Page 8 - merit 40 apr 2022
P. 8

‫العـدد ‪40‬‬                                        ‫‪6‬‬

                                                    ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬

    ‫التي تنبهت إلى الخطر الذي يطالها من ج َّراء‬        ‫متدين‪ ،‬فأصدر القانون رقم ‪ 103‬لسنة ‪1961‬‬
                    ‫تغذية الانتماءات الدينية‪.‬‬       ‫بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها‪،‬‬

  ‫تأييد الأزهر لبيان ‪ 3‬يوليو لم يكن مجانيًّا إذن‪،‬‬    ‫ونصت المادة (‪ )4‬منه على أن «شيخ الأزهر هو‬
  ‫بل حصد مكافأة ضخمة عليه‪ .‬يمكن تب ُّين ذلك‬            ‫الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل‬
                                                        ‫بالشؤون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم‬
    ‫من مقارنة وضع الأزهر بين دستور ‪2012‬‬
‫المعروف باسم دستور الإخوان‪ ،‬ودستور ‪2014‬‬              ‫الإسلام‪ ،‬وله الرياسة والتوجيه فى كل ما يتصل‬
                                                    ‫بالدراسات الإسلامية فى الأزهر وهيئاته‪ .‬ويرأس‬
              ‫الذي أُ ِع َّد في عهد الرئيس الحالي‪.‬‬  ‫المجلس الأعلى للأزهر»‪ .‬ونصت المادة (‪ )8‬على أن‬
     ‫دستور الإخوان يقول في المادة رقم (‪ )4‬إن‬
 ‫«الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة‪،‬‬            ‫الأزهر يشمل الهيئات الآتية‪ -1 :‬المجلس الأعلى‬
    ‫يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه‪،‬‬           ‫للأزهر‪ -2 ،‬مجمع البحوث الإسلامية‪ -3 ،‬إدارة‬
     ‫ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين‬
‫واللغة العربية في مصر والعالم‪ .‬ويؤخذ رأي هيئة‬         ‫الثقافة والبعوث الإسلامية‪ -4 ،‬جامعة الأزهر‪،‬‬
‫كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة‬                             ‫‪ -5‬المعاهد الأزهرية‪.‬‬

                      ‫بالشريعة الإسلامية»‪.‬‬              ‫كان مطلو ًبا من الأزهر أن يكون في مواجهة‬
 ‫بينما تنص المادة (‪ )7‬من دستور ‪ 2014‬على أن‬            ‫جماعة الإخوان لمصلحة النظام‪ ،‬وقد أ َّدى الدور‬
  ‫«الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة‪،‬‬         ‫بنجاح طوال ‪ 70‬عا ًما حتى قامت الثورة ووصل‬
‫يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه‪ ،‬وهو‬           ‫الإخوان إلى السلطة‪ ،‬وبالتالي أصبح الأزهر تحت‬

    ‫المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون‬                            ‫قيادتهم‪ ،‬ويأتمر بأمرهم‪.‬‬
 ‫الإسلامية‪ ،‬ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم‬             ‫شهد عام حكم الإخوان احتكاكات كثيرة بين‬
                                                       ‫الطرفين‪ ،‬فالأزهر الذي كان يعلو على الجماعة‬
        ‫الدين واللغة العربية في مصر والعالم»‪.‬‬           ‫بعدة خطوات‪ ،‬كونه مؤ َّي ًدا من السلطة‪ ،‬وعلى‬
 ‫بخلاف أن الدستورين يضمنان أن الدولة تتكفل‬            ‫أساس أن أساتذته مؤهلون علميًّا لأنهم در ُسوا‬
‫بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه‪،‬‬     ‫في المعاهد الدينية بخلاف قيادات الإخوان الذين‬
 ‫وأن شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل‪ ،‬يحدد‬           ‫لم يدرسوا العلوم الدينية‪ ،‬وجد شيوخه أنفسهم‬
‫القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار‬          ‫في مرتبة أقل‪ ،‬وهو ما دفعهم إلى تأييد الإطاحة‬
                                                     ‫بالرئيس الإخواني‪ .‬وظهر الشيخ‪ ،‬إلى جانب بابا‬
                                  ‫العلماء‪.‬‬            ‫الأقباط الأرثوذكس وقيادات عسكرية ومدنية‪،‬‬
     ‫أضيفت إلى دستور ‪ 2014‬كلمة «علمية» في‬            ‫في مشهد ‪ 3‬يوليو الشهير‪ ،‬الذي أعلن فيه وزير‬
  ‫تعريف مؤسسة الأزهر‪ ،‬وأنه ‪-‬وهذا هو المهم‪-‬‬          ‫الدفاع وقتها‪ ،‬عبد الفتاح السيسي‪ ،‬الإطاحة بحكم‬
   ‫«المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون‬
‫الإسلامية»‪ ،‬بدي ًل عن صيغة «أخذ رأي هيئة كبار‬                                        ‫الإخوان‪.‬‬
   ‫العلماء في الشؤون المتعلقة بالشريعة» كما في‬         ‫وجود الأزهر إلى جوار السلطة مشهد معتاد‪،‬‬
 ‫دستور ‪ ،2012‬وهو احتكار رسمي لملف الدين‪،‬‬                ‫لأنه‪ ،‬بشكله الحالي‪ ،‬من صناعتها في الأصل‪،‬‬
‫فلا ُيع َت ُّد بأي رأي أو تفسير خلاف رأي وتفسير‬      ‫وهذا دوره الطبيعي‪ ،‬لكن الجديد أن الشيخ أراد‬
 ‫الأزهر‪ ،‬ولا بأي اجتهاد بالطبع‪ ،‬فأصبح الشيخ‬         ‫المساحة التي فرغت برحيل الإخوان لنفسه‪ ،‬فيما‬
‫هو الحاكم الإسلامي‪ ،‬وهو وضع غريب في دولة‬             ‫يريد النظام الجديد القوي أن ُيدخل الأزهر تحت‬
 ‫تطمح إلى أن تكون مدنية‪ ،‬أو لا دينية على الأقل‪.‬‬       ‫طاعته كما كان دائ ًما‪ .‬كما أن النظام واقع تحت‬
‫مع الوضع في الاعتبار أن المشيخة لها «أولتراس»‬          ‫ضغط مدني يتوسع باستمرار‪ ،‬نتج بالأساس‬
      ‫غير رسمي وغير معلن‪ ،‬يتكون من جموع‬
‫المتدينين الذين يرون أن الشيخ هو الإمام الأكبر‪،‬‬          ‫عن فشل تجربة حكم الجماعة الدينية‪ ،‬لكي‬
                                                     ‫تلحق مصر بركب التطور العلمي والتكنولوجي‬
                    ‫إمام أهل السَّنة والجماعة‬
                                                       ‫المتسارع في العالم كله‪ ،‬وضغط الدول الكبرى‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13