Page 72 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 72
العـدد 23 70
نوفمبر ٢٠٢٠
أحمد سلامة الرشيدي
أط ِّوح عمامتي
للهواء
ورفاقهم في بطنها المالحة. ُبترت ذراع جدي من كتفها إثر طلقة كانت
لي فيها جد أمي وابنا عمة وذراع جدي لأبي .كان تستهدف القلب .لم تفلح أعشاب البدو في منع
يقول في آخر حياته المديدة« :ما أعادتني من الموت البارود الساخن عن تذويب اللحم ونخر العظام.
رحلة الموت إلى العطرون .لم يكن المقام بجوار الأهل
إلا الذراع التي حطيتها قبل الظعن على الكتف والمرقد اللين أقل مو ًتا .الأثداء جفت والجدب يمتص
الطيب”. النور من عيون ال ُر َّضع .الأحجار أش ُّد قب ًحا والرمل
أبي.. أقب ُح خشون ًة .الرجال هزلت حتى أن واحدهم
شاهت عينه اليسرى وهو ولد يجري بقلب أخضر تطوحه الريح كالسكران.
فوق الرمل ،يبحث عن روح الصحراء ليحتضن لا ُيقبّلون زوجاتهم قبل الركوب على الإبل
القلب الحجر ّي .نفس النخلة التي منحته التمرة الضامرة .يضع واحدهم يده اليسرى على كتف
العسلية ليكبر ،سلبته العين اليسرى -قربا ًنا- زوجته الأيمن وبندقيته في يده الأخرى ويقول« :ما
حين استقرت الشوكة في محجرها ،ليقول لي يعقبني عليكم شر» ،ويذهب هو إلى الشر الأسود،
وهو يتحسسها فوق شاربه الأبيض «يا وليدي، جنو ًبا إلى الأرض العجماء ،حيث لا لغة إلا البندقية،
الصحراء قاسي ٌة حتى على أهلها». والتربة التي يقشرون منها العطرون ليبادلوه
أقربائي.. بالقوت لأولادهم إن عادوا؛ يدفنون أعضائهم
شربوا أبوال نياقهم وجيادهم ليتفادوا الموت عطشا