Page 35 - محاضرات في آثار مصر اليونانية
P. 35
وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الكتب على حمامات الإسكندرية لاستخدامها في إيقاد النيران التي تُبقي
على دفء الحمامات .ويذكر المؤرخ المسلم القفطي في كتابه تراجم الحكماء أن إحراق تلك الكتب قد استمر لما
يقارب الستة أشهر ,وأن الكتب الوحيدة التي نجت من الحريق كانت بعض كتب الفيلسوف الإغريقي أرسطو
وبعض كتابات اقليدس الرياضي وبطليموس الجغرافي .ورواية إحراق العرب لكتب مكتبة السيرابيوم كما
ذكرها القفطي -وهو أقدم وأول من ذكرها على الإطلاق -مذكورة أيضا في كتب المواعظ والاعتبار في ذكر
الخطط والآثار لشيخ المؤرخين المصريين تقي الدين لمقريزي [بحاجة لمصدر] ,والفهرس لابن النديم [بحاجة لمصدر] .
كما يؤيد ابن خلدون في كتابه مقدمة ابن خلدون رواية إحراق العرب لمكتبة الإسكندرية وذلك بالنظر لسلوك
العرب في نفس العصر ,ومن أمثلة ذلك السلوك إلقاء سعد بن أبي وقاص لكتب الفرس في الماء والنار ,وذلك
بناء على أمر عمر بن الخطاب الذي بعث لبن أبي وقاص قائلا "إن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله باهدى منه
وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله "[بحاجة لمصدر] .ولكن هذه الرواية لا تصح عند كثيرين من المؤرخين البارزين.
يُرجع البعض إحراق مكتبة الإسكندرية ليوليوس قيصر ( 44-100ق.م .).وأحد أهم سنائد هذا الادعاء هو ما
دونه يوليوس قيصر نفسه في كتابه Alexandrian Warمن أن النيران التي أشعلها جنوده لإحراق
الأسطول المصري الموجود في ميناء الإسكندرية قد امتدت لتلتهم مخزنا مليئا بأوراق البردي يقع قريبا من
الميناء .ولكن من الدراسة الجغرافية لموقع مكتبة الإسكندرية في حي بروخيون Bruchionبعيدا عن الميناء
يتضح أن هذا المخزن يستحيل أن يكون المكتبة .كما أن شبهة حرق يوليوس قيصر لمكتبة الإسكندرية من
السهل دحضها من خلال قراءة كتاب Geographyللمؤرخ سترابو Straboالذي زار الإسكندرية حوالي
سنة 25ق.م .والذي يستمد مادته العلمية من المصادر التاريخية التي كانت موجودة في مكتبة الإسكندرية في
ذلك الوقت .وبالإضافة لذلك فإن سيسرو Ciceroأشهر مؤرخي الامبراطورية الرومانية ,والذي ُعرف بعدائه
الشديد ليوليوس قيصر ,لم يذكر إطلاقا واقعة إحراق يوليوس قيصر لمكتبة الإسكندرية في كتابه الشهير
Philippicsمما يعد دليلا إضافيا على براءة يوليوس قيصر من تلك التهمة.
34