Page 125 - merit 36- dec 2021
P. 125

‫وفي سبيل بناء "النموذج المعرفي" الذي‬                                    ‫جورج فلويد‬
‫تفترضه هذه الدراسة؛ سوف تتبع خلفيات‬
 ‫اتفاقية أوكوس وظهورها‪ ،‬وما صاحبها‬

     ‫من ردود فعل على كافة المستويات‪،‬‬
    ‫مقدمة قراءة ثقافية لعوامل ظهورها‬
‫وآثارها ترصد حضور "الذهنية الجرمانية"‪،‬‬

      ‫وتؤكد على أزمة "المسألة الأوروبية"‬
   ‫وتحول سماتها الثقافية إلى "متلازمات‬
  ‫ثقافية" (‪ )Cultural Syndromes‬عنصرية‬

                        ‫تستعصي على الحل‪.‬‬

‫الأوربية كـ»فلسفة عليا» حاكمة‪،‬‬            ‫استمرار العمل باشتراطات‬            ‫الأمة أو الجماعة البشرية في‬
 ‫والجدل الذي تجاوزت البشرية‬            ‫الملاك أو أصحاب رؤوس المال‪،‬‬       ‫أوروبا بنيا ًنا إثنيًّا كليًّا تتحكم به‬
  ‫ظرفيته بين اشتراطات ماكينة‬          ‫والشيوعية التنميطية التي سعت‬       ‫العوامل الثقافية المشتركة كعامل‬

    ‫العمل وفق الانتصار للملاك‬             ‫للضغط عبر تحويل «التمايز‬             ‫أساسي‪ ،‬وطبق هذا الفريق‬
  ‫أو أصحاب رؤوس الأمول‪ ،‬أو‬            ‫العمالي» وطبقته لأداة سياسية‪.‬‬         ‫تصوره على واحدة من الدول‬
                                                                         ‫الجرمانية وهي ألمانيا التي قامت‬
    ‫اشتراطات «التمايز العمالي»‬           ‫كانت هذه الفكرة في عمومها‬         ‫على قبيلة الألمان وغيرهم‪ ،‬حيث‬
   ‫والانتصار له كأداة سياسية‪،‬‬              ‫والتي اعتمدت عليها المادية‬       ‫«الفريق الثاني اعتب َر أن الأمة‬
 ‫وهي «الثنائية الحدية» المركزية‬                                            ‫تملك أسا ًسا موضوعيًّا متمث ًل‬
 ‫في «الذهنية الجرمانية» المتعلقة‬            ‫الشيوعية أكثر من مجرد‬        ‫بالقاعدة الإثنية كما لدى أنطوني‬
                                           ‫ظرفية تاريخية عابرة‪ ،‬وأن‬       ‫سميث‪ ،‬الأمة الألمانية قامت على‬
      ‫بالمادية الليبرالية أو المادية‬  ‫التمايز العمالي كان مجرد لحظة‬        ‫أساس من تاري ٍخ مشترك ولغة‬
    ‫الشيوعية‪ ،‬خاصة بعد تفكك‬                 ‫ارتبطت بعصر الصناعات‬         ‫مشتركة وتقاليد كتابية وثقافية‪،‬‬
‫اللحظة التاريخية للتمايز العمالي‬      ‫كثيفة العمالة‪ ،‬التي كانت مجرد‬         ‫ش ّكلت مجتمع ًة الهوية الإثنية‬
     ‫مع تجاوز عصر الصناعات‬              ‫مرحلة في التاريخ البشري تم‬        ‫للألمان‪ ،‬والتي قامت عليها الأمة‬
  ‫كثيفة العمالة واقعيًّا‪ ،‬ومعنو ًّيا‬    ‫تجاوزها الآن تما ًما‪ ،‬بالاعتماد‬
    ‫بعد تفكك الاتحاد السوفيتي‬         ‫على التقنيات والآليات وتخفيض‬                          ‫الألمانية»(‪.)21‬‬
 ‫كممثل للفلسفة العليا والصراع‬             ‫العنصر البشري في العمالة‪،‬‬      ‫من ثم تكون فكرة التمايز العمالي‬
 ‫بين الليبرالية المادية والليبرالية‬   ‫حتى وصل في بعض الصناعات‬
                                                                          ‫(البروليتاريا) في بنية التراتبات‬
                     ‫الشيوعية‪.‬‬                            ‫إلى الصفر‪.‬‬        ‫الاجتماعية التي اعتمدت عليها‬
   ‫وهذا هو مصدر مهم ومؤشر‬                ‫بما يجعل من المهم التصريح‬        ‫المادية الأوروبية مجرد رد فعل‬
 ‫عام لتفكك «الذهنية الجرامنية»‬          ‫أن الظاهرة البشرية في حاجة‬           ‫للذهنية الجرمانية واختيارها‬
                                        ‫لمحركات ودوافع تتجاوز وهم‬        ‫المادي المتطرف؛ ما بين الليبرالية‬
           ‫و»المسألة الأوروبية»‬
   ‫ومتلازماتها الثقافية المرتبطة‬            ‫«الاختيار الحدي» للمادية‬         ‫المنفلتة التي انتصرت لماكينة‬
   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129   130