Page 2 - نظريه التطور الاسلاميه_بسم الله الرحمن الرحيم
P. 2
اﻟﺼﻔﺤﺔ|١ ﻛﯿﻨﻮﻧﮫ اﻟﺨﻠﻖ :ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻻرض
ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻻﺳﻼم
ﻧﻈﺮﯾﮫ اﻟﺘﻄﻮر اﻻﺳﻼﻣﯿﮫ
ﯾﻘﻮل ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻗُ ْﻞ ِﺳﯿ ُﺮوا ﻓِﻲ ا ْﻷَ ْر ِض ﻓَﺎ ْﻧﻈُ ُﺮوا َﻛ ْﯿ َﻒ ﺑَ َﺪأَ ا ْﻟ َﺨ ْﻠ َﻖ ۚ ﺛُ ﱠﻢ ﱠﷲُ ﯾُ ْﻨ ِﺸ ُﺊ اﻟﻨﱠ ْﺸﺄَةَ ا ْﻵ ِﺧ َﺮةَ ۚ إِ ﱠن ﱠﷲَ َﻋﻠَ ٰﻰ ُﻛ ﱢﻞ
َﺷ ْﻲ ٍء ﻗَ ِﺪﯾ ٌﺮ] اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت :آﯾﮫ ،[٢٠ﺗﺒﯿﻦ ﻟﻨﺎ ھﺬه اﻵﯾﮫ اﻟﻜﺮﯾﻤﮫ ﻣﻠﺨﺺ ﻣﻌﺠﺰ ﻟﺘﻄﻮر اﻟﺨﻠﻖ طﺒﻘﺎ ﻟﻠﺮؤﯾﺎ اﻻﺳﻼﻣﯿﮫ ،وھﺬه اﻟﺮؤﯾﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ
ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﮫ دارون ﻓﻲ ﻧﻈﺮﯾﺘﮫ اﻟﻤﺴﻤﺎه " ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻨﺸﻮء واﻻرﺗﻘﺎء " )*( ،وﻟﻜﻨﮭﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﮫ ﻛﻠﯿﺎ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﺗﮫ ﻟﻠﺘﻄﻮر ﻋﻠﻰ اﻧﮫ "اﻧﺘﻘﺎء
طﺒﯿﻌﻲ" ﻛﻤﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﮫ اﯾﻀﺎ ﻓﻲ اﻻﺳﺎس اﻟﺬي ﺑﻨﻰ ﻋﻠﯿﮫ دارون ﻧﻈﺮﯾﺘﺔ ،اﻻ وھﻮ ﻛﯿﻨﻮﻧﮫ ھﺬا اﻻﻧﺘﻘﺎء وﻛﯿﻒ ﺗﻢ ﺑﮭﺬه اﻟﺼﻮره دون
ﻏﯿﺮھﺎ ،وﻣﻦ ذا اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ھﺬه اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﺗﻌﻠﻢ ان ﺗﻄﻮرھﺎ ﺑﮭﺬه اﻟﻜﯿﻘﯿﮫ او ﺗﻠﻚ ھﻮ اﻻﺻﻠﺢ ﻟﮭﺎ وﻟﯿﺲ ﺷﻲء آﺧﺮ ،ﻓﺎﺧﺘﺎرت ھﺬه اﻟﺼﻮره
ﻟﺘﻄﻮرھﺎ وارﺗﻘﺎﺋﮭﺎ ﺧﻼﻓﺎ ﻟﺼﻮر أﺧﺮى ﻣﺤﺘﻤﻠﮫ ،ﻓﮭﻞ ﻋﻘﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ھﻮ ﻣﻦ ﻗﺎم ﺑﺪراﺳﮫ اﻟﻈﺮوف اﻟﺒﯿﺌﯿﮫ واﻟﻤﻌﯿﺸﯿﮫ ﺣﻮﻟﮭﺎ وﻗﺮر ان ھﺬه
اﻟﻜﯿﻔﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر أو اﻻرﺗﻘﺎء ھﻲ اﻻﻓﻀﻞ ﻟﮭﺎ وﻟﺒﻘﺎءھﺎ وﺗﻄﻮرھﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﯿﺌﮫ دون ﻏﯿﺮھﺎ؟ ،وھﻞ ﻋﻘﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﮭﻤﮭﺎ اﻟﻰ ان
ﻧﺘﺎج ﺗﻄﻮرھﺎ وﺑﻜﯿﻔﯿﮫ ﻣﺎ ،ﺳﯿﻨﺘﮭﻲ اﻟﻰ "ﺳﻤﻜﮫ" أو "ﺗﻤﺴﺎح" أو ﺣﺘﻰ "طﺤﺎﻟﺐ" ﻣﺜﻼ...؟ ،وھﻞ ﻋﻘﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﮭﻤﮭﺎ ﺑﺎن ھﺬه
اﻟﺼﻮره اﻟﺘﻲ ارﺗﻀﺎھﺎ ﻟﮭﺎ ﻋﻘﻠﮭﺎ ﻛﻨﻤﻮذج ﻟﺘﻄﻮرھﺎ وارﺗﻘﺎﺋﮭﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻨﺎﺳﺒﮫ ﻟﮭﺎ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻟﻜﻲ ﺗﺘﻄﻮر اﻟﻰ ﻧﻤﺎذج اﺧﺮى ﺗﺤﺖ ظﺮوف ﺑﯿﺌﯿﮫ
ﻣﺠﮭﻮﻟﮫ وﻏﯿﺒﯿﮫ؟ ...،اﻧﮭﺎ ﺗﺴﺎءﻻت ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﮭﺎ ،ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﻧﻈﺮﯾﮫ دارون اﻻﺟﺎﺑﮫ ﻋﻠﯿﮭﺎ طﺎﻟﻤﺎ ھﻲ ﻣﺘﻨﻤﺬﺟﮫ ﻓﻲ ﻗﺎﻟﺒﮭﺎ اﻻﻟﺤﺎدي.
