Page 54 - أدب مصري قديم فصل دراسي ثاني
P. 54
"انت تبزغ بجمالك فى افق السماء ,انت يااتون عندما كنت تشرق فى الافق الشرقى كنت تملأ بلاد الكون
بجمال ,انت جميل ومشرق فوق كل ارض الكون ,واشعتك تحيط بالارضين وتشمل جميع المخلوقات "
الشعر الدنيوى
قد تكلمنا عن الاغنية وأثرها فى الانسان ,وقد آن لنا أن نعرض على القارىء بعض أمثلة
هذه الأغانى التى نراها بسيطة فى معانيها ,ساذجة فى تركيبها ,تنم عن نصيب مؤلفها من التعليم ,ولكنها مع
سذاجتها تكشف لنا عن نواح اجتماعية يمتاز بها عصرها ,فأغنية حاملى المحفة تظهر ما كان عليه الخدم من
الخضوع والمسكنة والاعتماد على سادتهم ومقدار تعلقهم بهم ,واتكالهم عليهم ,رغم ما كانوا يلاقون من
المتاعب و سوء المعاملة فنراهم يؤثرون أن يحملوا أثقالا على أن يمشوا خفافا" .ونشاهد راعيهم عندما ينحسر
الفيضان عن تربة حقله فرحا مسرورا" لما ينتظره من خير وجنى ,فهويتحدث الى أنواع السمك التى يكتشفها
الجفاف ,وهو يزرع أرضه ويحصدها ثم يأخذ فى درس قمحه فيخاطب ثيرانه حاثا اياها على العمل قائلا لها
ان فى عملها خيرا للجميع فالتبن لها والغله لسيدها
وأعذب لون من ألوان الغناء الدنيوى عثرنا عليه حتى الأن هو ما سنورد ه هنا فى أغنية الأعمى الضارب على
العود ,ففيها يحث على التمتع بملاذ الحياة وأطايبها ثم ينهى عن التفكير فيما سيحدث له فى عالم الآخرة لأنه
أمر مجهول ,ولم يعد أحد ممن لاقوا حتفهم من قبل ليخبرنا عن حال ذلك العالم الثانى الذى يسكنة الموتى وعن
مقدار ماعليه أهله من شقاء أو نعيم .وقد لاقت تلك الاغنية أذنا واعية ونفوسا منشرحة فذاعت وتداولها القوم
فى العصور التى تلت تأليفها مع القليل من التغير فى عبارتها.
والظاهر أن هذا المذهب الذى يدعو الى التشكيك فى الآخرة كان سائدا وقتئذ ,ولكنا بعد أن استقرت أحوال
البلاد السياسية والاجتماعية والدينية وساد الأمن البلاد بعد انقضاء عهد الفوضى ,نرى مذهبا آخر يقوم
معارضا مذهب التشكيك هذا ,يؤمن أهله بالآخرة .وسنرى ذلك ظاهرا بارزا فى أنشودة أخرى كانت منتشرة
بين المصريين فى خلال الدولة الحديثة وان كان رح التشاؤم لا يزال يغشى بعض نواحيها.
54