Page 268 - m
P. 268

‫العـدد ‪56‬‬                        ‫‪266‬‬

                                    ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

‫سارقة الأرواح بين‬

  ‫يوتيوبيا الواقع‬
                                                       ‫دينا الحمامي‬

‫وديستوبيا الخيال‬

‫تفرعات قد لا تضيف للسرد بقدر‬          ‫العيش من جهة‪ ،‬ولمعرفتك بأن‬        ‫«إلى كل من حصدت الوظائف‬
                    ‫ما تضعفه‪.‬‬         ‫هناك منه عشرات الآلاف منهم‬
                                    ‫من قضى نحبه ومنهم من ينتظر‬               ‫أرواحهم‪ ،‬إلى روحك يا نور‬
 ‫لا ينحصر تعدد الطبقات المتخلل‬                                           ‫الدين أهدي هذه الرواية‪ .‬إلى كل‬
    ‫لثنايا النص في تعدد الفصول‬                   ‫من الجهة الأخرى‪.‬‬
  ‫والحواشي أو تنوع الشخوص‬               ‫تبدأ أحداث الرواية من نهاية‬       ‫المهمشين الجدد‪ ،‬عسى الله أن‬
                                        ‫الثمانينيات من القرن الفائت‬              ‫يرحمنا أحيا ًء وأموا ًتا»‪.‬‬
 ‫أو حتى في احتمالها لاحتواء كل‬      ‫وتستمر إلى اللحظة الآنية معتمدة‬
 ‫أوجه الحياة من أقصى الشر إلى‬          ‫على قالب روائي حداثي متعدد‬          ‫هكذا كان إهداء الكاتب محمد‬
  ‫أقصى الخير‪ ،‬بل امتدت المرونة‬         ‫الطبقات‪ ،‬تن َّقل فيه السرد بين‬        ‫إسماعيل في روايته الأحدث‬
                                       ‫الراوي العليم والمشارك‪ ،‬وهو‬          ‫سارقة الأرواح الصادرة عن‬
     ‫السردية لتشمل الموضوعات‬         ‫ما زاد من متانة النص وهذا لأن‬      ‫دار العين‪ ،‬حيث عمل على توريط‬
   ‫المطروحة؛ فالرأسمالية وحش‬        ‫الرواية تتناول العديد من القضايا‬      ‫القارئ حد إشراكه في الحكاية‬
 ‫كاسر له أنياب باعتراف ُجل من‬           ‫الطازجة التي تستدعي حبكة‬        ‫من قبل أن تبدأ؛ في الواقع يمكننا‬
  ‫ينتمي إليها‪ ،‬وهي بنفس الوقت‬          ‫كبرى يكون بمقدورها مجاراة‬        ‫اعتبار الإهداء كجزء أساسي من‬
    ‫مغوية براقة تدفع في سبيلها‬           ‫الشخوص ودوافعهم دونما‬         ‫الرواية‪ ،‬فما إن تقرأه‪ ،‬حتى تسرع‬
     ‫كل ما تملك وتبذل من أجلها‬      ‫التشويش على تطور الأحداث من‬          ‫لتعرف من هو نور الدين لتجده‬
   ‫العرق وتضحي لأجلها بأجمل‬            ‫خلال إصدار الأحكام القاطعة‪،‬‬         ‫في هامش الصفحة الأولى من‬
‫سنين العمر حتى مع يقينك بأنك‬         ‫وبغير إحداث تشتيت للقارئ في‬         ‫خلال تعريف يترك لك غصة لا‬
   ‫هالك على يديها لا محالة تما ًما‬                                      ‫تنتهي بانتهاء الرواية لتيقنك أنه‬
 ‫«كشيطان فاوست» الذي ينزعك‬                                             ‫شخص حقيقي راح ضحية للقمة‬
   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273