Page 124 - merit 36- dec 2021
P. 124

‫العـدد ‪36‬‬                          ‫‪122‬‬

                                      ‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

  ‫داخل قشرة طبقية‪ /‬مادية يتم‬            ‫الأوروبية الحالية‪ ،‬أنها تمت في‬     ‫لفرنسا»(‪ ،)17‬في إشارة قوية على‬
 ‫تقديمها كرطانة للاختيار المادي‬         ‫عهد الرئيس الديمقراطي بايدن‬        ‫تصدع الحلف العسكري العريق‬

     ‫الحدي المتطرف‪ ،‬الذي خرج‬              ‫الذي ظن البعض انه سيكون‬                      ‫لأوروبا الجرمانية‪.‬‬
   ‫في مرحلة ما بعد الكهنوتية أو‬         ‫تح ُّو ًل في السياسات الأمريكية‬         ‫وكان الموقف الألماني على‬
                                       ‫بعي ًدا عن التناقضات العنصرية‬        ‫السياق نفسه راف ًضا للاتفاقية‬
     ‫العصور الوسطى‪ ،‬لكنها في‬                                              ‫ومتضامنًا مع فرنسا‪ ،‬حيث «قال‬
 ‫العمق تعمل من خلال مشغلات‬                   ‫التي فجرها ترامب داخليًّا‬      ‫وزير الخارجية الألماني هايكو‬
  ‫هوياتية وثقافية تنتمي لسمات‬                               ‫وخارجيًّا‪.‬‬     ‫ماس‪ ،‬الذي طور علاقات وثيقة‬
  ‫هوياتية مرجعها غياب «المرونة‬                                             ‫مع إدارة الرئيس الأمريكي جو‬
                                      ‫وكذلك يصبح واض ًحا أن الذهنية‬          ‫بايدن‪ ،‬إن برلين تتضامن مع‬
     ‫الحضارية» التاريخية‪ ،‬التي‬          ‫الجرمانية و»مستودع هويتها»‬             ‫فرنسا بشأن إلغاء أستراليا‬
‫ترتبط بالذهنية الجرمانية عمو ًما‪.‬‬      ‫التاريخي المتراكم بدأ يعاني عن‬         ‫عق ًدا ضخ ًما لشراء غواصات‬
                                         ‫تمرده على متلازماتها الثقافية‬
       ‫فرغم وجود تاريخ فكري‬                ‫وما وصلت إليه من جمود‪،‬‬                               ‫منها»(‪.)18‬‬
 ‫وفلسفي تزعم من خلاله بعض‬                   ‫والأهم هو تحقق الفرضية‬             ‫كما أنه التفت لدور الرئيس‬
                                        ‫التي عملت عليها في فترة حكم‬         ‫بايدن ولضرورة تفكير أوروبا‬
   ‫السرديات الأوروبية الكبرى‪،‬‬           ‫بايدن من أن المسألة الأوروبية‬        ‫القديمة في نفسها أي ًضا‪ ،‬حين‬
   ‫التي تتبنى «الاختيار الحدي»‬             ‫ومتلازاماتها الثقافية دخلت‬      ‫قال‪« :‬لم تساورني الشكوك أب ًدا‬
    ‫المادي أو العلماني و»الثنائية‬      ‫مرحلة الأزمة وأصبحت عنص ًرا‬         ‫بأننا لن نواجه مشاكل بعد الآن‬
    ‫الحدية» المركزية بين «المادية‬        ‫فاع ًل في كل الأحوال‪ ،‬وهو ما‬       ‫مع الرئيس الأمريكي الجديد‪..‬‬
  ‫الليبرالية» المنفلتة وبين «المادية‬      ‫ثبت في فترة ولاية بايدن مع‬       ‫وشدد على ضرورة أن نفكر في‬
    ‫الشيوعية» التنميطية‪ ،‬أن هذا‬         ‫توقيع اتفاقية أوكوس وصعود‬           ‫أوروبا في سبل تعزيز السيادة‬
    ‫الاختيار وتلك الثنائية المادية‬                                           ‫الأوروبية والأمر يعود لنا في‬
                                      ‫المكون الأنجلو ساكسوني متخليًا‬          ‫النهاية للقيام بذلك أم لا»(‪.)19‬‬
       ‫سيطرا على كافة الأحداث‬               ‫عن بقية القبائل الجرمانية‬         ‫وانعكس الأمر على العلاقات‬
                     ‫الأوروبية‪.‬‬
                                          ‫القديمة في فرنسا (الفرنجه)‬               ‫الاقتصادية بين أوروبا‬
        ‫إلا أن هناك رواية أخرى‬               ‫وألمانيا (الألمان) وإسبانيا‬     ‫وأستراليا نفسها في مزيد من‬
       ‫تخالف هذا التعميم المادي‬                                            ‫التصدع والتفكك للشكل الراهن‬
‫المتطرف للتاريخ الأوروبي‪ ،‬التي‬           ‫(القوط) وكل أورةبا الغربية‪.‬‬        ‫للموجة الحضارية الأوروبية‪/‬‬
    ‫حاول أنصارها من «الماديين‬                                                 ‫الغربية الثالثة‪ ،‬حيث‪« :‬عبرت‬
 ‫الشيوعيين» نسبتها للتناقضات‬            ‫المبحث الثاني‪ :‬ما‬
    ‫الاقتصادية والواقعية بشكل‬          ‫بعد الحداثة والذهنية‬                     ‫دول الاتحاد الأوروبي عن‬
  ‫قسري كمحرك رئيسي‪ ،‬إلا أن‬            ‫الجرمانية والتصحيح‬                          ‫تضامنها مع فرنسا‪ ..‬في‬
   ‫التاريخ أو السردية الأوروبية‬
   ‫يمكن أن تخبرنا شيئًا مغاي ًرا‪،‬‬            ‫الحضاري‬                          ‫استعراض للوحدة ُينظر إليه‬
     ‫في تدليل على أن الذي يحمل‬                                              ‫على أنه يهدد مساعي أستراليا‬
    ‫«الذهنية الجرمانية» المتطرفة‬           ‫‪« -1‬الذهنية الجرمانية» بين‬     ‫للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة‬
      ‫ويحافظ عليها هم مجموعة‬          ‫القشرة الطبقية والعمق والهوياتي‬
      ‫من «التراتبات الاجتماعية»‬                                                  ‫مع التكتل الأوروبي»(‪.)20‬‬
    ‫الفوقية المنفصلة عن القاعدة‬          ‫قد يكون لكل ظاهرة أو حدث‬          ‫ليصبح أكثر ما يلفت الانتباه في‬
  ‫العامة‪ ،‬وتروج لروايتها المادية‬           ‫إنساني باطن وظاهر‪ ،‬معلن‬         ‫الأمر أن الاتفاقية التي تستدعي‬
‫بالبروباجندا السياسية والمزايدة‬           ‫ومسكوت عنه‪ ،‬وبالنسبة إلى‬         ‫الشكل القبلي للذهنية الجرمانية‬
       ‫على الناس باسم النضال‪.‬‬
    ‫وهناك الكثيرون مما اعتبروا‬          ‫«الذهنية الجرمانية» و»المسألة‬          ‫العامة في الموجة الحضارية‬
                                       ‫الأوربية» ومتلازماتها الثقافية؛‬

                                            ‫فإنها تتسم بأنها قد تكمن‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129