Page 59 - مجلة ثقافة قانونية - العدد الثالث
P. 59

‫دور المؤسسات التعليمية‬                                                                                                     ‫بقلم‪:‬‬
            ‫فى تنمية ثقافة القانون والمواطنة‬

                        ‫وحقوق الإنسان‬

                                                                     ‫‌أ‪.‬د‪ .‬أحمد جمال الدين موسى‬

                                                                                                               ‫وزير التربية والتعليم الأسبق‬

‫يوليو ‪2024‬‬‫‪-‬يتأثر الإنسان كثي ًرا بالبيئة التى يعيش فيها‪،‬‬      ‫(‪ )3‬احترام الدستور والقانون هو حجر الأساس فى‬        ‫سأستعرض باختصار عد ًدا محدو ًدا من النقاط‬
       ‫خاصة العائلة والمدرسة والجامعة‪ ،‬وهو ما ينطبق‬           ‫تنمية الثقافة القانونية وترسيخ مفهوم حقوق الإنسان‪:‬‬          ‫أجدها جديرة بالطرح للتفكير والمناقشة‪:‬‬
       ‫أي ًضا فى مجال احترام القانون وتجنب انتهاكه‬            ‫‪-‬من الجيد أن تأتى النصوص الدستورية والقانونية‬
       ‫وكراهية الاعتداء على حقوق الآخر أو الحط من‬             ‫لتؤكد أهمية احترام حقوق الإنسان‪ ،‬ولنا فى دستور‬                        ‫(‪ )1‬كليات الحقوق نموذ ًجا‪:‬‬
                                                              ‫‪ 2014‬نموذ ًجا‪ ،‬إذ يتضمن نصو ًصا جيدة فى هذا‬         ‫‪-‬طبيعة الدراسة القانونية ذاتها تغطى على نحو‬
                            ‫كرامته أو العسف بحقوقه‪.‬‬                                                               ‫واسـع هـذه المـوضـوعـات مـا يمنح طـاب القانون‬
       ‫‪-‬فى المؤسسات التعليمية لا يتوجب فقط مراجعة‬                                                ‫الخصوص‪.‬‬          ‫معرفة مناسبة‪ ،‬خـاصـة مـقـررات مثل القانون‬
       ‫المناهج لتتسق مع هذه القيم‪ ،‬لكن يتوجب أي ًضا جعل‬       ‫‪-‬غير أن الاحترام الواقعى لتلك النصوص عند‬            ‫الدستورى (الحقوق السياسية والحريات العامة)‬
       ‫القانون وحقوق الإنسان موضو ًعا دائ ًما للأنشطة‬         ‫تطبيقها على أرض الواقع هو الذى يرسخ لدى الرأى‬       ‫والقانون الـدولـى (الانتماء للوطن فى ظل عالم‬
       ‫والمسابقات؛ فيمكن على سبيل المثال تشجيع إقامة‬                                                              ‫خارجى متقلب) والاقتصاد (الحقوق الاقتصادية‬
       ‫نوادى أو أسر طلابية تهتم أسا ًسا بهذه الموضوعات‪.‬‬                     ‫العام التمسك بها والحرص عليها‪.‬‬        ‫والاجتماعية للمواطنين) والقانون الإدارى وقانون‬
       ‫‪-‬فى وقتنا المعاصر تتأثر الأجيال الجديدة بوسائل‬         ‫‪-‬تحقق هذا الاحترام هو واجـب كل مؤسسات‬               ‫العمل (حقوق الطبقات العاملة وواجباتها) والقانون‬
       ‫الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى على نحو يفوق‬          ‫الدولة وكل مواطنيها‪ ،‬ويأتى فى المقدمة البرلمان‬      ‫الجنائى (ضمانات المتهمين وحماية الحقوق الفردية‬
       ‫تأثرها بالعائلة والمؤسسة التعليمية‪ ،‬لذلك يتعين ابتكار‬  ‫والقضاء والشرطة والأجـهـزة التنفيذية المركزية‬       ‫والجماعية مـن الانـتـهـاك) والشريعة الإسلامية‬
       ‫أدوات تسمح بتوصيل رسائل ترسخ مفاهيم حقوق‬                                                                   ‫(الحقوق الشخصية والأسرية‪ ،‬والمبادئ والقواعد‬
                                                                                                   ‫والمحلية‪.‬‬
                             ‫الإنسان عبر تلك الوسائل‪.‬‬         ‫‪-‬تحقق الشعور العامة بأهمية الانتماء للوطن‬                                      ‫الدينية العامة) ؛الخ‪.‬‬
       ‫‪-‬الواقع أن احترام أى دولة لدولة القانون وحمايتها‬       ‫يقتضى احترام صارم لحقوق المواطنة التى يأتى‬          ‫(‪ )2‬قصة بداية تدريس مقرر حقوق الإنسان فى‬
       ‫لحقوق الإنسان أمر لا غنى عنه لضمان سلامتها‬             ‫فى مقدمتها تقديس مبدأ المـسـاواة الدستوري‪،‬‬
       ‫وتقدمها وتفوقها‪ ،‬ليس فقط فى المدى القصير‪ ،‬لكن‬          ‫والاحترام الصارم للحقوق الفردية والسياسية التى‬                                     ‫كافة الجامعات‪:‬‬
       ‫على وجه الخصوص فى الزمنين المتوسط والبعيد‪.‬‬             ‫قررتها نصوص الدستور‪ ،‬وكذلك توفير الاحتياجات‬         ‫‪-‬طرحت الفكرة فى المجلس الأعلى للجامعات فى‬
       ‫وفى هذا الشأن لنا عبرة بما نراه فى العالم المحيط‬       ‫الأساسية لكافة المواطنين تطبي ًقا لمبادئ الحقوق‬
       ‫بنا؛ فالدول التى نجحت فى تحقيق تلك الحماية‬                                                                                    ‫العام الجامعى ‪.2004/2003‬‬
       ‫لمواطنيها هى التى حافظت على تماسكها وازدهارها‬                                 ‫الاقتصادية والاجتماعية‪.‬‬      ‫‪-‬تشكلت لجنة لدراستها وتقديم مقترحاتها تشرفت‬
                                                              ‫(‪ )4‬دور الأسرة والتعليم والثقافة والإعلام جوهرى‬
                   ‫طوي ًل عبر العقود أو القرون الماضية‪.‬‬       ‫فى ترسيخ مفهوم احترام القانون وحماية حقوق‬                                               ‫بعضويتها‪.‬‬
                                                                                                                  ‫‪-‬إصرارنا فى اللجنة على تعميم ذلك المقرر على‬
‫‪59‬‬                                                                                                  ‫الإنسان‪:‬‬      ‫كل الكليات فى جميع كليات الجامعات‪ ،‬عدا الحقوق‬

