Page 168 - m
P. 168

‫العـدد ‪56‬‬                          ‫‪166‬‬

                                                                                                      ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬                          ‫اللاترادف في اللسان‬
                                                                                                                                       ‫العربي‪ ،‬وأكد أن اللسان‬
   ‫“ َو َقا َل الَّ ِذي َن َك َف ُروا َل ْو َل‬                                                          ‫الأولى فهم لم يستطيعوا‬       ‫العربي لا يوجد به ترادف‪:‬‬
     ‫َُنواِّز َِلح َد َ ًعة َل ْيَكِهَٰذالِ ْل َ ُكق ْرلِآ ُن َُثنبِّ َ ُتج ْمِب َل ِه ًة‬             ‫أن يظهروه أي يعلوا فوقه‪،‬‬        ‫فالكلمة في اللسان العربي‬
    ‫ُف َؤا َد َك َو َر َّت ْل َنا ُه َت ْر ِتي ًل”‬                                                                                   ‫(لا) تحمل أكثر من معنى‪،‬‬
           ‫(الفرقان‪.)٣٢ :‬‬                                                                               ‫والمعلوم أن حفر نقب أو‬      ‫ولا يمكن أن تشترك كلمتان‬
     ‫لا يمكن أن نفهم آيات‬                                                                             ‫نفق يحتاج إلى جهد‪ ،‬أما أن‬      ‫في نفس المعنى‪ ،‬وإن المتكلم‬
                                                                                                                                      ‫يستطيع أن يقوم بإيصال‬
  ‫القرآن الكريم بمعزل عن‬                                                                                ‫يصعدوا فوقه فلا تحتاج‬        ‫أكثر من معنى باستخدامه‬
 ‫العقل‪ ،‬فهذه الآيات تخاطب‬                                                                                ‫لتاء الجهد لعدم قدرتهم‬     ‫الكلمة الواحدة حسب النظم‬
                                                                                                                                         ‫والسياق العام للجملة‪.‬‬
  ‫العقول‪ ،‬فيجب أن نفهمها‬                                                                                  ‫أص ًل على أن يظهروه‪،‬‬       ‫واستند في هذا إلى مدرسة‬
 ‫بعقولنا‪ ،‬وأي فهم يعارض‬                                                                               ‫فنفى عنهم الجهد في الأولى‬
                                                                                                                                         ‫أبي ثعلب الكوفي‪ ،‬إمام‬
   ‫العقل فيجب إعادة النظر‬                                                                                  ‫ونسبه لهم في الثانية‬         ‫النحاة‪ ،‬مؤسس مدرسة‬
     ‫فيه‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪:‬‬                                                                           ‫لمحاولاتهم إحداث نقب به‪.‬‬          ‫اللاترادف‪ ،‬وتلميذه أبي‬
                                                                                                                                     ‫علي الفارسي‪ ،‬وعبد القاهر‬
   ‫« َو ُي ْم ِد ْد ُكم ِب َأ ْم َوا ٍل َو َبنِي َن‬                                                         ‫كتاب الله مرت ٌل‪ ،‬فإذا‬      ‫الجرجاني‪ ،‬واعتمد علي‬
 ‫َو َي ْج َعل لَّ ُك ْم َجنَّا ٍت َو َي ْج َعل‬                                                          ‫أردنا أن نفهم قصة نبي‬
                                                                                                                                             ‫معجم ابن فارس‪.‬‬
     ‫لَّ ُك ْم”‪ ..‬فهنا يدعو نبي‬                                                                             ‫الله موسى فعلينا أن‬       ‫وقام بتقييد نفسه بالآتي‪:‬‬
  ‫الله نوح قومه لعباده الله‬                                                                                ‫نقرأ ونبحث في قصة‬
 ‫ويعدهم بعطاء إلهي عبارة‬                                                                               ‫موسى بالكامل‪ ،‬وترتيبها‬           ‫لا ترادف في كتاب الله‪،‬‬
 ‫عن أموال وبنين‪ ،‬فالاموال‬                                                                                ‫أي تقسيمها‪ ،‬وهكذا كل‬       ‫فكلمة جاء ليس ككلمه أتي‪،‬‬
                                                                                                         ‫القصص والمواضيع في‬          ‫وكلمة أم ليست كوالدة في‬
      ‫هي المصادر الطبيعيه‬                                                                             ‫التنزيل الحكيم فهي مرتلة‪.‬‬
   ‫التي يستخدمها الإنسان‬                                                                                ‫فخلق السموات والأرض‬            ‫كتاب الله‪ .‬البلاغة هي أن‬
  ‫في حياته‪ ،‬أما البنون فهي‬                                                                              ‫رتل وخلق الإنسان رتل‬        ‫يقوم المتكلم بإيصال المعنى‬
 ‫البنايات الحجرية‪ ،‬وهذا ما‬                                                                            ‫وقصة موسى رتل وقصة‬
 ‫تحقق مع قوم عاد‪ ،‬فمدهم‬                                                                                ‫عيسى رتل‪ ،‬فقام بتقسيم‬             ‫للمستمع بأقل عدد من‬
‫الله بأموال وبنين وهم ممن‬                                                                                  ‫آيات القرآن إلى أرتال‬    ‫الكلمات‪ ،‬فلا يوجد نقص أو‬
  ‫آمنوا مع نوح‪ .‬انظر قول‬                                                                                 ‫متفرقة داخل المصحف‪.‬‬
                                                                                                      ‫وهذا تصدي ًقا لقوله تعالى‪:‬‬      ‫زياده في التنزيل الحكيم‪،‬‬
                 ‫الله تعالى‪:‬‬                                                                                                            ‫وإن وجد حرف زائد أو‬
       ‫“ َأ ْن َها ًرا» (نوح‪.)31 :‬‬                                                                                                    ‫ناقص فيغير معني الكلمة‬
‫َت““ ْأعَوََلما ُمََّّتد ُقوُكومنا َ”اِبلََّأ(ِْذنا َلعاي ٍمشَأ َعم َورَّد َاب ُكنءِيم”ن ِب”َ‪2‬ما‪.)13‬‬
                                                                                                                                          ‫والمعنى العام للجملة‪.‬‬
          ‫(الشعراء‪.)133 :‬‬                                                                                                              ‫فمثلا‪َ « :‬ف َما ا ْس َطا ُعوا َأ ْن‬
   ‫وهنا بعدما تحقق العطاء‬                                                                                                             ‫َي ْظ َه ُرو ُه َو َما ا ْس َت َطا ُعوا َل ُه‬
  ‫الإلهي لمن آمنوا مع نوح‪،‬‬
    ‫فقد أمدهم الله بمصادر‬                                                                                                                  ‫َن ْقبًا» (الكهف‪..)٩٧ :‬‬
                                                                                                                                     ‫ففي الكلمة الأولي لا توجد‬
         ‫الطبيعة وإرشدهم‬                                                                                                            ‫تاء أما الثانيه بها تاء الجهد‬
 ‫الاستفادة منها‪ ،‬وذلل لهم‬                                                                                                           ‫وهذا لحكمة‪ ،‬لأن تاء الجهد‬
  ‫الأنعام ونشأت أول بناية‬
                                                                                                                                         ‫عند إضافتها للكلمة في‬
    ‫حجرية بعد عصر نوح‪.‬‬                                                                                                                   ‫الثانية أضافت جهدهم‬
 ‫فلو قلنا إن بنين هنا تعني‬                                                                                                               ‫في حفر نفق ما‪ ،‬أما في‬
   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173