Page 5 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 5
تعرفت الى الشاي الاخضر في الص ، وضعوه امامي خلال محاضرة طويلة، وكنت كل شربت كمية منه تأ فتاة صينية تقف خلفي لتعبأ الكأس مرة اخرى نتهى اللطف واللباقة، وظللنا على هذه الحالة مدة 3 ايام، وفي اليوم الرابع اخذونا لمحاضرة في قاعة اخرى يكن فيها شاي اخضر، فشعرت بان جسمي يفتقد شيئا ما.
في تلك الزيارة دخلنا الى سوق صيني ضخم من خمسة طوابق لا يباع فيه الا الشاي ختلف اصنافه ومستلزماته بدءا من الفناج الى الاباريق فالصوا والطاولات وخلافه، وشربنا من هذا النوع ومن ذاك في فناج صغ ة كفناج القهوة السادة في بلادنا.
ظل الشاي الاخضر رفيقا لي رغم انني لا احبه، ولكن جسمي يفتقده، وجربت تناوله في ماليزيا واندونيسيا وكمبوديا و يتغ طعمه الا في تونس والمغرب حيث يصنعون شايهم الخاص واللذيذ، والذي تزيد لذته بفضل الاجواء المصاحبة له. الحقيقة انني ساظل احن للشاي العراقي، وبسبب هذا الحن كنت اتناول طعامي في مطعم مغر بكوالالمبور وانتقل بعدها الى المطعم الايرا الملاصق له فاطلب منه شاي عراقي فيقول محتدا ايرا ، شاي ايرا ، اشربه فاجده لذيذا، ولدينا في رام الله مطعم يقدم اكلا بائسا وغالي الثمن ولكنني ازوره احيانا لانه
يتقن صنع الشاي العراقي.
والآن هل يستحق هذا الموضوع الكل ت الـ 850 التي انفقتها في كتابته؟ ابدا لا يستحق هذا مجرد اعلان عن الافلاس وخواء الافكار، ولكنني عازم على ان استهل غدي بكاس من الشاي لا بفنجان قهوة ك هو المعتاد، ولو على سبيل التغي .
بغداديات 2 محيبس
سقط خاتم الخليفة العباسي من يده ذات سهرة رمضانية بعد ان اكل ما لذ وطاب وادى صلاة التراويح، تدحرج الخاتم ب ارجل الندماء فالتقطه احدهم واخفاه، واوهم الحاضرين انه سلمه للجالس قربه، وكذلك فعل الآخر، قال الخليفة: اين خا ي؟ فمدوا ايديهم المغلقة وقالوا هل يستطيع وزيرك ان يكتشف اليد التي تخفي الخاتم ؟! طلب الخليفة من وزيره ان يفعل، فاستطاع لشدة فراسته وحسن عنه في وجوه الندماء ودراسة ما يطرأ عليها من توتر او قلق ح ينظر اليها طويلا او يفاجئها بنظرة مباغتة. سرى خبر تلك السهرة في اسواق واحياء وخانات بغداد، وسرعان ما تحولت الى لعبة رمضانية ما زال العراقيون ختلف مذاهبهم وقومياتهم يتوارثونها ويضيفون اليها، بعد
اناسموها)المحيبس(أيتصغ محبسوالمحبسهوالخاتم،وجاءعلىاسمآلةمن َحَب َسلانهيحبسالمتزوج ح يكونخاتمخطبةاوزواج. غنت المطربة العراقية ساجدة عبيد عن المحبس فقالت: يلوك المحبس بجفك يا مزيون ** حلو وشعره يتناثر فوق العيون يا حلو الطول يا زينة الشبان ** من شي ايل غصن ريحان الغناء في بغداد فعل مصاحب للمزاج والكيف، وللحزن والبكاء، وللعمل واللعب ولكل شيء، يستطيع العراقي صناعة ابيات الشعر من أي مخلفات كلامية ملقاة على رصيف الشاعر، ويستطيع العراقي ان يطوع أي كلمة اجنبية لتص عراقية خالصة ويص لها صيغة جمع ومبالغة وتصريف وتأنيث وتذك ، ويستطيع العراقي ان يلحن أي كلام، حتى لو كان كتاب جغرافيا. ولذلك كان لا بد من ادخال الغناء الى مسابقات المحيبس المنظمة على شكل دوري للاحياء، والتي تشهد مشاركات هائلة بحيث قد يصل عدد اعضاء الفريق الى 100 من الرجال البالغ العقلاء يتقدمهم وجوه الحي واكابره، واما الجمهور فانه يصل الى الآف في التصفيات النهائية. مثل هذه التصفيات تبث عبر الفضائيات على الهواء مباشرة، ويعمل معلق رياضي يشتعل ح سا على نقل وقائعها، وتفس احكام اللعبة، وقوانينها، مع ايراد احصائيات عن تاريخ كل فريق، وعن الس ة الابداعية لأبطاله المخضرم ، وهم عادة ما يكونون في العقد الخامس من العمر. بعد كل نقطة يسجلها لاعب هذا الفريق او ذاك، تنطلق حنجرة المغني بزيه الترا المؤلف من قمباز مبتور الكم وعلى وسطه شداد من الق ش او حزام جلدي عريض، وعلى رأسه كوفية ملفوفة كع مة، او طاقية بيضاء، ليصدح بابيات من المربع او الجالغي البغدادي، ويردد الجميع من وراءه. وهم يتقافزون فرحا بالنقطة، في ينشغل الفريق الخاسر بترتيب خطته للجولة القادمة. المربع البغدادي فن اصيل يحتاج الى اربعة اشطر يلقيها المطرب واقفا وهو يراوح ب الفريق بصوت جميل مع ضربات الايقاع في يردد الجمهور الشطر الاول، وليس مستغربا ان يسود هذا النمط الغنا وان يشتهر في الاحياء التي تحوز عادة على لقب البطولة في مسابقات المحيبس وهي الكاظمية والاعظمية والفضل وباب الشيخ. شهدت لعبة واحدة اعتقد انها كانت ب حي الكاظمية ذي الغالبية الشيعية وحي الاعظمية ذي الغالبية السنية، هالني ما رأيت، لقد وقف احد اللاعب يتمعن في وجوه افراد الفريق الآخر وكان عددهم قريب من المائة، اختار فقط اربعة اشخاص، وهو يهتف بهالعظم وبهالعظم )يعني هات اليدين( وأمر البقية بفتح اكفهم، قائلا: والباقي طلق )أي مطلقي الايدي(.
7