Page 64 - merit 50
P. 64
العـدد 50 62
فبراير ٢٠٢3
فهم ما يجري وهو في الشطر الثاني الجالس أمام بميكروفونين ويدعو الناس إلى البقاء والتمسك
شاشات التلفزيون .واكتشفت أنني أريد أن أفهم بالأرض.
مثله رغم أنني من بتوع التحرير .قال الرجل: «العالم كله بيتفرج على روعتكم .أنتم بتكتبوا
«لو عاوزين مبارك يمشي ،احنا كمان عايزينه التاريخ دلوقت .بتاخدوا زمام الأمور بأيديكم.
يمشي النهاردة قبل بكرة .بس مين يبقى كبير البلد
يا هندسة؟ معلش احنا مش متعلمين زيكو ولازمنا قطعوا الاتصالات بس لسة العالم شايفكم».
نعم ،العالم يشاهدنا بلا شك .قناة الجزيرة تضع
كبير». علينا عينًا حارسة راعية تنقل ما يجري .وكثي ًرا
جاريته في منطقه:
«كل بلد محتاجة إدارة ممكن نسميها الكبير بتاعها. ما قابلت مراسليها ومصوريها هنا وهناك في
بتكون مجموعة مؤسسات وأفراد بيديروا بشكل الميدان« .نهير» تعرف منهم العديدين .لديها صديقة
جماعي حسب القانون».
رد عليَّ السائق قائ ًل: مقربة من بينهم .امرأة لطيفة دقيقة الجسد،
«مختلفناش .يعني أنتوا بتوع التحرير عندكم متوقدة العينين .تتحدث بإيجابية كبيرة عن ميداننا
الإدارة دي جاهزة تستلم من مبارك؟».
لم أجد السؤال مستف ًّزا قدر ما وجدته غير منطقي: وثورتنا .تحدثت إليها وإلى غيرها مرات عديدة.
«احنا مش ساسة .احنا الشعب .عايزين يتابع «نهير» نصف مليون شخص على تويتر.
نوصل لمرحلة الإدارة طب ًعا ،بس احنا حاليًا
لسة متخلصناش من النظام الحالي .لازم نهد تنشر أخبار الميدان على مدار الساعة.
الأول عشان نبني على نضافة ونوصل للإدارة صبا ًحا :الروح المعنوية مرتفعة ج ًّدا في الميدان .كل
الديمقراطية للدولة».
السائق لم يستوعب كلامي ،ويا للغرابة أحسست حاجة جديدة حتى الموسيقى والأغاني.
مثله أن هناك حلقة مفقودة .ليس في ثورتنا النبيلة ظه ًرا :كل اللي يقدر ييجي ومعاه بطاطين وشاش
بحد ذاتها ،بل في مدى تواصلها على أرض الواقع. وميكروكروم وكحول مطهر .كل المداخل مؤمنة.
ميادين التحرير بحاجة للانتقال داخل البيوت .لدينا
بدائل عديدة لمبارك وكلها قادرة على إدارة انتقالية مسا ًء:
ناجحة للبلاد .لدينا طاقات تولدت من قلب ثورة We will not bend under the iron grip of the
اللوتس .لدينا صحوة قوية للروح المصرية تستطيع regime. No internet blackout will stop the
بناء دولة على أسس حضارية. #egyrevolution
شاركت اليوم رفقاء خيمتي ،نبيل الفنان التشكيلي
طالب الدكتوراة وكريم ابن الجامعة الأمريكية لم أعد أستطيع متابعة ما تكتب بسبب قطع
وسيد المهندس السكندري وسامح رفيق الكفاح الاتصالات .أعود وحي ًدا في تاكسي إلى البيت .الذعر
الصيدلي ،مقاطع من «طبائع الاستبداد» ،وأحب أن
في الشوارع من السطو المسلح يجعل الناس غير
أختم بها هنا: آمنين .هل نزعنا الأمان من قلب مصر أم نزعنا
[وإني أقتصر على بعض الكلام فيما يتعلق بالمبحث
الغطاء عن قلب غير آمن؟
الأخير منها فقط ،أعني مبحث السعي في رفع سائق التاكسي الذي قادني إلى البيت وحي ًدا
الاستبداد فأقول:
سألني« :أنت من بتوع التحرير؟».
( )١الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام لم أعد أعرف تحدي ًدا ،وكي أكون صاد ًقا أجبته:
الاستبداد لا تستحق الحرية.
«تقدر تعتبرني ُمرا ِقب».
( )٢الاستبداد لا يقاوم بالشدة إنما يقاوم باللين لم يستوعب السائق إجابتي ودارت بيننا مناقشة
دونتها تلك الليلة تحت عنوان« :إنت من بتوع
التحرير؟».
هل تنقسم مصر الآن إلى شطرين؟ ميادين الحرية
والبيوت المترقبة؟ وهل هما شطران متساويان؟ في
القدرة أم المقدار؟
دار السؤال برأسي وبرأس سائق تاكسي أقلني
من ميدان التحرير إلى البيت .كان السائق يحاول