Page 56 - كتاب فتاوي الصلاة_Neat.
P. 56
السؤال:
ما تقول فضيلة الشيخ في من يخرج من بلده للعمل وطلب الرزق ويستمر فترة من عمره خارج وطنه فهل يقصر صلاته أو
يتمها؟ وهل القصر واجب أو مباح؟ وإلى متى حد السفر؟
الجواب:
اختلف المسلمون في قصر الصلاة في السفر هل هو عزيمة أو رخصة؟ والأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم
تؤكد أن القصر ليس مجرد رخصة وإنما هو عزيمة ـ أي واجب ـ ،فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه أتم
الصلاة في سفره ،وما روي عنه من ذلك لم يصح في النقول الصحيحة كما قاله العلامة ابن القيم ،ونحن مأمورون أن نصلي
كما كان صلى الله عليه وسلم يصلي ،ولو كان القصر رخصة لأوضح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله أو فعله ولو مرة
واحدة ،أضف إلى ذلك أن السنة القولية جاءت معززة لما ثبت من فعله عليه أفضل الصلاة والسلام ،فقد روي عنه <<
صلاة المسافر ركعتان حتى يؤوب إلى أهله >> ،وروي عنه << ألا وأن تقام الصلاة في الحضر أربعاً وقصرها ركعتان ألا وأن
تقام الصلاة في السفر ركعتين وقصرها أربع >> ،وناهيك بعمل الصحابة رضي الله عنهم الذين هم خير القرون وأعلم الناس
بهدي خير الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام ،وقد ثبت عنهم الإنكار على إمامهم وخليفتهم عثمان بن عفان عندما أتم
الصلاة بمنى حتى قال ابن مسعود (( صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وخلف أبي بكر ركعتين
وخلف عمر ركعتين ،فليت لي من أربع ركعتين مقبولتين )) ،وقد اعتذر إليهم ـ أي عثمان ـ بأن إتمامه في منى لأن له فيها
حكم المقيم من حيث أنه له أهل فيها ومن كان كذلك فهو مقيم حسبما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .هذا
وقد اختلفت المذاهب الإسلامية في تحديد مدة السفر فقد جاء في بعضها تحديده بأربعة أيام ،وفي بعضها بثلاثة أيام
وفي بعضها بخمسة عشر يوماً ،والسنة لم يأت فيها تحديد ،فقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة ثمانية عشر يوماً وهو
يقصر الصلاة ،كما أنه أقام في غزوة تبوك شهراً أو أكثر وهو يقصر الصلاة ،وكان أصحابه رضي الله عنهم يقصرون بالمقام في
الأسفار ولو إلى سنتين ،وبهذا يتضح أن العبرة بالاستقرار لا بغيره ،فمن رأى أنه مستقر في بلد هو مقيم فيه إقامة غير
محدودة عازم على استمراره في الإقامة به فليتم صلاته وإلا فليقصرها .والله أعلم.
الفتاوى ـ كتاب الصلاة ـ الجزء الأول ص 97ـ 98