Page 120 - merit 36- dec 2021
P. 120

‫العـدد ‪36‬‬                        ‫‪118‬‬

                                    ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

     ‫وفي وقائع جرت على أرض‬              ‫تخبرنا بأن الأنماط الثقافية‬   ‫مجد ًدا‪ ،‬وذلك لأن الاختيار المادي‬
      ‫عربية في أثناء افتتاح فرع‬          ‫السائدة قرب نهاية دورتها‬     ‫المتطرف نفسه استنفد احتمالاته‬
 ‫لجامعة السوربون في الإمارات‪،‬‬       ‫الحياتية وقبل أن تتفكك وتتحلل‬     ‫ووصل لذرة الانسداد‪ ،‬و»الذهنية‬
                                      ‫تما ًما؛ يجب أن تستدعي أبرز‬
         ‫حيث اعتبروا «المشروع‬        ‫تناقضاتها وتبرز أكثر أفكارها‬        ‫الجرمانية» المتطرفة نفسها قد‬
   ‫[افتتاح فرع السوربون] يمثل‬           ‫تشد ًدا‪ ،‬قبل أن تزوي وتأفل‬      ‫وصلت لمرحلة العجز عن قبول‬
   ‫انتصا ًرا كبي ًرا للفرنسيين على‬                                       ‫التناقضات الحضارية القائمة‬
    ‫الانجلوسكسونيين‪ ،‬إذ يقول‬                              ‫وتموت‪.‬‬
                                    ‫وهذا المكون الأنجلو ساكسوني‬           ‫بشكلها الحالي‪ ،‬في ظل تحول‬
      ‫دانييل غولي ممثل «أورن»‬                                           ‫نموذجها الثقافي المادي بأبنيته‬
    ‫في البرلمان‪ ،‬ورئيس مجموعة‬            ‫استمر في الحضور في عهد‬
 ‫فرنسا ودول الخليج‪ :‬إننا نشهد‬          ‫الرئيس الأمريكي جو بايدن‪،‬‬          ‫«الثقافية العليا الفلسفية» إلى‬
                                      ‫من خلال الخصومة الفرنسية‬          ‫متلازمات وعقد ثقافية ترفض‬
      ‫منذ بضع سنوات صليبية‬                                             ‫التطوير والإصلاح والتصحيح‪.‬‬
   ‫أنجلوسكسونية حقيقية‪ ،‬ولذا‬             ‫في موضوع اللقاحات ضد‬
  ‫وجب أن نبرهن أننا لسنا أسوأ‬         ‫فيروس كوفيد ‪ 19‬والسخرية‬               ‫أي أن «الذهنية الجرمانية»‬
                                      ‫من دعوة بايدن لمجانية الملكية‬     ‫الجمعية كـ»ثقافة عاليا» كامنة‬
                ‫من الآخرين»(‪.)8‬‬     ‫الفكرية للقاحات‪ ،‬حيث «أضافت‬         ‫تمر بمرحلة تصحيح حضاري‬
     ‫ولقد التفت البعض إلى فكرة‬        ‫الصحيفة [فاينانشيال تايمز]‪:‬‬
‫الجرمانية وهيمنة المكون الأنجلو‬       ‫أن ماكرون استهدف الولايات‬             ‫للتشدد «المادي»‪ ،‬الذي هو‬
    ‫ساكسوني على النمط الثقافي‬           ‫المتحدة على وجه التحديد في‬           ‫اختيارها الأبرز في الموجة‬
 ‫الأوروبي‪ /‬الغربي السائد‪ ،‬لكن‬          ‫كلمته‪ ،‬مشي ًرا إلى أنها تحتفظ‬      ‫الحضارية الحالية (التي هي‬
‫لم تتمكن هذه الفكرة من التحول‬                                           ‫الموجة الثالثة في تاريح أوروبا‬
  ‫لتيار نظري قوى يواجه المتون‬            ‫بجرعات محلية الصنع من‬         ‫عمو ًما)‪ ،‬في حين ترفض أبنيتها‬
