Page 167 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 167

‫‪165‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫الله واجب الوجود بذاته‪،‬‬     ‫الفلسفة الإلهية عند‬            ‫أرسطو طاليس‬
   ‫وأنه لهذه الموجودات علة‬           ‫أبي العلاء‬
 ‫وأن هذه الموجودات ملازمة‬
  ‫له كما يلازم المعلول علته‪،‬‬        ‫البعد الميتافيزيقي يتمثل‬
   ‫ومن هنا كان قولهم بقدم‬           ‫بوجود الله عند المعري‪،‬‬
   ‫العالم‪ .‬فإنهم إذ أثبتوا أن‬       ‫وهو الذي يمثل الوجود‬
  ‫الله واجب بذاته لزمهم أنه‬       ‫الأزلي الأبدي الثابت‪ ،‬فالله‬
  ‫موجود أز ًل‪ ،‬وإذا أثبتوا أن‬    ‫هو المحرك الذي لا يتحرك‪.‬‬
 ‫الأشياء صدرت عنه صدور‬           ‫والواجب ضروري الوجود‬
‫المعلول عن علته لزمهم القول‬         ‫بحيث لو قدر عدمه لزم‬
‫بقدم الأشياء‪ .‬إذ كان المعلول‬       ‫منه محال‪ ،‬والممكن ما لا‬
                                    ‫ضروري في وجوده ولا‬
     ‫مقار ًنا للعلة في الوجود‬     ‫عدمه‪ ،‬والعالم بما فيه من‬
   ‫الخارجي‪ ،‬وإن تأخر عنها‬        ‫الجواهر العقلية والأجسام‬
 ‫في تصور العقل‪ .‬ويدافع طه‬        ‫الحسية والأعراض القائمة‬
   ‫حسين عن رأي الفلاسفة‬            ‫بها قدرناه متناهيًا وغير‬
 ‫في قدم العالم‪ ،‬فلم يكن رأي‬       ‫متنا ٍه‪ ،‬وكذلك لو قدرنا أنه‬
                                  ‫شخص واحد أو أشخاص‬
     ‫الفلاسفة في قدم العالم‬       ‫وأنواع كثيرة إما أن يكون‬
   ‫ووجود الله لديه متناق ًضا‬
  ‫ولا مضطر ًبا‪ .‬وإذا كان أبو‬           ‫ضروري الوجود أو‬
  ‫العلاء قد سلك طريقهم في‬       ‫ضروري العدم وذلك محال؛‬
 ‫الفلسفة الطبيعة والرياضية‬       ‫لأن أجزاءه متغيرة الأحوال‬
 ‫فهو سلك أي ًضا طريقهم في‬
  ‫الفلسفة الإلهية‪ ،‬فأثبت الله‬      ‫عيا ًنا‪ ،‬وضروري الوجود‬
                                ‫على كل حال لا يتغير بحال‪.‬‬
             ‫وأقر به‪ ،‬فقال‪:‬‬
       ‫أثبت لي خال ًقا حكي ًما‬    ‫فوجه تركيب البرهان منه‬
      ‫ولست من معشر نفاه‬         ‫أن نقول كل متغير أو متكثر‬
     ‫واللزوميات ممتلئة فيما‬
     ‫قال أبو العلاء في إثبات‬     ‫فهو ممكن الوجود باعتبار‬
   ‫الله وتمجيده ووصفه بما‬          ‫ذاته‪ ،‬وكل ممكن الوجود‬
‫ينبغي أن يوصف من صفات‬
 ‫الكمال‪ ،‬وليس في اللزوميات‬      ‫باعتبار ذاته فوجوده بإيجاد‬
    ‫إنكار لله وإنما فيها بيت‬     ‫غيره‪ ،‬فكل متغير أو متكثر‬
 ‫واحد يحتاج إلى البحث وهو‬            ‫فوجوده بإيجاد غيره‪،‬‬
                                ‫وأي ًضا فإن الكل متركب من‬
                     ‫قوله‪:‬‬       ‫الآحاد‪ ،‬والآحاد إذا كان كل‬
‫وأما الإله فأني لست مدركه‬          ‫واحد منها ممكن الوجود‬
                                ‫فالكل واجب أن يكون ممكن‬
  ‫فاحذر لجيلك فوق الأرض‬            ‫الوجود‪ ،‬وكل ممكن فهو‬
                    ‫سخاطا‬       ‫باعتبار ذاته ممكن أن يوجد‬
                                       ‫وممكن ألا يوجد(‪.)19‬‬
   ‫ربما كان ظاهر هذا البيت‬          ‫يري فلاسفة اليونان أن‬
  ‫أن أبا العلاء لا يعرف الإله‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172