‬        ‫العالمية الثانية وما بعدهما‬
‫الكبرى لأبنية المجتمع وتراتباته‬                                      ‫ظهرت أزمة «الذهنية الجرمانية»‬
                                       ‫مستوى السياسات الكبرى‬         ‫الكبرى‪ ،‬وعجز «الاختيار الحدي»‬
                   ‫الاجتماعية‪.‬‬    ‫والخارجية وفلسفاتها‪ ،‬ستنفصل‬         ‫الجديد ‪-‬عن التطرف «المادي»‪-‬‬
 ‫أي يمكن القول إن فلسفات «ما‬
  ‫بعد الحداثة» وفشل «الاختيار‬        ‫عن الأبنية الهامشية والفرعية‬         ‫سواء الليبرالي أو الشيوعي‬
                                   ‫لتلك الدول في أبنيتها وتراتباتها‬    ‫عن بناء الجنة المقدسة الجديدة‬
     ‫الحدي» القائم على التطرف‬                                           ‫على الأرض‪ ،‬حيث أثبت الواقع‬
‫المادي في مرحلة الحداثة بالموجة‬         ‫الاجتماعية وفلسفاتها غير‬      ‫عجز الموجة الحضارية الأوربية‬
                                   ‫المؤثرة‪ ،‬التي قد تتثمل في بعض‬
    ‫الحضارية الأوروبية الثالثة‬                                            ‫الثالثة بشعارتها عن المادية‬
   ‫الحالية بمؤثراتها الجرمانية‪،‬‬        ‫الدوائر الأكاديمية والثقافية‬      ‫والعلمانية عن تجاوز فظائع‬
   ‫هي مجرد «فلسفات للتكيف»‬           ‫والسينمائية والآراء الشعبية‪.‬‬    ‫الموجة الحضارية الأوربية الثانية‬
‫والتعايش من جانب الهوامش في‬                                          ‫التي تمت باسم الدين والكهنوت‪،‬‬
                                         ‫ومن خلال هذه الهوامش‬              ‫كانت النتيجة موت الملايين‬
     ‫ظل هيمنة المتون الرئيسية‪.‬‬    ‫سنلاحظ أن «الذهنية الجرمانية»‬           ‫وحربان فظيعتان مروعتان‪.‬‬
‫أي بوضوح أكثر تطرح الدراسة‬         ‫والقائمين عليها هنا سيطورون‬       ‫هنا سيظهر نمط جديد وملاحظة‬
                                                                      ‫مهمة في النموذج الغربي عمو ًما‬
   ‫وبأمثلة تطبيقية في مرحلة ما‬        ‫نو ًعا ما من «فلسفة التكيف»‬       ‫تدلل على بداية تفكك «الذهنية‬
     ‫بعد الحداثة وفلسفاتها بعد‬    ‫العامة‪ ،‬تواكب السياق الحضاري‬        ‫الجرمانية» التاريخية منذ القرن‬
                                  ‫الجرماني الخاص بهم في الموجة‬
 ‫الحربين العالميتين؛ أن فلسفات‪:‬‬
      ‫التجاور بين القيم وتحييد‬        ‫الحضارية الأوروبية الثالثة‪،‬‬
                                       ‫فلسفة التكيف الخاصة بهم‬
   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133