Page 213 - m
P. 213

‫الملف الثقـافي ‪2 1 1‬‬

   ‫والحقيقة أن هذه العناصر‬      ‫إن الله هو مؤلف القرآن‪ ،‬الله‬      ‫فى الاستخدام التراثى هو‪:‬‬
   ‫التى جعلها أبو زيد لمفهوم‬     ‫متكلم بالقرآن‪ ،‬القرآن كلام‪،‬‬    ‫الواضح وضو ًحا جليًّا يفهم‬
    ‫«الخطاب» مغرية بالبحث‬                                       ‫بمجرد أنك تعلم اللغة‪ ،‬يعني‬
‫والدراسة والتعمق‪ ،‬مجتمعين‬          ‫قول‪ ،‬وحي‪ ،‬تنزيل‪ ،‬ه ًدى‪،‬‬
                                  ‫بيان (وهي تعريفات قرآنية‬        ‫جميع الناس تفهمه‪ ،‬تفهم‬
     ‫أو كل على حدة‪ ،‬فدراسة‬                                        ‫المعنى المباشر لمجرد أنهم‬
 ‫تعدد الأصوات داخل السياق‬           ‫حسب التعريف الوظيفي‬            ‫يتحدثون اللغة‪ ،‬ومن هنا‬
                                ‫للقرآن أو التعريف الكلى) وقد‬     ‫جاءت عبارة «لا اجتهاد مع‬
       ‫القرآنى وتحليل أنماط‬                                       ‫نص» ومقولة «النصوص‬
   ‫الخطاب وغيرها مما سبق‬          ‫ضرب مث ًل لذلك بالقصص‬
   ‫يعمق فهمنا لخطاب القرآن‬       ‫القرآنى حيث إن فهم القرآن‬              ‫عزيزة» أى‪ :‬نادرة‪.‬‬
  ‫ويدخلنا فى عالمه ويساعدنا‬                                       ‫أما فى الاستخدام المعاصر‬
  ‫على أن ندخل إلى جوه‪ ،‬وقد‬            ‫باعتباره ن ًّصا لا يدرك‬   ‫فنحن نطلق النص على كتاب‬
‫ضرب فى محاضرته المنشورة‬             ‫مث ًل أن القصص القرآني‬
 ‫فى كتاب جمال عمر توضيح‬           ‫‪-‬باستثناء سورة يوسف‪-‬‬              ‫كامل؛ النص القصصي‪،‬‬
                                  ‫مشتت في السور‪ .‬القرآن لا‬         ‫النص الشعري‪ ،‬ومن هنا‬
           ‫العناصر السابقة‪.‬‬       ‫يسرد القصة‪ ،‬قصة موسى‬         ‫فحين نقول‪« :‬النص القرآني»‬
     ‫وقد ضرب أمثلة على كل‬          ‫وفرعون‪ ،‬أو قصة نوح‪ ،‬لا‬          ‫فنحن نتحدث عن مجمل‬
 ‫عنصر من العناصر السابقة‬         ‫يسردها سر ًدا كليًّا في سياق‬
     ‫خلص منه إلى أنه يرشح‬                                                         ‫القرآن‪.‬‬
‫مفهوم الخطاب وليس مفهوم‬                          ‫كلي واحد‪.‬‬      ‫النص ‪-‬كما يعرفه أبو زيد‪-‬‬
  ‫النص‪ ،‬الخطاب يتضح أكثر‬           ‫أما الخطاب ‪-‬وفق د‪.‬نصر‬
    ‫في الجدل مع أهل الكتاب‪،‬‬      ‫أبو زيد‪ -‬فهو بنية تحاورية‪،‬‬        ‫بنية مستقلة بذاتها‪ ،‬بنية‬
 ‫في الجدل مع المشركين‪ ،‬لكن‬        ‫تجادليه‪ ،‬سجالية‪ ،‬تستدعي‬                  ‫كاملة‪ ،‬تتضمن‪:‬‬
  ‫أبا زيد يوضح ‪-‬هنا‪ -‬نقطة‬        ‫سياقات وليس سيا ًقا واح ًدا‬
