Page 91 - merit 38 feb 2022
P. 91

‫‪89‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

   ‫الأول‪ ،‬وحياتك كلها‪ ،‬ليتخذك وسيلة من وسائل‬          ‫العيال‪ ،‬لا سياسة ولا قرف‪ ،‬عمري ضاع على قلة‬
      ‫تحقيق مشروعه وحلمه السياسى‪ ،‬لم يكن له‬                                                  ‫فايدة‪.‬‬

  ‫حلم سياسي نبيل‪ ،‬كان حلمه يتلخص في السلطة‬                                 ‫‪ -‬المعاش هينقص للنص‪..‬‬
   ‫والزعامة‪ ،‬وكل الشعارات التي رفعها في مراحل‬           ‫‪ -‬نعوضه بحاجة تانية‪ ،‬ممكن بالقرشين بتوع‬
 ‫حياته المختلفة‪ ،‬كان الهدف منها السلطة والزعامة‪،‬‬     ‫مكافأة نهاية الخدمة نفتح كشك أو نعمل مشروع‬
 ‫وكان والدك ‪-‬هو نفسه والده‪ -‬هو الضحية الأولى‬          ‫صغير‪ ،‬حتى أبيع دره مشوي لو لزم الأمر‪ ،‬المهم‬
 ‫لهذا الحلم‪ ،‬سيطر على عقل والدك بالكذب والوهم‪،‬‬
                                                                                        ‫أربي عيالي‪.‬‬
      ‫فصدق أن ولده الأكبر كامل يجالس الحكام‬
    ‫ويحاربهم أحيا ًنا‪ ،‬لأنه يدافع عن الحق والعدل‪،‬‬                    ‫‪-2‬‬
  ‫ووالدكما الحاج يوسف حج بيت الله‪ ،‬بعد أن باع‬
     ‫ربع فدان أرض‪ ،‬لأنه يريد أن يلقي الله طاه ًرا‪،‬‬        ‫أنت ‪-‬الآن‪ -‬أرمل متقاعد‪ ،‬تعول أربعة أولاد‬
 ‫مغسو ًل من ذنوب الدنيا‪ ،‬وهو الذي رفض التحاق‬            ‫يدرسون في الابتدائى والإعدادي‪ ،‬أيتام يتألمون‬
                                                     ‫بموت أمهم‪ ،‬منذ أن ماتت لم تزرهم خالتهم نجاة‪،‬‬
                          ‫«كامل» بكلية الشرطة‪:‬‬       ‫ولا خالهم جمال‪ ،‬الوحيدة التي تزور بيتك ‪-‬أختك‬
 ‫‪ -‬ابني أنا ما ينفعش يشتم الناس ويهين كرامتهم‪،‬‬        ‫لواحظ‪ -‬زوجة زميلك في المصنع والحزب الرفيق‬
                                                        ‫عوض الفولى‪ ،‬الذي استقال من المصنع والتحق‬
                      ‫شوف لك شغلانة غير دي‪.‬‬             ‫بورشة ميكانيكا سيارات‪ ،‬وك َّون ثروة سمحت‬
   ‫وبحث كامل عن طريق بديلة توصله إلى السلطة‪،‬‬           ‫له بأن يكون شري ًكا فيها بالثلث‪ ،‬ولواحظ أختك‬
‫فأصبح عض ًوا في تنظيم الطليعة العربية الذي يرعاه‬       ‫الصغرى‪ ،‬أنت الذي توليت كل أمورها بعد موت‬