ﻗُ ْﻞ ِﺳﯿ ُﺮوا ﻓِﻲ ا ْﻷَ ْر ِض ﻓَﺎ ْﻧﻈُ ُﺮوا َﻛ ْﯿ َﻒ ﺑَ َﺪأَ ا ْﻟ َﺨ ْﻠ َﻖ ﻓﺎﻟﻘﺮان وﻣﻨﺬ ﻧﺰوﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﺳﯿﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺼﻼه واﻟﺴﻼم وﻣﻨﺬ
اﻛﺜﺮ ﻣﻦ ارﺑﻌﮫ ﻋﺸﺮ ﻗﺮﻧﺎ وھﻮ ﯾﺪﻋﻮﻧﺎ ﻻن ﻧﺘﻔﻜﺮ وﻧﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻛﯿﻔﯿﮫ
ﺑﺪأ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺨﻠﻖ " ﻗُ ْﻞ ِﺳﯿ ُﺮوا ﻓِﻲ ا ْﻷَ ْر ِض ﻓَﺎ ْﻧﻈُ ُﺮوا
َﻛ ْﯿ َﻒ ﺑَ َﺪأَ ا ْﻟ َﺨ ْﻠ َﻖ " ،وﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ان اﻟﻤﺸﯿﺌﮫ اﻻﻟﮭﯿﮫ ﻋﻨﺪﻣﺎ
اﻗﺘﻀﺖ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻻرض اﺑﺘﺪأ ھﺬا اﻟﺨﻠﻖ واﺳﺒﺎﻏﺎ ﻟﮭﺬه
اﻟﻤﺸﯿﺌﮫ ﺑﻜﻠﻤﮫ "ﻛﻦ" ﻓﻜﺎن ﻛﻞ ﺷﻲء ﺗﺪرﺟﺎ ﺧﻠﻘﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺧﻠﻖ طﺒﻘﺎ
ﻟﻤﺎ اﺳﺘﻨﮫ ﷲ ﻓﻲ ﺧﻠﻘﮫ ،ﻓﺨﻠﻘﺖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻻرض ﺗﺪرﺟﺎ وطﺒﻘﺎ
ﻟﻤﺎ اوﺣﺎه وﻗﺪره ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﮫ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﮭﺎ " َوأَ ْو َﺣﻰ ﻓِﻲ ُﻛ ﱢﻞ َﺳ َﻤﺎ ٍء
أَ ْﻣ َﺮھَﺎ " ،وﻗ ّﺪرت اﻗﻮات اﻻرض ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺪرﺟﺎ ،ﺑﺪأ ﻣﻦ ﻣﺎ
ﻗﺒﻞ "ﺑﺪاﺋﯿﺎت اﻻﻧﻮﯾﮫ" واﻧﺘﮭﺎء ﺑﺠﻤﯿﻊ اﻻﻗﻮات ﻋﻠﻰ اﻻرض ﺧﻠﻘﺎ
ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺧﻠﻖ.
