Page 46 - محاضرات في آثار مصر اليونانية
P. 46
إن إيزادورا بعد أن غرقت أصابت الفاجعة الأب فرثاها فى مرثية شعرية كتبت باليونانية على جدران
مقبرتها,والتى مازالت تضم رفاتها ,حيث بنى لها قبرا يليق بقيمتها وبطراز فريد من نوعه مازال موجودا
حتى الآن بمنطقة تونة الجبل ,وأصيب (حابى) الحبيب المكلوم فى قلبه وحبه بصدمة جعلته يفكر فيها كل
لحظة ,فيعبر النهر كل ليلة ليضئ شمعة على مقبرتها وليؤنس روحها ,بينما خط والدها على جدران
المقبرةالمرثيتين الطويلتين بحائط بمدخل الحجرة الثانية والمسجى به جسدها بدأها بقوله :
( أيتها الصغيرة الجميلة ....أيتها الطيبة البريئة ...والزهرة الناضرة ...التى ذبلت فى ربيع العمر ...ياملاكى
الطاهر الذى رحل ..دون وداع)..
يذكر أن مقبرة (إيزادورا)بنيت من طراز فريد فهى برقم ( )1بين مقابر (تونا الجبل )بمحافظة إلمنيا فى
جنوب مصر ,وتبدو كما لوكانت منزلا على الطراز الجنائزى المصرى مقام من الطوب اللبن المحروق
,ومغطى جدرانه بالكامل بمادة الجص الأبيض من الخارج والداخل ,ويكون الصعود له ببعض السلمات ,والتى
تؤدى إلى مذبح صغير ,يقع خلفه مدخل المقبرة المكونة من حجرتين ,وعلى جانبى المدخل المؤدى للحجرة
الثانية حيث يسجى الجثمان الطاهر فوق سرير جنائزى فاخر ,وهو مكون من بناء مرتفع قليلا من اللبن طوله
متران به عمودان ,ويعلوه نموذج على شكل قوقعة مغطاة بالجص ,أقامت عليه وزارة الآثار فاترينة ,وحددت
سنة البناء فى عام 120قبل الميلاد والتى واكبت عصر الامبراطور هادريان ( )117-138قبل الميلاد .
ويذكر بعض الأدباء منهم الدكتور محمد مندور أن الدكتور طه حسين تأثر بشدة بقصة (إيزادورا) ,فكانت
محور شخصيات فى قصصه ,واختار استراحة لإقامته شتاء بالقرب منها ,إعزازا لقيمتها الإنسانية والتاريخية
.
45