Page 58 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 58
وعلى ذات المقعد في ذات المقهى جلس بعد سن الشاعر بدر شاكر السياب فرأى صبيا يساعد مومسا عمياء على قطع الشارع، لشراء زيت تضيء به مصباح غرفتها، فكتب عنهاقصيدة ُمّرةيقولفياحدمقاطعها: ويح العراق! أكان عدلاً فيه ان ِك تدفع سهاد مقلتك الضريرة ناً لملىء يديك زيتا من منابعه الغزيرة؟ يثمر المصباح بالنور الذي لا تبصرين؟ وفي هذا المقهى ايضا استقبل الزهاوي السيدة ام كلثوم عام 1932 عندما زارت بغداد واحيت العديد من الحفلات، القى في مستهل احدى الحفلات قصيدة عص ء ثم دعا ام كلثوم لتشدو فتسحر الملائكة مش ا بيده الى صفوف السيدات، والشياط ايضا مش ا بيده الى مقصورة زملائه الشعراء. صار اسم المقهى حتى في حياته، مقهى الزهاوي، وظل كذلك الى يومنا هذا، هناك جلس الشاعر الجواهري شابا ابن 27 عاما، فقال له الزهاوي وكان يومها ابن 70 عاما: تراهنني، فرد الجواهري الشاب: على ماذا نتراهن يا استاذ؟ رد الزهاوي: نقطع انفاسنا ونرى من يصمد اك ، استجاب الجواهري احتراما للأستاذ، بدأ التحدي وخسر الجواهري، وانتهت المعركة التي اراد منها الزهاوي –على ما يبدو- كسر هيبة الشاب الشاعر ومنعه من ترديد الشعر امامه. )انتظر حتى اموت، فيأ دورك، او فلتمت قبلي( فعلذلكمعالرصافيالذيقرأقصيدةعص ء،اعجبتالجالس ،فثارتحفيظةالزهاوي،ف كانمنهالاانقاطعالتصفيقمستدعياوبصوتعاٍلولداكانيتجولفي المقهى ويبيع المكسرات، حضر الولد وقال أؤمر عمي؟ فقال له الزهاوي: عندك قميص شبا على حجمي؟!!! استغرق الجميع في الضحك، وطوى الرصافي ورقة قصيدته وخرج من المقهى غاضبا. )الغضب جنون مؤقت واستسلام دائم(. دعاه الملك فيصل لعشاء صلح، فصار الزهاوي يغرف الرز حتى انهار الديك الرومي أمامه فقال منشداً: عرف الفضل أهله فتقدما......، وأسرع الرصافي لتكملة البيت فقال: ك النبش تحته فتهدما..! )لا تجد العقول راحتها واستقرارها الا في التحدي(. كان فارق العمر )دزينة من السنوات( لصالح الزهاوي يجبر الرصافي على رير كث من سخرية الزهاوي به، ومن ذلك ما قاله ح سألوه عن رأيه بأم الشعراء احمد شوقي؟ فرد عليهم بسخرية: شنو هذا شوقي!! والله تلميذي الرصافي يقول شعرا افضل منه. )تقول الحكمة الصينية: السخرية برق النميمة( خلال حفل اقيم ناسبة عودة الزهاوي من مصر، انشد الرصافي مرحبا ومتناسيا الضغائن: أرى بغداد من بعد أغبار ...... زهت بقدوم شاعرها الزهاوي زهت بكب ها أدبًا وعل ً ...... زهت بطبيب علتها المداوي وما الآداب في بغداد لولا ...... يراع جميلها إلا دعاوي إذاماقالفيبغدادشعًرا......رواهلهبأقصىالأرضراوي كان الزهاوي معتدا بنفسه كث ا، ويرى نفسه فيلسوفا وعالما في الفلك والجاذبية وشاعرا، اتقن الى جانب العربية الكردية والتركية الفارسية وترجم منها رباعيات، وكان الزهاوي ك الرصافي متحررا ومناديا بتحرير المرأة ونزع الحجاب، ففي دفاعه عن المرأة كان الزهاوي يدعوها الى التمرد : مّزقيياابنةالعراِقالحجابا......أسِفريفالحياُةتبغيانقلابا. واما الرصافي فقد دعا الرجال الى الانقلاب على التقاليد القد ة: تركوا النساء بحالة ير لها ...... وقضوا عليها بالحجاب تعصبا قلللألىضربواالحجابعلىالنسا......أفتعلمون اجرىتحتالَعبا شرف المليحة أن تكون أديبة ...... وحجابها في الناس أن تتهذبا جهر الزهاوي عتقداته حتى عدوه ملحدا، فدخل الى المقهى يوما رجل غاضب يصيح بالزهاوي ويقول له: يا كافر، انت تعتبر ان اصل الانسان قرد، يعني انا والدي قرد؟!!! ف كان من الزهاوي الا ان كشف عن رأسه فبان شعره العبثي وابرز اسنانه المهترأة وقال: حاشا لله يا ابني، انا ما كنت اقصد ابوك انت، انا كنت اقصد ابوي انا. كان الزهاوي يقول: ما على كفري عند خصومي سند ...... أنا ما بحت لهم بالذي أعتقد خلافا للرصافي الذي ظل يفضل العث ني على الانكليز ويرفض الملكية، كان الزهاوي قريبا من السلطة وكان يرى ان لدى الانكليز حكمة وعل واساليب ادارة يحتاجها العراق. وكان قد سبق للزهاوي أن هاجم السلطان العث عبد الحميد بقصيدة أدخلته السجن، يقول في مطلعها:
تأ ّن في الظلم تخفيفا وتهوينا ...... فالظلم يقتلنا، والعدل يحيينا يا مالكا أمر هذي الناس في يده ...... عامل برفق رعاياك المساكينا لهو َتعّنا اأوتيتمندعة......فابيّضوجهك،واسوّدتليالينا
60