أن اﻟﻨﻈﺮه اﻻﺳﻼﻣﯿﮫ ﻟﻜﯿﻨﻮﻧﮫ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻖ ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﻀﯿﻖ ﻟﻨﻈﺮﯾﮫ اﻟﺘﻄﻮر ﻋﻨﺪ دارون ،ﺑﻞ ﺗﺘﺨﻄﺎھﺎ اﻟﻰ ﻣﺠﻤﻞ اﻟﺨﻠﻖ
ﺑﺪأ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻻرض وﻣﺮورا ﺑﺨﻠﻖ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﺑﻤﺠﻤﻠﮭﺎ واﻧﺘﮭﺎء ﺑﺨﻠﻖ اﻻﻧﺴﺎن ،ﻓﻜﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ان ﺗﻄﻮر ﺧﻠﻖ اﻟﻜﻮن ﻛﺎن ﻧﺘﯿﺠﮫ
"ﻟﻤﺨﻄﻂ اﻟﺒﻨﺎء" اﻟﻤﻮﺣﻰ ﻣﻦ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ "ﻟﻠﺒﺎديء" واﻟﺬي ﺣﻤﻞ رﻣﻮز وآﻟﯿﺎت اﻟﺨﻠﻖ ھﺬه واورﺛﮭﺎ اﻟﻰ ﻣﺠﻤﻞ ﻧﺘﺎج ھﺬا اﻟﺨﻠﻖ ﻣﻦ ﻣﺎده
وھﺪى ھﺬا "اﻟﺒﺎديء" ﻟﯿﻔﻌﻞ ﻛﺬا او ﻻ ﯾﻔﻌﻞ ﻛﺬا وﻟﯿﺲ
ﻟﻼﻧﺘﻘﺎء أو ﻟﻠﺼﺪﻓﮫ دورا ﻓﻲ اﺧﺘﯿﺎر اﻟﻜﯿﻔﯿﮫ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﮫ ﻟﺘﻄﻮر ھﺬا "اﻟﺒﺎديء" ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﻤﻠﯿﺘﻲ "اﻟﺮﺗﻖ" و"اﻟﻔﺘﻖ" اﻟﻰ اﻟﻤﺎده اﻻوﻟﯿﮫ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأ
ﻋﻨﺪھﺎ اﻻﻧﻔﺠﺎر اﻟﻌﻈﯿﻢ ،ﻛﻤﺎ اﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎء او اﻟﺼﺪﻓﮫ دورا ﻓﻲ ان ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺎده اﻻوﻟﯿﮫ ھﺬه واﻟﺘﻲ ﺑﺪأ ﻋﻨﺪھﺎ اﻻﻧﻔﺠﺎر اﻟﻌﻈﯿﻢ ﺑﮭﺬا اﻟﻜﻢ
وﺑﮭﺬه اﻟﻜﯿﻔﯿﮫ وﺑﮭﺬه اﻟﺤﺎﻟﮫ اﻟﻔﯿﺰﯾﺎﺋﯿﮫ واﻟﻜﻤﻮﻣﯿﮫ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﺗﺮاﻛﻢ ﻟﻠﻤﺎده ،اﻧﮭﺎ ﻣﺸﯿﺌﮫ اﻟﺨﺎﻟﻖ اﻟﻤﺒﺪع اﻟﺬي ﻗ ّﺪر اﻻﻣﺮ وھﺪى اﻟﯿﮫ،
ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ،ﺗﻢ دﻣﺞ ﻋﻠﻢ اﻟﻮراﺛﺔ ﻣﻊ ﻧﻈﺮﯾﺔ داروﯾﻦ ﻟﻠﺘﻄﻮر ﺑﺎﻻﺻﻄﻔﺎء اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﻓﻲ اﻟﻮراﺛﯿﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﯿﺔ .وﻗُﺒﻠﺖ أھﻤﯿﺔ اﻻﺻﻄﻔﺎء اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻟﯿﺪ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ ﻓﺮوع ﻋﻠﻢ اﻷﺣﯿﺎء )*(
اﻷﺧﺮى .ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أن ﺗﺼﻮرات ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺣﻮل اﻟﺘﻄﻮر ،ﻣﺜﻞ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﺳﺘﻘﺎﻣﺔ اﻟﺘﻄﻮر و"اﻟﺘﻘﺪم" ،أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺒﻄﻠﺔ ،وﯾﻮاﺻﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء دراﺳﺔ ﺟﻮاﻧﺐ ﻋﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر ﻋﻦ طﺮﯾﻖ وﺿﻊ ﻓﺮﺿﯿﺎت واﺧﺘﺒﺎرھﺎ ،ﺑﻨﺎء
ﻧﻈﺮﯾﺎت ﻋﻠﻤﯿﺔ ،اﺳﺘﺨﺪام ﻣﻌﻄﯿﺎت ﻣﻼﺣﻈﺔ ،واﺟﺮاء ﺗﺠﺎرب ﻣﺨﺒﺮﯾﺔ وﻣﯿﺪاﻧﯿﺔ .ﯾُﺠﻤﻊ ﻋﻠﻤﺎء اﻷﺣﯿﺎء ﻋﻠﻰ أن اﻟﺘﺤﺪر ﻣﻊ ﺗﻐﯿﯿﺮات )أي اﻟﺘﻄﻮر( ھﻮ ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻤﺆﻛﺪة ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﻮﺛﻮق ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم.