Page 36 - محاضرات في آثار مصر اليونانية
P. 36

‫ورغم ذلك فإن بعض المؤرخين يتفقون على أن يوليوس قيصر هو بالفعل من قام بإحراق مكتبة الإسكندرية‪.‬‬
‫وأحد هؤلاء المؤرخون هو بلوتارخ ‪ Plutarch‬في كتابه ‪ Life of Caesar‬الذي كتبه في نهاية القرن الأول‬

       ‫الميلادي والذي ذكر فيه أن مكتبة الإسكندرية قد احترقت بفعل الحريق الذي بدأه يوليوس قيصر لتدمير‬
   ‫الأسطول المصري المرابط في ميناء الإسكندرية‪ .‬وفي القرن الثاني الميلادي‪ ,‬وفي كتابه‪, Attic Nights‬‬
    ‫يذكر المؤرخ الروماني اولوس جليوس ‪ Aulus Gellius‬أن المكتبة الملكية السكندرية قد أُحرقت بطريق‬

     ‫الخطأ عندما أشعل بعض الجنود الرومان التابعون ليوليوس قيصر بعض النيران‪ .‬وفي القرن الرابع يتفق‬
   ‫المؤرخان الوثني اميانوس مرسلينوس ‪ Ammianus Marcellinus‬والمسيحي اوروسيوس ‪Orosius‬‬
    ‫على أن مكتبة الإسكندرية قد أُحرقت خطأً بسبب الحريق الذي بدأه يوليوس قيصر‪ .‬ولكن في الغالب هنا أن‬

              ‫هؤلاء المؤرخين قد خلطوا بين الكلمتيّن اليونانيتيّن ‪ bibliothekas‬بمعنى مجموعة من الكتب‬
‫و ‪bibliotheka‬بمعنى مكتبة‪ ,‬وعلى هذا فقد ظنوا أن ما ُكتب سابقا عن حرق بعض الكتب القريبة من الميناء‬

                                        ‫والموجودة في بعض المخازن هو حرق لمكتبة الإسكندرية الشهيرة‪.‬‬

 ‫وعلى هذا‪ ,‬وبالنظر لما كتبه المؤرخون الرومان السالف ذكرهم‪ ,‬فمن المرجح أن المكتبة الملكية السكندريه قد‬
  ‫أُحرقت بعد زيارة سترابو للمدينة حوالي ‪ 25‬ق‪.‬م‪ .‬ولكن قبل بداية القرن الثاني الميلادي‪ ,‬وإلا ما كان هؤلاء‬
   ‫المؤرخون قد ذكروا حادثة حرقها ونسبهم إياها خطأً ليوليوس قيصر‪ .‬والنتيجة هي أن المكتبة قد ُدمرت في‬

‫الغالب بفعل شخص آخر غير يوليوس قيصر ولكن الأجيال التالية للحادثة أعتادت الربط بين الحريق الذي وقع‬
                                        ‫في الإسكندرية إبان وجود يوليوس قيصر فيها وبين إحراق المكتبة‪.‬‬

    ‫ولكن من المعروف أن مكتبة الإسكندرية الملكية‪ ,‬أو المتحف كما كان يُطلق عليها حيث كانت تضم أصول‬
     ‫العديد من أمهات الكتب في العالم‪ ,‬لم تكن المكتبة الوحيدة الموجودة في مدينة الإسكندرية‪ ,‬بل كانت هناك‬
‫مكتبتان آخرتان على الأقل‪ :‬مكتبة معبد السيرابيوم ومكتبة معبد السيزاريون‪ .‬واستمرار الحياة الفكرية والعلمية‬
‫في الإسكندرية بعد تدمير المكتبة الملكية‪ ,‬وازدهار المدينة كمركز العلوم والآداب في العالم ما بين القرن الأول‬
 ‫الميلادي والقرن السادس الميلادي‪ ,‬قد اعتمدا على وجود هاتين المكتبتين وما احتوتاه من كتب ومراجع‪ .‬ومن‬
    ‫الموثق تاريخيا أن المكتبة الملكية كانت مكتبة خاصة بالأسرة المالكة وبالعلماء والباحثين‪ ,‬بينما كانت مكتبا‬

                                                                ‫‪35‬‬
   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40   41