‫الجرمانية الحاكمة بقوة متجذرة‬          ‫اللقاحات للاستخدام المحلي‪..‬‬       ‫الكبرى وتراتباتها الاجتماعية‬
 ‫في المؤسسات الرئيسية الغربية‬           ‫وقال‪ :‬اليوم‪ ،‬يحجب الأنجلو‬        ‫التاريخية الاعتراف بذلك‪ ،‬بما‬
‫الأمريكية‪ ،‬فمث ًل التفت لها أستاذ‬                                      ‫يؤدي إلى عملية تمزقها وتفككها‬
   ‫الاقتصاد بجامعة نيويوك ذي‬               ‫ساكسون الكثير من هذه‬            ‫إلى عناصرها الأولية‪ ،‬مثلما‬
‫الأصول الشرقية نوريل روبيني‪،‬‬        ‫المكونات واللقاحات‪ .‬وعلينا الآن‬         ‫فعلت بريطانيا وتخلت عن‬
    ‫فعلى ضفاف المسألة خرجت‬          ‫معرفة ما هي المشكلة الحقيقية؟!‬    ‫أوروبا انتصا ًرا للمكون «الأنجلو‬
 ‫أسئلة مثل‪« :‬هل أدت بنا الإدارة‬                                        ‫ساكسوني» القبلي العرقي القح‪.‬‬
 ‫الضيقة‪ ،‬وأحادية الثقافة جمي ًعا‬        ‫حيث إن الأمر لا يتعلق ح ًّقا‬  ‫وذلك تواكبًا مع سياسات ترامب‬
  ‫إلى كارثة؟ هنالك من سيخبرك‬            ‫بالملكية الفكرية‪ ،‬التي يمكنك‬  ‫وانتصاره للرجل الأبيض المتعالي‬
‫بأنهما فع ًل كذلك‪ .‬ومنهم نوريل‬      ‫منحها لمختبرات لا تعرف كيفية‬           ‫«الأنجلو ساكسوني» أي ًضا‬
  ‫روبيني على سبيل المثال‪ ،‬حيث‬           ‫إنتاجها أو الحفاظ عليها»(‪.)7‬‬  ‫(باعتبار أن أمريكا هي مستعمرة‬
‫عرض أستاذ الاقتصاد في جامعة‬         ‫بما يدل على أن فرنسا الفرنجيه‬            ‫أسستها بريطانيا الأنجلو‬
   ‫نيويورك وجهة النظر هذه في‬                                              ‫ساكسونية قدي ًما)‪ ،‬مما فجر‬
    ‫الفاينانشيال تايمز قبل فترة‬            ‫(نسبة إلى قبيلة الفرنجه‬       ‫ثورة السود مع اغتيال جورج‬
    ‫قصيرة‪ .‬في العالم المالي‪ ،‬عنى‬       ‫الجرمانية) تستشعر بدورها‬          ‫فلويد في أمريكا‪ ،‬ودفع أنصار‬
  ‫نظامنا الأنجلو ساكسون القذر‬                                          ‫العنصرية الجرمانية أو الأنجلو‬
    ‫للمراقبة والتنظيم عمليًّا عدم‬          ‫تفكك وصعود العنصرية‬          ‫ساكسونية مع ترامب لاقتحام‬
‫وجود أي تنظيم إطلا ًقا‪ ،‬كما قال‪.‬‬     ‫والقبائلية الجرمانية‪ ،‬خصو ًصا‬       ‫مبنى الكابيتول في الانتخابات‬
   ‫وشجعت تعليقاته على صياغة‬          ‫من المكون الأنجلو ساكسوني‪،‬‬           ‫الرئاسية‪ ،‬مع الإشارة إلى أن‬
                                                                           ‫السنن والمسارات التاريخية‬
                                       ‫وهو الملمح الذي يغيب كثي ًرا‬
                                    ‫عن التحليل العربي‪ ،‬رغم وجود‬
                                    ‫سوابق معلنة لهذا العداء بعضها‬

                                      ‫يرجع لبدايات الألفية الجديدة‬
   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125