Page 92 - الإكسير
P. 92
اﻹﻛﺴير
أ.د .ﻣﺤﻤﺪ اﻟﱪﺑﺮي ﺑﻌﻴ ًﺪا ﻋﻦ ﻣﻨﻈﻮري اﻟﺬي أﻛﺘﺐ ﻣﻨﻪ ،رﻏﻢ إدراﻛﻲ ﻟﻠﻮاﻗﻊ وﻟﺮواﻳﺎت ﻛﺜيرة
ﺣﻮل اﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺘَﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﻜﺜير.
ﻻ ﻳﺤ ﱡﻞ ﱄ أن أُﻧﻬﻲ ﻫﺬا اﻟﻔﺼﻞ دون اﻟﺘﻄ ﱡﺮق لمﺎ ﺟﺮى ﰲ ﺑ ﱢﺮ ﻣﴫ ﰲ أﻳﺎم ﺛﻮرة ﻳﻨﺎﻳﺮ
وأﺣﺪاث اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﺎ ،وﻗﺘَﻬﺎ اﺳﺘﺤﺎﻟﺖ المﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﻟﺨﻼﻳﺎ ﻧﺤﻞ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﴫ اﻟﻌﻴﻨﻲ،
ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻷﻗﺮب لمﻴﺪان اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ.
ﰲ ﺻﺒﻴﺤﺔ ﻳﻮم اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩﻳﻦ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻮاﺋﻂ ُﻏﺮف اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻣﻠ ﱠﻄﺨﺔ
ﺑﺎﻟﺪﻣﺎء ،ﻛﺎﻧﺖ أراﴈ اﻟﻐﺮف ﺗﻌ ﱡﺞ ﺑﺪﻣﺎء وﺳﻮاﺋﻞ وزﺟﺎﺟﺎت ﻣﺤﺎﻟﻴﻞ ﻓﺎرﻏﺔ وأﻛﻴﺎس دم
ﻓﺎرﻏﺔ و ُﻓﺮش ﻋﻤﻠﻴﺎت وأﺷﻴﺎء ﻛﺜيرة أﺧﺮى ﻣﻦ المﺴﺘﻠ َﺰﻣﺎت ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎك وﻗ ٌﺖ ﺑين دﺧﻮل
المﺮﴇ وﺧﺮوﺟﻬﻢ ﻟﺘﻨﻈﻴﻒ اﻟﻐﺮف ،أﻗﴫ ﻣﺎ ﻳُﻤﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ ﻛﺎن اﻹﺟﺮاء المﺘﺒﻊ ،ﻻ وﻗﺖ إﻻ
ﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺤﻴﻮات وﺑﺄﻗﴫ اﻟﻄﺮق ،ﻻ وﻗﺖ ﻟﻺﺟﺎدة أو ﻟﻺﺑﺪاع أو ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺟﺮاﺣﺎت ﻣﻌ ﱠﻘﺪة،
ﻣﺮﴇ ﻛﺜُﺮ أُﻏﻠﻖ ﻧﺰﻳﻔﻬﻢ اﻟﺪاﺧﲇ ﻋﲆ ﺿﻤﺎدات داﺧﻠﻴﺔ ﻟﻮﻗﻒ اﻟﻨﺰﻳﻒ ،ﻟﻴُﻌﺎد اﺳﺘﻜﺸﺎف
ﺳﺒﺐ اﻟﻨﺰﻳﻒ أو اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﰲ أوﻗﺎت ﻻﺣﻘﺔ ﻣﺘﻰ ﺳﻤﺢ اﻟﺤﺎل واﻟﻈﺮف ﺑﺬﻟﻚ.
ﺗﻜ ﱠﺮر اﻷﻣﺮ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻳﻮم ﻣﺎ ُﻋﺮف ﺑﻤﻮﻗﻌﺔ اﻟﺠﻤﻞ وﻳﻮم أﺣﺪاث ﺷﺎرع ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮد
وﺑﺼﻮرة أﻗﻞ ﰲ أﻳﺎم أﺧﺮى ﻛﻴﻮم أﺣﺪاث ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء وﻏيره.
ﰲ المﺮات اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﺳﺘﻌﺪادات أﻓﻀﻞ ،وﻗﺪ اﺳﺘﻔﺎد اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺧﱪات اﻟﻜﺎرﺛﺔ
اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻷوﱃ.
ﺑﻌﺪ أﺣﺪاث اﻟﺜﻮرة ﻗ ﱠﺮرت ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷﻃﺒﺎء ﺗﻜﺮﻳﻢ ﺑﻌﺾ اﻷﻃﺒﺎء ﻣ ﱠﻤﻦ ﻛﺎن ﻟﻬﻢ دور ﻛﺒير ﰲ
إﺳﻌﺎف المﺮﴇ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﱰة ،وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻛﺎن ﻟﻘﴫ اﻟﻌﻴﻨﻲ ﻧﺼﻴﺐ ﻛﺒير ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻜﺮﻳﻤﺎت.
ﻛﺎن ُﺟ ﱡﻞ اﻟﺘﻜﺮﻳﻤﺎت إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛ ﱡﻠﻬﺎ ﻷﻃﺒﺎء اﻟﺠﺮاﺣﺔ ﰲ اﻟﺘﺨ ﱡﺼﺼﺎت المﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﻫﻢ
ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮن ،ﻏير أن ﻫﺬا اﻻﺣﺘﻔﺎل ﻣ ﱠﺮ دون ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻃﺒﻴﺐ ﺗﺨﺪﻳﺮ واﺣﺪ.
ﻧﻌﻢ ،ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﺣ ٌﺪ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ،ﺑﻞ ﻟﻌ ﱠﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻜﺮﻳﻢ ﻗﺪ أﺻﺒﺢ ﻳﺜير ﻏﺼﺔ
ﰲ اﻟﺤﻠﻖ ﺑﻌﺪ أن اﻧﺤ َﺮ َﻓﺖ ﻛﻞ اﻷﻣﻮر.
ﻟﻜﻦ اﻟﺴﺆال ﻛﻴﻒ ﻟﻢ ﻳَﻨﺘ ِﺒﻪ اﻟﻘﺎﺋﻤﻮن ﻋﲆ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻷﻃﺒﺎء ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﺬﻳﻦ ﰲ اﻟﻜﻮاﻟﻴﺲ،
وﻟﻮﻻﻫﻢ رﺑﻤﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﺮ ٌض أو ﻧﺘﻴﺠﺔ؟! ﰲ ﻧﻬﺎر اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﱄ ﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﻐﻀﺐ ،ﻳﻮم ٢٩ﻳﻨﺎﻳﺮ،
ﻛﺎﻧﺖ ﻏﺮف اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻤﻞ ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أرﺟﺎء المﺴﺘﺸﻔﻰ ،ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ اﻟﺜﻼﺛين ﻃﺎوﻟﺔ
ﻋﻤﻠﻴﺎت ،أﻃﺒﺎء اﻟﺘﺨﺪﻳﺮ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴ ًﻌﺎ ،ﰲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء دور اﻟﺘﺨﺪﻳﺮ ِﻣﺤ َﻮري ،ﻟﻴﺲ
ﻓﻘﻂ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺠﺮاﺣﻴﺔ ،ﺑﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻔﻆ اﻟﺤﻴﺎة ،ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻛ ﱢﻞ ﺧﻠﻞ أ ﱠدت ﻟﻪ
92