Page 16 - التنوير
P. 16
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
في بلادنا بحق شعوبهم بإهمالهم ق ارءة الكتاب الذي مجلــــــــــــــــة
أصدره طه حسين عام 1938م وتقاعسهم عن تحقيق
الأفكار والخطط التي وضعها ذلك الرجل العظيم على الأشياء حك ًما صحي ًحا» .لقد ربط طه حسين
للنهوض بالتعليم .إن الحالة المزرية من التخلف – بين التعليم – كممثل ثقافي أساسي – وبين الحضارة،
التي عليها مجتمعاتنا اليوم – ترجع إلى استهانة فالتعليم عند طه حسين يؤسس للثقافة ،فهو ينظر إلى
الحكومات المتعاقبة بالأفكار الإصلاحية والتنويرية التعليم بوصفه وسيلة ناجعة لأن يصبح الشاب المتعلم
التي نادى بها طه حسين وغيره من المفكرين مهيًئا ليكون رجلاً مثقًفا ،لقد أكد أن التعليم هو السبيل
التنويريين ،أفكار مثل تلك التي وردت بكتاب طه العملي لتحقيق الثقافة ،ولما كان الكتاب الذي نعرض
له معنوًنا بهذا الاسم «مستقبل الثقافة في مصر»،
حسين «مستقبل الثقافة في مصر». فإن هذا المحور (التعليم) ُي َعد جوهر الكتاب وأساسه،
فالتعليم هو لب الثقافة وأساسها .وهذا المفهوم العملي
كان طه حسين شديَد التفاؤل حين كتب في للثقافة عند طه حسين يرتبط بالمفهوم التربوي لها
مقدمة كتابه قائلاً« :ومن يدري! لعل الكتاب كله أي ًضا «فالثقافة بالنسبة للتربية تؤخذ عادًة على أنها
أو بعضه سيقع موق ًعا حسًنا من بعض الذين ترجع تعني مستوى عالًيا من الامتياز العقلي والفني في
إليهم أموُر التعليم ،ولعلهم أن يأخذوا ببعض ما فيه
من أري» (مستقبل الثقافة في مصر ص ،)13لكن شخص أو مجموعة من الأشخاص».
للأسف الشديد لم يفطن المسئولون في بلادنا إلى
شيء مما ورد بالكتاب ،بل قد يكونون قد فطنوا يقول طه حسين« :إن الجامعة لا يتكون فيها العاِلُم
ولكنهم لم يأبهوا ،بل قد يكونون قد فطنوا ولم يكتفوا وحَده ،وإنما يتكون فيها الرجل المثقف المتحضر
بعدم الاهتمام ،بل أسهموا بنصيب وافر في زيادة الذي لا يكفيه أن يكون مثقًفا ،بل يعنيه أن يكون
حالة التردي التي عليها التعليم بسبب خشيتهم من مصدًار للثقافة ،ولا يكفيه أن يكون متحضًار ،بل يعنيه
أن يفضي النهوض بالتعليم وانتشاره بين الناس إلى أن يكون من ّمًيا للحضارة ،فإذا ق ّصرت الجامعة في
زعزعة سلطانهم وزلزلة أركان سلطتهم وضياع ما تحقيق خصلة من هاتين الخصلتين ،فليست خليقة أن
تحقق لهم من مكاسب؛ لأنهم على د ارية بأن العلم تكون جامعة ،وإنما هى مدرسة متواضعة من المدارس
نور ،وهم كالخفافيش يعشقون الظلام!! الجهل ظلام المتواضعة ،وما أكثرها ،ولست خليقة أن تكون مشرق
يطمس العقول فلا تنتبه إلى فسادهم وطغيانهم!! نعم النور للوطن الذي تقوم فيه ،والإنسانية التي تعمل
غفل أو تغافل – وهذا هو الأرجح – المسئولون في لها ،وإنما هى مصنع من المصانع ،يعد للإنسانية
بلادنا عن النهوض بالتعليم على مدار عقود كثيرة طائفة من العلماء ومن رجال العمل ،محدودة آمالهم
متعاقبة لإد اركهم أن قيادة شعب جاهل أيسُر كثيًار
محدودة قدرتهم على الخير والإصلاح».
وأهون من قيادة شعب متعلم!!
وحين ننظُر إلى حالة التردي التي عليها التعليم
يقول طه حسين ن ًّصا: في بلادنا اليوم ،ونحن في بداية العقد الثالث من القرن
«يجب أن يتعلم الشعب إلى أقصى حدود التعليم، الحادي والعشرين ،ندرك حجَم الجرم الذي ارتكبه –
وما ازل يرتكبه – المسئولون عن إدارة شئون التعليم
16