Page 210 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 210

‫موضو ًعا للتناول الفلسفي‪،‬‬                                  ‫العـدد ‪38‬‬                             ‫‪208‬‬
   ‫والشيء نفسه يمكن أن‬
                                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬    ‫الحقلين‪ ،‬ولكنها‪ ،‬كما ألمحنا‬
 ‫يقال عندما تكون الفلسفة‬                                                                       ‫من قبل‪ ،‬ترصد العلاقة‬
  ‫موضو ًعا للتعبير الأدبي‪.‬‬        ‫تختلف جوهر ًّيا عن‬
‫ويمكن أن نطلق على الحالة‬      ‫العبارات الفنية‪ ،‬وفي هذا‬                                        ‫بنحو عقلاني موضوعي‪،‬‬
 ‫الأولي «الأدب في الفلسفة»‬    ‫المعني تقول مردوخ‪« :‬إن‬                                         ‫ومن المنطلق نفسه تنتصر‬
 ‫وصورتها «فلسفة الفن»‪،‬‬        ‫الأدب مماثل للفلسفة في‬                                          ‫للأدب على الفلسفة عندما‬
                            ‫شأن كون الاثنين فعاليتين‬                                          ‫تقول‪« :‬أظن أن من الممتع‬
    ‫كما يمكن أن نطلق على‬                                                                   ‫أكثر هو أن يكون المرء فنَّا ًنا‬
‫الحالة الأخيرة «الفلسفة في‬        ‫تبتغيان الكشف عن‬                                         ‫بدل أن يغدو فيلسو ًفا‪ .‬يمكن‬
 ‫الأدب» ونموذجها «الأدب‬      ‫الحقيقة‪ ،‬لكن بالطبع تبقى‬                                         ‫النظر إلى الأدب باعتباره‬
                                                                                              ‫وسيلة منضبطة ومدربة‬
              ‫الوجودي»‪.‬‬       ‫الفلسفة فعالية تجريدية‬                                        ‫لرفع منسوب المشاعر لدي‬
                                ‫مكتنفة بالاستطرادات‬                                          ‫القارئ‪ ..‬وبالنسبة لي أري‬
‫‪ -1‬الأدب في الفلسفة‬            ‫والمباشرة والابتعاد عن‬                                        ‫من المناسب تضمين إثارة‬
                                                                                              ‫المشاعر في صلب تعريف‬
      ‫في الحقيقة أن تاريخ‬   ‫المسالك الالتفافية‪ ،‬أما اللغة‬                                  ‫الفن الحقيقي على الرغم من‬
     ‫الفلسفة مليء بالأفكار‬    ‫الأدبية فيكتنفها غموض‬                                       ‫عدم إمكانية اعتبار كل تجربة‬
 ‫التي تناولت الفن‪ ،‬والأدب‬    ‫كيفي محبب دو ًما‪ ،‬وحتى‬                                        ‫غنية حادثة مترعة بالمشاعر‬
     ‫باعتباره أحد تجليات‬
     ‫الفن‪ ،‬في مبحث أصيل‬     ‫ما يبدو فيها كلا ًما واض ًحا‬                                            ‫القوية» (ص‪.)٣٣‬‬
     ‫ومتخصص هو «علم‬             ‫إنما هو جزء من هيكل‬
  ‫الجمال» أو «الإستطيقا»‪،‬‬        ‫تخيلي محكوم بقواعد‬                                        ‫سمات مشتركة بين‬
  ‫وبالرغم من أن المصطلح‬                                                                      ‫الفلسفة والأدب‬
                             ‫شكلية محددة» (ص‪.)٣٦‬‬
         ‫يرجع إلى الألماني‬  ‫وإذا كان السعي نحو بلوغ‬                                       ‫بالرغم من الرؤية الانفصالية‬
  ‫بومجارتن الذي أطلقه في‬                                                                    ‫التي تقدمها مردوخ لعلاقة‬
‫القرن الثامن عشر في كتابه‬       ‫الحقيقة يعد واح ًدا من‬                                      ‫الفلسفة بالأدب‪ ،‬تظل هناك‬
  ‫الذي يحمل الاسم نفسه‪،‬‬       ‫النقاط الهامة التي يلتقي‬
                                                                                           ‫سمات مشتركة ونقاط التقاء‬
                                ‫عندها كل من الفلسفة‬                                       ‫بين المجالين لا يمكن إغفالها‪،‬‬
                                ‫والأدب‪ ،‬فإن سعي كل‬
                             ‫منهما تجاه الآخر يعد من‬                                         ‫ولعل أبرز هذه النقاط هو‬
                             ‫نقاط الالتقاء التي لا تقل‪.‬‬                                    ‫مسألة الحقيقة‪ .‬فبالرغم من‬
                            ‫فسعي الفلسفة تجاه الأدب‬                                        ‫اختلافاتهما المميزة‪ ،‬فهما في‬
                                ‫إنما يعني جعل الأدب‬
                                                                                             ‫النهاية‪ ،‬فيما تري مردوخ‪،‬‬
                                                                                           ‫فعاليتان تسعيان للبحث عن‬
                                                                                          ‫الحقيقة والكشف عنها‪ ،‬الأدب‬
                                                                                          ‫يقوم على رؤية منظمة تنطوي‬
                                                                                           ‫على الاستكشاف والتصنيف‬

                                                                                                ‫والتحديد والتشخيص‪،‬‬
                                                                                            ‫والفلسفة هي فعالية تعتمد‬

                                                                                               ‫على الخيال أي ًضا‪ ،‬ولكن‬
                                                                                           ‫عباراتها التي تسعى لبلوغها‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215