Page 30 - أثار مصر اليونانية الرومانية
P. 30
معبد فيلة :
معبد إيزيس هو المعبد الرئيسي في مجموعة معابد فيلة بأسوان ،والأخير اشتق اسمه من كلمة فيلو اليونانية،
التي تعني المحب أو الحب ،في إشارة إلى أن المعبد كرس لتخليد ذكرى حب الزوجة المخلصة لزوجها الذي
غدر به أخوه ست ،إله الشر.
هذه الأسطورة القديمة كانت مصدر إلهام قصص أخرى أعادت نسج أحداث الأسطورة في عصور لاحقة،
ومنها الحكاية الشهيرة من حكايات ألف ليلة وليلة عن أنس الوجود ومحبوبته ورد ،والطريف أن أحداث القصة
دارت في جزيرة فيلة أي ًضا ،نفس الجزيرة التي خلدت قصة عشق إيزيس وأوزوريس.
المعبد يقع على بعد نحو 4كيلو مترات جنوبي أسوان ،وقد اتخذه الإغريق والرومان مركزا لعبادة إيزيس
وربطوا بينها وبين معبودات الحب في دياناتهم :أفروديت وفينوس.
وبحسب ما يذكره المؤرخ اليوناني بلوتارخ (125 -45م) في مدوناته عن أسطورة إيزيس ،فإن إيزيس وجدت
قلب زوجها أوزوريس في الجزيرة المجاورة لفيلة وتعرف باسم جزيرة بيجا ،وأقامت لزوجها في تلك الجزيرة
مقبرة رمزية اعتادت زيارتها يوميا.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المباني الحالية نقلت من جزيرتها الأصلية (فيلة) إلى جزيرة (أجيلكا) المجاورة
للجزيرة الأصلية في الفترة ما بين 1972و ،1982خلال مشروع ضخم تبنته منظمة اليونسكو لإنقاذ آثار فيلة
من مياه الفيضان ،أما جزيرة فيلة الأصلية فقد غرقت تماما في مياه النيل .
يتكون المعبد من عدة معابد أخرى أهمها وأكبرها معبد إيزيس ،الذي يتوسط المجموعة المعمارية ويحيط به
عدد من المعابد الأصغر أو المقصورات ،مثل مقصورة نقتانبو ،لتي تقع عند مدخل الجزيرة في الركن الجنوبي
الغربي وترجع إلى عصر الأسرة الثلاثين.
ويتكون معبد إيزيس من البوابة التي تتوسط الصرح الأول ،وفي نهايته درجات سلم تؤدي إلى الصرح الثاني
الأصغر حجما ويقع ما بين الصرحين حجرة الولادة أو الماميزي ،التي تحتوي على نقوش تحكي قصة هرب
إيزيس إلى أحراش الدلتا لولادة حورس ،ومناظر تظهر فيها وهي ترضع حورس.
قبل بلوغ قدس الأقداس يوجد صالتين ،استخدمت الأولى ككنيسة ،ويحتوى قدس الأقداس على رسوم مؤثرة
تجمع بين إيزيس وأوزوريس مثل المنظر الذي تفرد فيه إيزيس جناحيها خلف أوزوريس قائلة “سأحتضن
جمالك”.
قصر أنس الوجود
أما حكاية أنس الوجود ،التي وردت في حكايات ألف ليلة وليلة ،فتعد هي أكثر القصص تأثرا بأسطورة عشق
إيزيس وأوزوريس ،حتى أن الاسم الشائع للمعبد في العصور العربية أصبح قصر أنس الوجود ،والسبب في
ذلك أن لقصة استخدمت معبد فيلة مسرحا للأحداث.
ويتبادل العاشقان الرسائل الناطقة بلسان المحبين ،لكن يكتشف الوزير الأمر ويواجه ابنته ،التي تصر على
الزواج من حبيبها أنس الوجود ،فما كان من الأب إلا أن أرسل ابنته في صحبة وصيفاتها كسجينة في جزيرة
فيلة ،التي كانت محاطة بالتماسيح في ذلك الوقت ،حتى لا ترى حبيبها.
عندما يعلم أنس الوجود بالأمر يخرج هائما على وجهه باحثا عن حبيبته في كل مكان ويخاطب الوحوش
والطير سائلا عن مكانها ،وتقول الحكاية أن الفتى في رحلته صادف العديد من الأهوال واستطاع بصدق حبه
أن ينتصر عليها ،ليجد نفسه أخيرا أمام الجزيرة التي حبست فيها ورد.
تزداد خيبته أنس الوجود حين يكتشف أن الجزيرة محاطة بالتماسيح الشرسة ،ويظل أياما يغني ويبكي محبوبته
حتى آنست له التماسيح وأشفقت عليه وجاء كبيرهم “سوبيك” وسمح له أن يمتطي ظهره ليعبر إلى المعبد ليرى
30