Page 81 - مقرر التخطيط السياحي (1)_Neat
P. 81

‫يتم التعامل مع الأنشطة السياحية وفق اعتبارات موقعية ومحلية بعيدا عن علاقاتها وارتباطها بالأنشطة السياحية‬
‫في المواقع الأخرى‪ .‬وتبعا لذلك فقد كانت هناك ثغرات تخطيطية ناجمة عن تبني مناهج وقواعد نظريات الموقع‬
‫والتي بدورها أدّت إلى اهور توجهات نظرية أكثر تطورا لمعالجة الثغرات والنواقص التخطيطية على المستوى‬

                                                                                        ‫المحلي والموقعي‪.‬‬
‫وفي هذا السياق اهرت نظرية التنظيم المكاني ‪ 1‬التي ركزت على الخصائص الهيكلية والبنيوية للمواقع‬
‫المتصلة مع بعضها البعض‪ ،‬واستندت هذه النظرية إلى التوزيع المكاني لأنماط الأنشطة السكانية والاقتصادية‬
‫والخدماتية في إطار نظام إقليمي من المواقع المكملة لبعضها والتي تتبادل التأثير فيما بينها وفق نظام من‬
‫العلاقات المتبادلة‪ .‬إلاّ أ ّن هذه النظرية كانت تتعامل مع المواقع باعتبارها ااهرة ساكنة كما أ ّنها لم تنجج في‬
‫التعامل مع العمليات التي تؤدي إلى التغيرات في توزيع أنماط الأنشطة‪ .‬وبالتالي اهرت نظرية النمو الاقليمي ‪2‬‬
‫لتغطية ثغرات نظرية التنظيم المكاني من خلال توجيه مزيد من الاهتمام لديناميكية المكان أو الموقع نظرا‬

                                      ‫لحركية والتغيّر المستمر في الأنشطة الاقتصادية والخدماتية في الموقع‪.‬‬
‫وتجدر الإشارة إلى أ ّن سلبيات التخطيط في الهياكل النظرية السابقة هو اهور منطقة أو عدة مناطق تتمتّع‬
‫بمكاسب تتف ّوق بها على المناطق الأخرى‪ ،‬وهذا يؤدي إلى فجوات تنموية بين المناطق مما ينجم عنها اهور‬
‫مناطق أكثر نموا واستفادة من عمليات التخطيط ومناطق أقل نموا وحظا و ٕالى فقدان التوزيع المتوازن والعدالة‬
‫الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى نمو مناطق تتمتّع بفوائد اقتصادية وخدماتية وتكنولوجية على حساب‬
‫المناطق المهمشة‪ .‬ويصاحب ذلك عملية استقطاب لمعظم الموارد والثروات الوطنية باتجاه المناطق النامية‬
‫المحظواة فيزيد نمو مناطق على حساب مناطق أخرى مما يؤدي إلى اتساع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية‬
‫والتكنولوجية فيما بينها‪ .‬ويطلق على هذه الظاهرة في عملية التخطيط بالنمو الاستقطابي ويعني هذا المفهوم أ ّن‬
‫هناك مناطق محدودة تتمتّع بالكثير من ثروات الدولة ومواردها واستثماراتها وانفاقاتها وخدماتها وفي المقابل‬

         ‫هناك مناطق هامشية مهملة ومتخلفة بحاجة إلى تنشيط وتنمية كما هو الحال في المنطق الريفية البعيدة‪.‬‬
‫وفي هذا المجال (مجال التخطيط الاقليمي) أبرز التطورات النظرية من قبل "جون فريدمان" صاحب نظرية‬
‫التطوير الاستقطابي‪ ،‬إذ حدّد خمسة مراحل في عملية التنمية الاستقطابية ففي المرحلة الأولى يتّم التعامل مع‬
‫التنمية كأداة للابتكار والإبداع ونشرها ونقلها إلى جميع المناطق‪ .‬ويحدد في المرحلة الثانية شروط الابتكار‬
‫القائمة على إحداث التغيرات الجوهرية والمؤثرة في العلاقات القائمة بين المناطق بحيث تنتقل قوى التغيّر‬
‫والتنمية من منطقة إلى أخرى وفق منظومة متسلسلة من التأثيرات الإيجابية بحكم انتقال وانتشار قوى الابتكار‪.‬‬
‫ويوضج في المرحلة الثالثة العلاقة بين الابتكار والإدارات وعمليات اتخاذ القرارت في إطار نظام مكاني من‬
‫المناطق التي تتبادل فيما بينها تأثيرات الابتكارات وكيفية انتشارها وفق كفاءة توجيه مخرجات الابتكارات‪،‬‬
‫ويقصد بهذا التغيّر مجموعة المناطق أو الأقاليم التي تتكامل فيها العلاقات في وحدة تنموية واحدة‪ ،‬أما المرحلة‬
‫الرابعة يشير إلى طبيعة العلاقات القائمة بين مراكز صناعة القرار والأطراف أو المناطق التي على الهامش‪.‬‬
‫وعندما تكتمل التنمية في إطار وحدة إقليمية واحدة فإنّها تكون قد دخلت في المرحلة الخامسة والتي هي عبارة‬

                                                                ‫‪81‬‬
   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86