Page 163 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 163

‫‪161‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫ويتصور طه حسين أن‬                           ‫أي ًضا‪.‬‬
       ‫اتجاه أبي العلاء نحو‬
                                ‫عرض طه حسين لحياة‬
 ‫التفلسف معناه أنه لم يكتف‬
   ‫بالنظر إلى الأشياء بشكل‬      ‫الفيلسوف العربي أبي‬
     ‫سطحي‪ ،‬وإنما بحث في‬
   ‫ماهيتها وأصولها وعلاقة‬       ‫العلاء المعري‪ ،‬ولشعره‬
     ‫بعضها ببعض في إطار‬
                                ‫ونثره وفكره وبيئته والحياة‬
  ‫إحساس مزيج من الدهشة‬
‫والتعجب‪ ،‬فالدهشة والتعجب‬        ‫السياسية في عصره‪ ،‬وشغف‬
 ‫هما ما يحملان الإنسان على‬
                                ‫بكتاباته مما جعل منه‬
    ‫التفلسف‪ ،‬إذ يدفعانه إلى‬        ‫باحثًا‪ ،‬ومؤ ِّر ًخا‪ ،‬ومحلِّ ًل‪،‬‬
          ‫البحث والتساؤل‪.‬‬       ‫وشار ًحا لكل آرائه وأشعاره‬          ‫أبو العلاء‬
                                                                      ‫المعري‬
       ‫إن إعادة قراءة بعض‬                        ‫وفلسفته‪.‬‬
  ‫النصوص الأدبية في ضوء‬
‫الفلسفة –كما فعل طه حسين‬        ‫واستنبط من شعر أبي العلاء‬
 ‫بنصوص المعري‪ -‬يجب ألا‬
                                ‫الفلسفة‪ ،‬فأبو العلاء ‪-‬في‬
    ‫يكون في أي حال لجعلها‬
      ‫تفصح عن معنى خفي‬          ‫تصور طه حسين‪ -‬أسس‬
    ‫يلخص توجهها الفكري‪،‬‬
                                ‫الشعر الفلسفي‪ ،‬فمن الذي‬
  ‫بل لإيضاح بنيتها المتعددة‬
‫التي تحتمل‪ ،‬لكونها متعددة‪،‬‬      ‫يستطيع أن يدلنا على ديوان‬

  ‫طرائق متمايزة في المقاربة‪،‬‬    ‫أنشئ لا لغرض إلا لشرح‬
   ‫فالخطاب الأدبي الصرف‬
 ‫كالخطاب الفلسفي الصرف‬          ‫الحقائق الفلسفية وحدها في‬
  ‫غير موجود‪ ،‬ولا توجد إلا‬
‫خطابات ممتزجة‪ ،‬فالفلسفي‬         ‫العصور الإسلامية الأولى إلى‬
  ‫يدخل في النصوص الأدبية‬
   ‫على مستويات متعددة(‪.)5‬‬       ‫أواخر القرن الرابع؟(‪)3‬‬
    ‫وانتشار العلوم الفلسفية‬
‫وحرص الشعراء على درسها‬          ‫ولا يخلو أمر أبي العلاء‬
 ‫قد أ َّثرا في لفظ الشعر –برأي‬
‫طه حسين‪ -‬وأكسباه صيغة‬           ‫من غرابة‬
‫أقرب إلى الاقتصاد وأبعد عن‬
 ‫الفضول‪ ،‬بحيث يكون اللفظ‬        ‫‪-‬فيما يرى طه‬     ‫أبي العلاء المعري‬
 ‫على قدر ما قصد أن يدل به‬        ‫حسين‪ -‬فقد‬
   ‫عليه من المعني‪ ،‬أي يكون‬
‫أكثر دقة‪ ،‬كأن صناعة المنطق‬      ‫خاض طريق‬

     ‫قد ملكت مزاج الشعراء‬       ‫الفلسفة التي لم‬
‫فألزمتهم أن يتخيروا الألفاظ‬
                                ‫يتعود الشعراء‬

                                ‫أن يطرقوها ولا‬

                                ‫أن يخضعوها للنظم(‪.)4‬‬

                                ‫أشاد طه حسين بدور‬

                                ‫الفلسفة في تعميق الشعر‪،‬‬

                                ‫فالنظرة الفلسفية المتداخلة في‬

                                ‫الشكل الأدبي والتي يزداد‬

                                ‫تشبع الأديب بها ‪-‬في بعض‬

                                ‫الأحيان‪ -‬والتي تتجاوز‬

                                ‫الواقع وتسمو عليه وتطرح‬

                                ‫على نفسها المسائل الخالدة‬

                                ‫التي تتناول جوهر الأشياء؛‬

                                ‫تجعل هذه الكتابات الأدبية‬

                                ‫مادة للدراسة والتحليل‪.‬‬
   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168