Page 201 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 201

‫‪199‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫روسيا السوفييتية‪ ،‬أو‬        ‫تخلي الأمريكيين عن قيمهم‬          ‫المجتمع البائس ليعيش‬
    ‫ألمانيا النازية‪ ،‬أو أمريكا‬    ‫و ُمثلهم العليا التي أسسوا‬    ‫حريته مع حبيبته مؤس ًسا‬
                                 ‫دولتهم عليها‪ ،‬ومناصرتهم‬      ‫عالمًا جدي ًدا يكتشف فيه مرة‬
             ‫الاشتراكية»‪.‬‬       ‫للأفكار اليسارية القادمة من‬     ‫أخرى كلمة «أنا»‪ .‬لقد كان‬
       ‫كانت أحداث الرواية‬         ‫الاتحاد السوفييتي‪ ،‬كانت‬       ‫العمل أنشودة تمجد فردية‬
 ‫تتعلق بثلاثة شباب (امرأة‬
 ‫ورجلين) يواجهون مصي ًرا‬            ‫تحاول أن تقدم صرخة‬            ‫الإنسان وذاته العقلانية‬
    ‫مظل ًما بسبب الأوضاع‬           ‫تحذير لهذا المجتمع ال ُحر‬  ‫المفكرة‪ ،‬وتهاجم وتسخر من‬
  ‫داخل الاتحاد السوفييتي‪،‬‬        ‫من خطورة تبني هذا الفكر‬
‫فيعيش أحدهم حياة مخزية‪،‬‬                                         ‫غباء الجماعية ووحشيتها‪.‬‬
‫وينتحر الثاني‪ ،‬بينما تموت‬            ‫الظلامي القاتل للحرية‬       ‫بالطبع لم تستطع راند أن‬
‫البطلة بطلق ناري من جنود‬           ‫والمنتهك لفردية الإنسان‪،‬‬       ‫تنشر العمل في الولايات‬
‫حرس الحدود وهي تحاول‬               ‫فقد كانت تؤمن أن هناك‬      ‫المتحدة وقتها‪ ،‬فلم يكن المزاج‬
    ‫الفرار من البلاد‪ .‬عانت‬         ‫مكان في داخل كل إنسان‬       ‫العام يقبل مثل هذه الأفكار‪،‬‬
  ‫راند صعوبات شديدة في‬          ‫منا لا يجوز للعالم أن يلمسه‬
   ‫نشر الرواية في الولايات‬                                         ‫لكنه ُنشر بعد ذلك عام‬
      ‫المتحدة‪ ،‬فقد كان المد‬          ‫أو يصل إليه‪ ،‬فهو ِملك‬      ‫‪ 1946‬عندما حققت أعمال‬
‫الشيوعي هناك يمنع ظهور‬           ‫للإنسان وحده‪ ،‬ولا يتحكم‬        ‫راند التالية مبيعات كبيرة‪.‬‬
   ‫مثل هذه الأعمال‪ ،‬فكانت‬        ‫فيه سوى الإنسان بمفرده‪.‬‬        ‫شعرت راند في تلك الفترة‬
    ‫تتلقى الرفض من ناشر‬           ‫كتبت راند واصفة روايتها‬       ‫أنها باتت قادرة لغو ًّيا على‬
 ‫تلو الآخر‪ ،‬لكنها استطاعت‬         ‫«نحن الأحياء» قائلة‪« :‬إنها‬      ‫إنجاز عمل روائي طويل‬
‫نشرها أخي ًرا عام ‪ ،1936‬إلا‬
 ‫أن دار النشر لم تقم بعمل‬           ‫ليست رواية عن روسيا‬            ‫تكشف فيه عن أفكارها‬
‫الدعاية الكافية للعمل خشية‬       ‫السوفييتية‪ ،‬إنها رواية عن‬          ‫الفلسفية‪ ،‬فعكفت على‬
 ‫إثارة غضب الوسط الثقافي‬         ‫الإنسان في مواجهة الدولة‪،‬‬
 ‫المؤيد للتوجهات الشيوعية؛‬        ‫وموضوعها الأساسي هو‬           ‫كتابة روايتها الأولى «نحن‬
   ‫لكن ذلك لم يمنع الرواية‬                                       ‫الأحياء» ‪We the Living‬‬
 ‫من حصد إعجاب الجمهور‬               ‫ُحرمة الحياة البشرية‪..‬‬        ‫التي تدور أحداثها داخل‬
   ‫العادي تدريجيًّا‪ ،‬ونفدت‬       ‫إنها قصة الديكتاتورية‪ ،‬أي‬     ‫جدران روسيا السوفييتية‪،‬‬
 ‫طبعتها الأولى بالكامل‪ ،‬كما‬       ‫ديكتاتورية‪ ..‬في أي مكان‪،‬‬    ‫كانت الرواية تعبي ًرا أدبيًّا عن‬
   ‫ُترجمت إلى الإيطالية عام‬      ‫وفي أي زمان‪ ،‬سواء أكانت‬        ‫استياء راند وصدمتها من‬
   ‫‪ ،1937‬وتحولت إلى فيلم‬
‫سينمائي إيطالي ناجح‪ ،‬غير‬
 ‫أن الحكومة الفاشية قامت‬
   ‫بمصاردته ومنع عرضه‬
 ‫بطلب من الحكومة الألمانية‬
    ‫التي رأت فيه معارضة‬
    ‫صريحة للفاشية وليس‬

           ‫الشيوعية فقط‪.‬‬
  ‫مع نشوب الحرب العالمية‬
   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206