‫مهمة ج ًّدا وهى‪ :‬أن كل خطاب‬                                               ‫‪ -‬مفهوم المؤلف‪.‬‬
 ‫نص‪ ،‬وليس كل نص خطا ًبا‪.‬‬                           ‫تتضمن‪:‬‬                       ‫‪ -‬القصد‪.‬‬
     ‫وأنا ‪-‬هنا‪ -‬أريد أن أقف‬      ‫‪ -‬المتكلم‪ :‬وهو يعنى بالمتكلم‬
 ‫عند عنصر «القصدية»‪ ،‬التي‬                                              ‫‪ -‬والقارئ الضمني‪.‬‬
   ‫جعلها أبو زيد من عناصر‬         ‫‪-‬هنا‪ -‬الصوت الذى يتكلم‬        ‫‪ -‬السياق أو الفضاء الثقافي‬
   ‫النص وليست من عناصر‬          ‫فى القرآن‪ ،‬وهنا تطرح قضية‬
  ‫الخطاب‪ ،‬أعتقد أن ربط مبدأ‬                                                       ‫اللغوي‪.‬‬
     ‫«القصدية» بكون الكلام‬         ‫تعدد الأصوات فى القرآن‪.‬‬              ‫‪ -‬القارئ الضمني‪.‬‬
 ‫صادر عن مؤلف‪ ،‬ليس رب ًطا‬           ‫‪ -‬نمط الخطاب‪ :‬أو آليات‬        ‫هناك مؤلف وهناك قصد‪،‬‬
  ‫ضرور ًّيا‪ ،‬فالكلام أو البيان‬   ‫الخطاب‪ ،‬هل الخطاب تهديد‪،‬‬       ‫المؤلف يمتلك قصدية ما من‬
    ‫له قصد وغاية ‪-‬يستوى‬              ‫هل الخطاب بشرى‪ ،‬هل‬        ‫إيجاد النص‪ ،‬وقصدية المؤلف‬
   ‫فى هذا خطاب الله وخطاب‬         ‫الخطاب تقرير‪ ،‬هل الخطاب‬         ‫لا تعمل في فراغ‪ ،‬تعمل في‬
  ‫البشر‪ -‬فإذا كان المتكلم هو‬      ‫اعتراض‪ ،‬هل الخطاب نفي‪،‬‬        ‫الفضاء الثقافي اللغوي الذي‬
    ‫الله فإن الخطابات ‪-‬مهما‬                                       ‫ينتمي إليه المؤلف‪ ،‬وتخيل‬
 ‫تباعد زمنها وتغير سياقها‪-‬‬               ‫هل الخطاب إزاحة؟‬          ‫كاتب النص للقارئ الذي‬
 ‫تنسجم وتترابط لتبني بنيا ًنا‬          ‫‪ -‬فحوى الخطاب‪ :‬أى‬          ‫سيقرأ الكتاب‪ ،‬هذا يسمى‬
  ‫محك ًما لغاية يريدها الله من‬         ‫مضمونه وتدخل فيها‬
                                    ‫مستويات كثيرة ج ًّدا‪ ،‬ما‬              ‫القارئ الضمني‪.‬‬
                                ‫يقوله الخطاب‪ ،‬وما المسكوت‬        ‫وهنا يتضح ‪-‬كما قرر أبو‬
                                    ‫عنه في الخطاب ويستنبط‬
                                                                    ‫زيد‪ -‬أن “القرآن” ليس‬
                                                 ‫بالفحوى‪.‬‬       ‫“ن ًّصا» على حسب التعريف‬
                                  ‫‪ -‬تأثير الخطاب على المتلقي‬
                                                                    ‫السابق لمفهوم «النص»‪،‬‬
                                           ‫ورد فعل المتلقي‪.‬‬      ‫فنحن لا نستطيع أن نقول‬
   208   209   210   211   212   213   214   215   216   217   218