Page 122 - merit 36- dec 2021
P. 122

‫العـدد ‪36‬‬                        ‫‪120‬‬

                                         ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫فيمكن القول إن النمط نفسه‬              ‫على تناقضاتها الإنسانية تحت‬      ‫الغربية الثالثة‪ ،‬في طور سيادتها‬
         ‫الخاص بصعود النعرة‬              ‫السيطرة‪ ،‬في ظل هوس الاختيار‬              ‫الإمبراطوري بعد الحرب‬

      ‫«الأنجلو ساكسونية» ظهر‬               ‫المادي المتطرف وتمثلاته الذي‬      ‫العالمية الثانية وسقوط «البديل‬
      ‫بشكل أقوى كثي ًرا مع جو‬                 ‫هو مركز الموجة الأوروبية‬             ‫الحدي» الآخر متمث ًل في‬
  ‫بايدن «الديمقراطي» المحسوب‬
    ‫على الحريات والإنسانيات في‬            ‫الثالثة الحالية‪ ،‬وتكلست الدماء‬      ‫«المادية الماركسية» أي الاتحاد‬
‫التركيبة الأمريكية‪ ،‬عندما حدثت‬           ‫في عروقه‪ ،‬وأصبحت متلازماته‬             ‫السوفييتي‪ ،‬وانفراد «البديل‬
  ‫مفاجاة مدوية جديدة وانفصل‬
 ‫المكون «الأنجلو ساكسوني» عن‬                ‫الثقافية وأطروحاته أقرب إلى‬    ‫الحدي» الآخر الذي تمثله أمريكا‬
                                          ‫الدوجما والمقدس الجامد‪ ،‬الذي‬     ‫مع «المادية الليبرالية» بالسيطرة‪.‬‬
                 ‫أوروبا مجد ًدا‪.‬‬
     ‫وذلك عندما تم الإعلان عن‬                   ‫انتهت صلاحيته بالفعل‪.‬‬            ‫فقد كانت بريطانيا تنتصر‬
‫«اتفاقية أوكوس» التي وقعت في‬                   ‫‪ -3‬استمرار النمط الأنجلو‬       ‫لثقافة الهوية الجرمانية العليا‬
  ‫منتصف شهر سبتمبر الماضي‬                     ‫ساكسوني‪ :‬اتفاقية أوكوس‬
   ‫‪2021‬م؛ والتي وصلت لذروة‬                                                       ‫القبلية وتتجاوز كل قشور‬
    ‫المكون «الأنجلو ساكسوني»‬                                     ‫وبايدن‬       ‫وشعارات التمثلات السياسية‬
     ‫حيث جمعت الاتفاقية الدول‬                  ‫بالنظر إلى استمرار النمط‬
     ‫الثلاث التي يسود فيها هذا‬               ‫الأنجلو ساكسوني وتفجره‬              ‫والفكرية والفلسفية‪ ،‬كانت‬
     ‫المكون القبلي‪ ،‬وهي بريطانيا‬              ‫سنرى أنه وصل إلى ذروة‬         ‫بريطانيا تنتصر لقبيلة «الأنجلو‬
   ‫(الأصل) وأمريكا (المستعمرة‬               ‫جديدة مع الرئيس الأمريكي‬
   ‫السابقة لبريطانيا) وأستراليا‬            ‫الجديد جو بايدن‪ ،‬وبعد تنحي‬          ‫والساكس» وترتد للمحددات‬
    ‫(المستعمرة السابقة والتابعة‬              ‫اليمين الجمهوري الأمريكي‬       ‫الأولية للطبيعة البشرية للموجة‬
                                             ‫وصعود الديمقراطيين‪ ،‬وأن‬
              ‫للتاج البريطاني)‪.‬‬           ‫النمط المتطرف الكامن والمضمر‬        ‫الحضارية الأوروبية الحالية‪،‬‬
      ‫وكان لب الاتفاقية انفصا ًل‬                ‫سيفرض نفسه على كافة‬                ‫والتي تفتقد في جذورها‬
                                               ‫التمثلات القابعة خلف كل‬
         ‫جدي ًدا للمكون «الأنجلو‬         ‫القشور‪ ،‬والشعارات الثقافية أو‬     ‫التاريخية لـ»المرونة الحضارية»‬
         ‫ساكسوني» عن أوروبا‬               ‫السياسية دون تفرقة‪ ،‬لأنه هو‬              ‫وتتصف بالتشدد نتيجة‬
   ‫واصطفافه مع بعضه البعض؛‬               ‫المكون الأساسي والحاكم والذي‬
      ‫حيث أعلنت أستراليا فسخ‬             ‫كان يختفي بهدوء تحت السطح‬           ‫خروجهم من الغابة متأخ ًرا في‬
‫تعاقدها مع فرنسا لشراء صفقة‬                   ‫بطبقاته المختلفة والمتنوعة‪.‬‬     ‫القرن الثاني والثالث الميلادي‬
‫غواصات تعمل بالطاقة التقليدية‪،‬‬            ‫إذ يبدو أن «الذهنية الجرمانية»‬
‫ونصت الاتفاقية في الوقت نفسه‬                  ‫بتنوعاتها هي الثقافة العليا‬                          ‫تقريبًا‪.‬‬
   ‫مع بريطانيا وأمريكا على بناء‬             ‫الحاكمة للنموذج الأوروبي‪/‬‬      ‫ثم صعودهم بالتدريج ليسيطروا‬
  ‫غواصات بديلة لأستراليا تعمل‬              ‫الغربي السائد حاليًا في معظم‬
                                                ‫تمثلاته‪ ،‬وأن هذه الثقافة‬       ‫على الموجة الثالثة بعدما فقد‬
                ‫بالطاقة النووية‪.‬‬              ‫الجرمانية بذهنيتها الكامنة‬       ‫النموذج الأوروبي في موجته‬
‫فها هو بايدن ممثل الديمقراطيين‬                  ‫تفجرت ووصلت قدرتها‬
                                              ‫على الحفاظ على تناقضاتها‬            ‫الرومانية الثانية سطوته‪،‬‬
      ‫في أمريكا يتخطى شعارات‬                 ‫إلى الصفر‪ ،‬وأنها لها الولاية‬    ‫وسيطر عليه التشدد الجرماني‬
    ‫دونالد ترامب نفسها‪ ،‬ويقيم‬             ‫والسيطرة كثقافة عليا حتى في‬
‫حل ًفا عسكر ًّيا وليس تجار ًّيا قائ ًما‬   ‫ظل صعود «الديمقراطيين» مع‬                ‫و»الذهنية الجرمانية» في‬
‫على «المكون الأنجلو ساكسوني»‬                                                 ‫نهاية حياته مع فظائع التشدد‬
 ‫صراحة‪ ،‬ويتجاوز حرب ترامب‬                                    ‫جو بايدن‪.‬‬        ‫الكهنوتي الديني‪ ،‬ثم سيطرت‬
                                                                               ‫«الذهنية الجرمانية» بالتشدد‬

                                                                                ‫نفسه على الموجة الثالثة مع‬
                                                                              ‫عصر النهضة وتبنت المادية‪/‬‬

                                                                                 ‫العلمانية المتطرفة سواء في‬
                                                                                 ‫وجهها الليبرالي المنفلت أو‬
                                                                                 ‫الشيوعي التنميطي‪ ،‬إلى أن‬
                                                                                ‫وصلت «الذهنية الجرمانية»‬
                                                                             ‫نفسها لفكرة العجز عن الإبقاء‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127