Page 7 - merit 40 apr 2022
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

    ‫اليمان‪ ،‬أن رسول الله قال‪« :‬يكون بعدي أئمة‬     ‫الآن‪ ،‬فتد َّخل مؤيدو الشيخ لمناصرته باعتبارهم‬
  ‫لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم‬         ‫يؤيدون الإسلام ضد َمن يبتغون هدمه! ودخلت‬
   ‫فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان‬        ‫الدعاية الأزهرية على الخط‪ ،‬ور ًّدا على تخصيص‬
 ‫إنس‪ .‬قلت‪ :‬كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت‬         ‫الإعلامي عمرو أديب حلقة من برنامجه للقضية‬
‫ذلك؟ قال‪ :‬تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك‬
                                                     ‫ذكر فيه أقوال الشيخ‪ ،‬وضعت مجلة «صوت‬
                   ‫وأخذ مالك فاسمع وأطع»‪.‬‬         ‫الأزهر» صورة كبيرة لأديب على غلافها وكتبت‬
   ‫كما لا نحتاج إلى كثير عناء لإثبات أن المشيخة‬    ‫في عنوانها الرئيسي «صحيفة المخالفات المهنية‬
 ‫بكل مؤسساتها تابعة تبعية كاملة للدولة ونظام‬       ‫لإعلامي (الترفيه) في قضية ضرب الزوجات»‪،‬‬
‫حكمها وتوجهاته‪ ،‬بدليل أن «الشيوخ» لا يتركون‬        ‫في لمز إلى علاقة الإعلامي المصري برئيس هيئة‬
  ‫مناسبة إلا خرجوا ليفتوا بما يصب في مصلحة‬       ‫الترفيه السعودية‪ ،‬مع اتهامات فرعية منها‪« :‬أذاع‬
  ‫النظام‪ ،‬مثل أن المتقاعس عن الإدلاء بصوته في‬
  ‫الانتخابات في حكم كاتم الشهادة‪ ،‬وغيره كثير‪.‬‬       ‫أخبا ًرا كاذبة عن تبني شيخ الأزهر للضرب»‪،‬‬
                                                    ‫«ر َّوج شائعات عن وقوف الأزهر ضد صدور‬
        ‫في هذا الإطار‪ ،‬لا يخفى أن النظام الحالي‬     ‫قانون لردع الضارب»‪ ..‬إلخ‪ .‬وفي العدد التالي‬
‫ومؤسسة الأزهر كانا م ًعا ضد ثورة يناير‪ ،‬وهما‬      ‫وضعت صورة شيخ الأزهر تحت عنوان «هكذا‬
 ‫المستفيدان الوحيدان ‪-‬مع ذلك‪ -‬منها‪ ،‬فالقيادات‬    ‫تح َّدث الإمام الطيِّب»‪ ،‬مشيرة إلى سبقه في رافض‬
                                                     ‫ضرب المرأة وعدم وجود أي إشارة لإباحته‪.‬‬
    ‫العسكرية التي تولَّت السلطة كانت بعيدة عن‬      ‫وهكذا‪ ..‬تر ِّكز الدعاية الأزهرية على قول الشيخ‬
‫دائرة صنع القرار‪ ،‬واستمرار النظام السابق كان‬      ‫إن الضرب في إطلاقه غير منصوص عليه‪ ،‬بينما‬
‫سيؤول إلى جمال مبارك في أغلب التقديرات‪ ،‬وهو‬       ‫ير ِّكز معارضوه على حديثه عن الضرب «المباح»‬
‫رجل له توجهات مختلفة‪ ،‬يعرف العسكريون أنهم‬
                                                                   ‫الذي (يكسر كبرياء المرأة)‪.‬‬
    ‫ليسوا في قمة أولوياته‪ ،‬وربما هذا هو السبب‬      ‫لكن المتابع يدرك أن هذه قمة جبل الجليد فقط‪،‬‬
   ‫الرئيسي الذي دفعهم للتعجيل برحيل مبارك‪.‬‬         ‫أي الجزء المعلن من الصراع‪ ،‬وأن الجزء الأكبر‬

                   ‫فماذا عن الأزهر والثورة؟‬          ‫المختفي هو صراع سياسي يدور بين النظام‬
 ‫منذ الأيام الأولى لنجاح حركة ‪ 23‬يوليو ‪،1952‬‬         ‫الحاكم ومؤسساته من جهة‪ ،‬وبين مؤسسة‬

     ‫ُولِد شقاق بين الضباط وجماعة الإخوان في‬            ‫الأزهر بحمولتها الدينية وأتباعها –أو قل‬
      ‫صراعهما على مساحة المشاركة في الحكم‪،‬‬                        ‫أولتراسها‪ -‬من جهة أخرى‪.‬‬

 ‫فالإخوان كانوا يطمعون في مساحة أوسع يرون‬                   ‫أصل الصراع‬
     ‫أنها من حقهم لمشاركتهم في الحركة‪ .‬وأخذ‬
                                                  ‫لا نحتاج إلى عناء من أي نوع لنثبت أن الأزهر –‬
 ‫الشقاق يتسع تدريجيًّا‪ ،‬فأطلقت عناصر الإخوان‬     ‫الذي ُيختصر في شيخه ككل المؤسسات في الدول‬
    ‫النار على عبد الناصر في المنشية عام ‪– 1956‬‬    ‫الديكتاتورية التي ُتختصر في رأسها‪ -‬كان ضد‬
     ‫حسب روايته‪ ،-‬كما اك ُتشف –حسب روايته‬
                                                   ‫ثورة يناير ‪ ،2011‬فالشيخ جاء إلى المشيخة من‬
 ‫أي ًضا‪ -‬مخطط لاغتيال الرئيس عام ‪ ،1965‬وهي‬        ‫لجنة السياسات التي كان يرأسها جمال مبارك‪،‬‬
 ‫القضية التي أُعدم فيها سيد قطب‪ .‬السلاح الذي‬       ‫الرجل القوي الذي كان يدير البلاد فعليًّا طوال‬
                                                   ‫السنوات العشر التي سبقت اندلاع الثورة‪ ،‬كما‬
   ‫كانت الجماعة تستخدمه ضد عبد الناصر هو‬           ‫أنه خرج على الفضائيات –وقت الأحداث‪ -‬وقال‬
   ‫إشاعة عدائه للدين‪ ،‬وساعدها في ذلك انحيازه‬     ‫إن الخروج على الحاكم إثم ولو كان ظالمًا‪ ،‬استنا ًدا‬
                                                   ‫إلى حديث ورد في صحيح مسلم عن حذيفة بن‬
                ‫للاتحاد السوفياتي الشيوعي‪.‬‬
 ‫حتى هذا الوقت كان الأزهر مجرد جامع وبعض‬

  ‫المعاهد الدينية‪ ،‬فقرر عبد الناصر أن يستخدمه‬
 ‫كأداة (دينية) في مواجهة الجماعة المتطرفة‪ ،‬لكي‬

     ‫تكون له مؤسسته التي يثبت من خلالها أنه‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12