Page 87 - الملكية الفكرية 23-4-2025
P. 87

‫يشـترط للقيـام بمهمتـه إتبـاع ثمـة إجـ ارءات كتلـك التـي‬  ‫الخبـرة ذات تأثيـر جوهـري فـي وجـه النظـر فـي النـ ازع‬
                       ‫ينظمهـا قانـون الإثبـات ‪.‬‬          ‫إذ يقدم الخب ارء تقارير وتفسي ارت فنية تساعد القاضي‬

‫وبحلـول خمسـينيات القـرن الماضـي تدخـل‬                                    ‫فـي اتخـاذ قـ ار ارت عادلـة وملائمـة‪.‬‬
‫المشـرع لتنظيـم أعمـال الخبـرة تتـًار‪ ،‬فصـدر المرسـوم‬
‫بقانـون رقـم ‪ 96‬لسـنة ‪ 1952‬بتنظيـم الخبـرة أمـام‬          ‫ولا يعـزب عـن ناظـر الأهميـة التـي تتسـم بهـا‬
‫القضـاء حيـث نصـت مادتـه الأولـى علـى أن “يقـوم‬           ‫أعمـال الخبـرة امـام القضـاء والتـي يرتسـم مناطهـا‬
‫بأعمـال الخبـرة أمـام جهـات القضـاء خبـ ارء الجـدول‬       ‫ويتحـدد ملامحهـا مـن خـال مـا يقدمـه الخبـ ارء‬
‫الحاليـون وخبـ ارء و ازرة العـدل ومصلحـة الطـب‬            ‫مـن و ارء مباشـرتهم لمـا يكلفـون بـه مـن مأموريـات‬
‫الشـرعي والمصالـح الأخـرى التـي يعهـد إليهـا بأعمـال‬      ‫خبـرة يمكـن ايجازهـا فـي تقديـم المعلومـات الفنيـة‬
‫الخبـرة وكل مـن تـرى جهـات القضـاء عنـد الضـرورة‬          ‫والتخصصيـة ودعـم القاضـي بمعلومـات ومسـلمات‬
‫الاسـتعانة ب أريهـم الفنـي مـن غيـر مـن ذكـروا‪ ،‬كمـا‬      ‫الجوانـب التقنيـة ذات الصلـة بالنـ ازع المعـروض‪،‬‬
‫أجـازت المـادة (‪ )50‬مـن ذات المرسـوم لجهـات‬               ‫التحقيـق فـي الوقائـع وتحديـد الحقائـق علـى أسـس‬
‫القضـاء أن تنـدب للقيـام بأعمـال الخبـرة خبيـًار أو‬       ‫علميـة ومهنيـة دقيقـة بمـا يسـهم فـي ترجيـح الأدلـة‪،‬‬
‫أكثـر مـن خبـ ارء الجـدول أو تنـدب مكتـب خبـ ارء و ازرة‬   ‫توفيـر الوقـت والجهـد‪ ،‬الانتقـالات الميدانيـة وجلسـات‬
‫العـدل أو قسـم الطـب الشـرعي أو إحـدى المصالـح‬            ‫الاستماع‪ ،‬تحديد الاض ارر واقت ارح قيمة التعويضات‬
‫الأخـرى المعهـود لهـا بأعمـال الخبـرة‪ ،‬فـإذا أرت‬          ‫الجابـرة‪ ،‬دعـم الثقـة وتعزيـز حياديـة القضـاء إذ ان‬
‫لظـروف خاصـة أن تنـدب مـن غيـر هـؤلاء وجـب أن‬             ‫الاسـتعانة بخبـ ارء متخصصيـن مـن شـأنه إظهـار‬
‫تبيـن ذلـك فـي الحكـم‪ ،‬الأمـر الـذي يسـتفاد منـه أن‬       ‫اعتمـاد القضـاء علـى أدلـة علميـة ومهنيـة فـي الفصـل‬
‫الالتجـاء إلـى غيـر خبـ ارء الجـدول هـو أمـر جـوازي‬       ‫فـي الن ازعـات المعروضـة ومـن ثـم ثقـة الأطـ ارف فـي‬
‫للمحكمـة تسـتطيع اللجـوء إليـه شـريطة أمريـن أولهمـا‬
‫أن تكـون هنـاك ظـروف خاصـة تدعـو إلـى ذلـك‬                                              ‫العمليـة القضائيـة‪.‬‬
‫وثانيهمـا أن تبييـن المحكمـة تلـك الظـروف والأسـباب‬
                                                          ‫وفـي مصـر‪ ،‬لعبـت الخبـرة الفنيـة أمـام القضـاء‬
                                   ‫فـي حكمهـا ‪.‬‬           ‫دوًار ها ًمـا فـي سـبيل تحقيـق العدالـة‪ ،‬فكثيـًار مـا‬
                                                          ‫عـرض علـى القضـاء منازعـات لا تصلـح بحالتهـا‬
‫وبعـد مـا يناهـز ‪ 16‬عا ًمـا عـاد المشـرع ليعالـج‬          ‫ال ارهنـة للفصـل فيهـا‪ ،‬إذ انطـوت علـى مسـائل فنيـة‬
‫أعمـال الخبـرة أمـام جهـات القضـاء تنظيمًيـا حيـث‬         ‫بحتـة فـي مجـالات يحتـاج التثبـت منهـا إلـى نـوع‬
‫أفـرد لهـا باًبـا مسـتق ًل ‪ -‬البـاب الثامـن “الخبـرة”‬     ‫مـن الخبـرة‪ ،‬ولذلـك عمـد المشـرع إلـى وضـع أطـر‬
‫مـن القانـون رقـم ‪ 25‬لسـنة ‪ 1968‬بإصـدار قانـون‬            ‫قانونيـة لمباشـرة أعمـال الخبـرة باعتبارهـا وسـيلة مـن‬
‫الإثبـات فـي المـواد المدنيـة والتجاريـة ‪ -‬ونظـم فـي‬      ‫وسـائل اسـتجلاء وجـه الحـق فـي الدعـوى وعنصـ اًر‬
                                                          ‫مـن عناصـر الإثبـات الواقعيـة فيهـا‪ ،‬يخضـع لتقديـر‬
      ‫المـواد مـن ‪ 135‬إلـى ‪ُ 162‬جـل أحكامهـا‪.‬‬
                                                                 ‫المحكمـة متـى قـام علـى أسـباب سـائغة ‪.‬‬
‫وقـد كان ملـف حقـوق الملكيـة الفكريـة محـل‬
‫اهتمـام ملحـوظ للدولـة المصريـة منـذ النصـف الأول‬         ‫ولقـد كان الأصـل ‪ -‬قبـل التنظيـم التشـريعي‬
‫مـن القـرن الماضـي‪ ،‬حيـث تصـدى المشـرع الوطنـي‬            ‫لأعمـال الخبـرة أمـام القضـاء فـي مصـر ‪ -‬يتمثـل‬
‫لتنظيـم معظـم جوانـب الملكيـة الفكريـة مـن خـال‬           ‫فـي أن الخبـرة مهنـة حـرة والخبيـر الاستشـاري هـو‬
‫ترسـانة مـن التشـريعات تتوافـق مـع الاتفاقيـات‬            ‫مـن يسـتعان بـه مـن جانـب الخصـوم ليدلـي بشـهادته‬
                                                          ‫أو يقـدم تقريـًار فنًيـا ب أريـه فـي موضـوع النـ ازع ولا‬
‫‪87‬‬
   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92