                                                                                                                      ‫التى يلم طلابها بشكل جيد بتلك الموضوعات‪.‬‬
                                                                                                                  ‫‪-‬اقترحنا أن يشمل المقرر جزئين‪ :‬الأول يتضمن‬
                                                                                                                  ‫حقوق الانسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية‬
                                                                                                                  ‫ويكون موح ًدا فى كافة كليات الجامعة‪ .‬والثانى يتكيف‬
                                                                                                                  ‫مع طبيعة الدراسة فى كل كلية ليتضمن معرفة قانونية‬
                                                                                                                  ‫أساسية بحقوق وواجبات والقواعد القانونية المنظمة‬
                                                                                                                  ‫لكل مهنة مثل الهندسة أو الطب أو الصيدلة‪ ،‬الخ‪.‬‬
                                                                                                                  ‫‪-‬صدر قرار المجلس الأعلى للجامعات منذ عام‬
                                                                                                                  ‫‪ 2004/2003‬بإقرار ما انتهت إليه اللجنة وأعتقد‬
                                                                                                                  ‫أن قد استمر بصفة عامة فى احترامه منذئذ‪ ،‬على‬

                                                                                                                          ‫الأقل فى معظم مؤسسات التعليم العالي‪.‬‬
                                                                                                                  ‫‪-‬غير أنه تبقى العبرة دائ ًما بمدى اتساق التطبيق‬
                                                                                                                  ‫الواقعى مع التخطيط المأمول‪ :‬هل يتم بالفعل تدريس‬
                                                                                                                  ‫المقرر بجدية فى كل مكان؟ ما هو مستوى تأليف‬
                                                                                                                  ‫وإعداد هذا المقرر فى كل جامعة من الجامعات؟ ما‬
                                                                                                                  ‫مدى كفاءة ومعرفة القائمين بالتدريس؟ هل تخصص‬
                                                                                                                  ‫ساعات للتدريس والحوار حول تلك الموضوعات أم‬
                                                                                                                  ‫يكتفى فقط بالامتحان الشكلى فيها؟ هل تهتم‬
                                                                                                                  ‫الجامعات بإجراء مسابقات تنافسية فى موضوعات‬
                                                                                                                  ‫حقوق الإنسان؟ وهل تشجع بحوث طلابها فى ذلك‬

                                                                                                                                                         ‫المجال؟‬
   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64