Page 204 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 204

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪202‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬  ‫لساعات طويلة دون انقطاع‪،‬‬
                                                                                 ‫وظلت تعد مسوداتها‬
  ‫وكاملة لما يمكن أن يكون‬               ‫الأنانية» (‪،)1964‬‬
  ‫عليه الإنسان‪ ،‬وما ينبغي‬      ‫و»الرأسمالية‪ :‬المبدأ المجهول»‬               ‫وتنقحها على مدار اثني عشر‬
                                                                               ‫عا ًما حتى أخذت شكلها‬
     ‫أن يكون عليه‪ .‬فعندما‬           ‫(‪1966‬م)‪ ،‬و»مدخل إلى‬
 ‫بدأ ُت الكتابة‪ ،‬ودخل ُت عالم‬   ‫الابستمولوجيا الموضوعية»‬                     ‫النهائي‪ .‬قامت بالتعاقد مع‬
 ‫الأدب‪ ،‬وشرع ُت في دراسة‬                                                      ‫إحدى دور النشر الكبرى‬
                                      ‫(‪ .)1967‬وغيرها من‬                    ‫لنشر وتوزيع الرواية مقابل‬
    ‫الفلسفة‪ ،‬اكتشف ُت أنني‬       ‫المؤلفات الفكرية التي كانت‬
   ‫كن ُت في خلاف عميق مع‬                                                        ‫‪ 50‬ألف دولار مقد ًما‪،‬‬
 ‫جميع الفلسفات القائمة‪ ،‬لا‬            ‫تتوسع فيها في شرح‬                        ‫وصدرت الرواية بالفعل‬
 ‫سيما فيما يتعلق بقواعدها‬                       ‫فلسفتها‪.‬‬                    ‫عام ‪ 1957‬لتصعد في خلال‬
  ‫الأخلاقية؛ لذلك‪ ،‬كان عليَّ‬                                                ‫أيام إلى قائمة الأكثر مبي ًعا‪،‬‬
‫أن أُؤسس تفكيري الخاص‪،‬‬            ‫كانت راند تعرف طريقها‬                        ‫وتظل ضمن القائمة على‬
  ‫وأن أضع نسقي الفلسفي‬                ‫منذ البداية‪ ،‬ولم يكن‬                 ‫مدار اثنين وعشرين أسبو ًعا‬
    ‫المميز من أجل اكتشاف‬                                                      ‫متتاب ًعا‪ ،‬لتحقق على مدار‬
                               ‫استخدامها للأدب في توصيل‬                      ‫سنوات مبيعات كبيرة ج ًّدا‬
       ‫وتقديم نمط الأفكار‬        ‫فلسفتها محض صدفة‪ ،‬بل‬                      ‫بلغت حتى عام ‪ 2019‬تسعة‬
    ‫والفرضيات التي تجعل‬             ‫عن قناعة وإصرار‪ ،‬فقد‬                       ‫ملايين نسخة‪ ،‬و ُتترجم‬
  ‫الإنسان النموذجي ممكنًا‪،‬‬         ‫أدركت أنه أفضل وسيلة‬                        ‫إلى أكثر من ثلاثين لغة‪،‬‬
‫وتبيان أي نوع من القناعات‬       ‫لنشر فلسفتها وتقريبها من‬                    ‫ليس من بينها اللغة العربية‬
 ‫سوف يؤدي إلى شخصية‬             ‫الجمهور‪ .‬عندما ُسئلت راند‬
                                 ‫في أحد لقاءاتها التلفزيونية‬                                 ‫للأسف‪.‬‬
          ‫الإنسان المثالي»‪.‬‬       ‫عام ‪ 1961‬إ ْن كانت تعتبر‬                   ‫كانت هذه الرواية هي آخر‬
‫إن النموذج الذي قدمته آين‬                                                    ‫عمل أدبي كبير لآين راند‪،‬‬
                               ‫نفسها روائية في المقام الأول‬
   ‫راند للمفكر والفيلسوف‬        ‫أم فيلسوفة‪ ،‬كان ردها‪« :‬أنا‬                       ‫فقد تفرغت من بعدها‬
  ‫الذي يطرح أفكاره المركبة‬     ‫كلاهما‪ ،‬ولنفس السبب؛ فأنا‬                    ‫لكتابة المؤلفات الفكرية‪ ،‬فقد‬

     ‫في صورة أعمال أدبية‬          ‫اهتمامي وهدفي الرئيسي‪،‬‬                      ‫أصبحت أفكارها مفهومة‬
  ‫شعبية لم يكن الأول‪ ،‬ولن‬       ‫سواء في مجال الأدب أو في‬                        ‫للجميع بفضل أعمالها‬
‫يكون الأخير؛ فقد ظل الأدب‬         ‫مجال الفلسفة هو تعريف‬
 ‫‪-‬وسيبقى‪ -‬وسيلة حيوية‪،‬‬                                                       ‫الأدبية‪ ،‬وأصبح من الممكن‬
                                    ‫وتقديم صورة الإنسان‬                                       ‫عرض‬
      ‫وأداة طيِّعة‪ ،‬لتوصيل‬          ‫المثالي‪ ..‬صورة محددة‪،‬‬                                        ‫تلك‬
  ‫الأفكار‪ ،‬وبناء المجتمعات‪.‬‬                                                                   ‫الأفكار‬
‫إنه القوة الناعمة التي ُتشكل‬                                                                   ‫بشكل‬
‫حياتنا‪ ،‬وتجعلنا على ما نحن‬
‫عليه اليوم عبر تغيير عقولنا‬                                                                  ‫أكاديمي‬
                                                                                               ‫بحت‪.‬‬
          ‫وطريقة تفكيرنا‪.‬‬
                                                                                             ‫فنشرت‬
      ‫‪-------‬‬                                                                                   ‫«إلى‬
‫* باحث في فلسفة‬
‫السياسة ومترجم‪.‬‬                                                                              ‫المثقفين‬
                                                                                              ‫ال ُجدد»‬
                                                                                            ‫(‪،)1961‬‬
                                                                                            ‫و»فضيلة‬
   199   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209