Page 51 - Nn
P. 51
49 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
الساحر الذي أتى به الزوج ليبهر ضيوفه من الفقراء، هذه المشاهد فيها إسقاط على الحكومة المصرية التي
فيقدم الساحر بعض الألعاب البسيطة وينبهر يراها أصحاب اتجاه بعينه تقتر على الشعب وترفع
الحضور ،ثم يصر الساحر على إدخال الزوج في أسعار كل الخدمات بشكل شديد ،في حين تقيم
صندوق فيحوله إلى دجاجة ولا يستطيع إعادته ،ثم مشروعات «حلوة وشيك» وسط ما يصفونه بأنه
يدخل الساحر مع الجميع إلى دورة المياة ذات الحوائط مستنقع من الفقر بحسب وجهة نظر أصحاب هذا
القذرة ليوهمهم انه سيعيد الدجاجة رج ًل ،ثم يفشل
التيار.
ويخدع الجميع ويهرب مع مساعده. يجلس الزوج ليشاهد التليفزيون مع أطفاله ويقول
اختيار المخرج الدجاجة لا يمكن أن يمر دون ربطه لهم إنه سوف يعمل ليكسب أموا ًل كثيرة ،ويشتري
بمعنى الدجاجة عند الغرب ،الذي أنفق لإنتاج الفيلم
وأعطاه الجائزة .الدجاجة عند الغرب هي رمز للجبن لهم فيلا فيها حمام سباحة وبلياردو ،وهنا رمز
حتى أن قول أحدهم للآخر you are chickenهي للوعود الكبيرة والبعيدة تما ًما عن قدرات من أطلقها،
نوع من الشتائم التي تعني أنت جبان .هنا يكون والتي لن تتحقق خلال أحداث الفيلم.
اختيار الدجاجة مقصو ًدا للدلالة على جبن هذا الرجل ويخرج الزوج ولا نعرف شيئًا عن شخصيته أو
عمله ،لكننا نراه في الصباح وهو يعود إلى الدولاب
المتسلط ،ورم ًزا لضعف صاحب السلطة المتحكم فى ليفتح خزانته الصغيرة ويعطي زوجته الجنيهات
قوت من يحكمهم. القليلة ومعها جملة «موش عاوز لخبطة بكرة» ..ولا
يستمر الفيلم ببحث الزوجة عن الساحر في الأماكن يفصح عما سيحدث بكرة!
المختلفة مستعينة بأحد زملاء زوجها في سيارة قديمة وفي المشهد التالي الزوج يعلق زينات في البيت ويجهز
متهالكة ،وفي أماكن خربة ،فيظهر هؤلاء المتسولون لإقامة حفل عيد ميلاد الابن ،بحضور بعض من
أو السحرة بملابس بالية ومعهم القرد الذي يستخدم معارفه .موسيقى صاخبة ليرقص الضيوف ،وأثناء
رقصهم تستعرض الكاميرا حالة من الفقر المدقع في
من قبل بعض المتسولين في المناطق الشعبية ،ليقدم الأجساد والملابس للجميع ،فالأجساد نحيفة والملابس
به صاحبه بعض الألعاب ويتسول بعض المال .ولا
مهترئة ،وبينهم رجل يرتدي فقط «فانلة داخلية
يبدو للقرد أو أصحابه أي دور في القصة سوى قديمة» ،وهو نوع من المبالغة الشديدة لإظهار الفقر
إظهار مزيد من الفقر والقذارة .والفيلم الذي يفتقر والبؤس .لكن هؤلاء البؤساء يرقصون ،ولا تدري
إلى وجود قصة لها حبكة روائية ،أو سيناريو جذاب
أو حوار مقنع يستمر في استعراض مزي ٍد من البؤس أيرقصون فر ًحا أم حز ًنا وكأنهم مغيبون.
أثناء الحفل تدخل الزوجة وهي تحمل تورتة
والسواد. عيد الميلاد وتضعها في صمت وكأنها ضيفة بين
تظهر الزوجة بين بيتها البائس ومحاولاتها العمل، الضيوف ..لا تتحدث ولا تبدي أية مشاعر.
على جانب من البيت يجلس الزوج إلى جوار ضيف
وفي كل محاولة لها للعمل تجد صعوبات وجفاء مهم يبدو أنه مديره في العمل ،ويبدو الزوج سعي ًدا
وسوء معاملة ،وعندما تجد عم ًل في أحد المنازل بالضيف وبالحفل ،وإلى جوارهم النافورة ،ليكرر
تسرق بعض الطعام ،فيتم القبض عليها من قبل للضيف الجملة ذاتها «حلوة وشيك» متجاه ًل القذارة
أصحاب المنزل ويتم طردها لعدم أمانتها .ولا يظهر المحيطة به ،وكأنه غير مدرك لواقعه وغير عابئ
هنا هل أراد المخرج أن يجعل الفقر مبر ًرا للسرقة؟ بمعاناة أسرتهُ .يخرج الضيف المهم بعض النقود
أم أراد أن يقول لنا إن هذه الزوجة ليست أفضل ليعطيها للطفل كهدية فيأخد الأب المبلغ من الطفل
من هؤلاء المحيطين بها ،ليصور الجميع كشخصيات ويدخله في جيبه ،وهنا تبدو إشارة رمزية إلى أن هذا
الحاكم بأمره الطاغية يحرم الأسرة من هذا المال،
سيئة ليس بينها شخصية واحدة سوية؟
ولم يفت المخرج ضمن ما ساقه من شخصيات ويستولي عليه لنفسه.
منحرفة -بينها الزوج المتسلط وصديق الزوج الذي يخرج الضيف المهم بعد انتهاء الزيارة ،ويدخل
ساومها على نفسها ولفظته ،وهؤلاء الذين لم يترفقوا
بها بعد أن تراكمت عليها الديون -وما استعرضه من