    ‫عبد الناصر داخل تنظيم «الاتحاد الاشتراكى»‪،‬‬               ‫والدكما‪ ،‬ونمت بينكما محبة أخوية قوية‪.‬‬
     ‫ونجح في انتخابات اتحاد الطلبة بكلية الحقوق‬          ‫قبل موت صباح قال لك الدكتورعزيز صدقي‬
    ‫‪-‬جامعة عين شمس‪ -‬وانضم للحزب الشيوعي‬
  ‫المصري منذ تأسيسه في منتصف السبعينيات من‬                 ‫‪-‬أستاذ جراحة المخ والأعصاب‪ -‬بكلية طب‬
  ‫القرن الماضي‪ ،‬وأصبح عضو اللجنة المركزية‪ ،‬ثم‬                                         ‫القصرالعيني‪:‬‬
   ‫انقلب على القيادة‪ ،‬وخرج من الحزب‪ ،‬وجلس مع‬
    ‫ضابط أمن الدولة المكلف بمكافحة الشيوعية في‬      ‫‪ -‬المدام يلزمها جراحة مستعجلة‪ ،‬الغضروف ممكن‬
                                                                                    ‫يسبب لها شلل‪.‬‬
                               ‫الصعيد وقال له‪:‬‬
              ‫‪ -‬أنا بطلت شيوعية‪ ،‬ارموا بياضكم!‬                 ‫‪ -‬والجراحة دي يا دكتور تتكلف كام؟‬
                                                    ‫‪ -‬عشرين ألف جنيه‪ ،‬وأجرة إيدي عشرة آلاف‪ ،‬ده‬
                                ‫فقال له الضابط‪:‬‬
      ‫‪ -‬جهز نفسك‪ ،‬هتسافر مرافق مع المدام‪ ،‬هيه‬         ‫مراعاة لظروفك‪ ،‬إنما في ظروف تانية أجرة إيدي‬
 ‫هتروح مدرسة إنجليزي ثانوي بنات في أبو ظبى‪،‬‬                 ‫عشرين ألف‪ ،‬غير تكاليف أوضة العمليات‪.‬‬

            ‫وانت هناك شوف نفسك‪ ،‬وهنساعدك‪.‬‬            ‫وعاشت صباح عامين مشلولة‪ ،‬راقدة على السرير‬
    ‫وتمت الصفقة‪ ،‬وأنت ما زلت تناضل في مصنع‬              ‫وأنت تخدمها‪ ،‬وتحملها إلى دورة المياه فتقضي‬
‫الأسمدة مع الرفاق‪ ،‬وسرعان ما انهار الحزب كله‪،‬‬          ‫حاجتهاوتحملها ‪-‬نظيفة‪ -‬إلى سريرها‪ ،‬وتغسل‬
 ‫وانهار البيت الكبير‪ ،‬الاتحاد السوفييتي‪ ،‬أول وطن‬         ‫المواعين وتطبخ‪ ،‬وتشوف طلبات العيال‪ ،‬وأنت‬
  ‫اشتراكي على الأرض‪ ،‬أقامه لينين في ضوء تعاليم‬           ‫راض وصابر رغم مرض صباح‪ ،‬وكنت تقول‬
 ‫ماركس وأنجلس‪ ،‬وكان المفترض أن تتحول الدنيا‬
‫كلها إلى الاشتراكية‪ ،‬وماركس يحذر‪ :‬الاشتراكية أو‬      ‫لنفسك «المهم نفسها في البيت‪ ،‬وقعدتها وسطينا»‪،‬‬
                                                           ‫كان وجودها يشعرك بالأمان‪ ،‬وكنت تقول‪:‬‬
                                       ‫البربرية‪.‬‬
    ‫وجدت نفسك عار ًيا‪ ،‬وقعت القطيعة بينك وبين‬        ‫‪ -‬صباح أم عيالي‪ ،‬بنت حلال‪ ،‬أشيلها جوه عيني‪،‬‬
 ‫كامل‪ ،‬لأنه أرادك مثله صدي ًقا لأمن النظام الحاكم‪،‬‬                             ‫زي ما شالتني زمان‪.‬‬

                                                        ‫لما أفسد أخوك ‪-‬الأكبر‪ -‬كامل مشرع خطوبتك‬
   86   87   88   89   90   91   92   93   94   95   96