Page 107 - nnn
P. 107
نون النسوة 1 0 5 لوصف امرأة تقف أمام المرآة وهي تمشط شعرها،
وتنظر إلى وجهها الجميل الذي ينعكس في بالها
حسب رواية كاميليا الصغيرة التي سكنت في غرفة إعجا ًبا وزه ًوا «تنظر إلى انعكاسها في المرآة
عمتها ساب ًقا ،ينطبق مثل هذا التعبير المهادنة التي
تسمى أحيا ًنا بالتأقلم مع الواقع ،فثمة ما ينطفئ وتضحك ،تراها جميلة وجهها الدائري يضيء
ويتلاشى في الروح ويكون ثمنًا مستح ًّقا للقبول بأشعة الشمس»(.)2
والاستسلام والمهادنة. المرآة والضوء مفردات تطرز بأفقها الموحي
تحاول كاميليا الصغيرة أن تقنع الآخرين بأن الصورة الحلمية بأكملها ،ولأن «المرآة من حيث
عمتها ذابت في المرآة ،لكن روايتها لم تنل التصديق هي رمز للخداع وكذلك من حيث هي رمز للمعرفة،
من العائلة التي تملك سردية مغايرة تح ِّمل فيها
تتضمن تحو ًل يطرأ على الإنسان الناظر إليها،
العمة المختفية خطيئة العلاقة المرفوضة من ويتمثل هذا التحول في الوعي -ولو كان وعيًا
المجتمع .ويمكن أن نقرأ الرواية على وفق التقسيم ضئي ًل -بأن ثمة معرفة بنفسه أو بغيره»( .)3فقد
مهدت الرواية في بدايتها بهذا الاستعمال الناجح
الآتي: المعبر عن إدراك المرء لنفسه والتعرف على صورة
الأولى هي التماهي منها« :وضعت المقص على المائدة ثم ذابت في
الثانية هي الاختلاف
المرآة وسط الضوء»(.)4
التماهي (صورة العمة كامليا) تدور الرواية بين العمة كاميليا التي اختفت
وبين ابنة أخيها التي تشترك معها بالاسم وربما
طور (لاكان) في مقاله وجهة نظر نفسية بدأ بها
فرويد واستثمرها فلسفيًّا في قراءة الأدب ،وهي بالصفات أي ًضا.
ارتباط فكرة انعكاس الصورة في المرآة بالمرحلة الجزء الأول من الرواية ُيظهر كاميليا الصغيرة
الطفولية ،حين يبدأ الطفل بالتعرف على نفسه من كأنها انعكاس لعمتها ،تتحرك مثلها وتشعر بذات
خلال صورته المنعكسة ،إذ تبدو حدود الحقيقة
والوهم «مش َّوشة في هذه المرحلة المب ِّكرة؛ فالأنا الهواجس ،تنظر مثل نظرتها العنيدة المتمردة،
التي هي نافذتنا على ما ُيسمى بالعالم الحقيقي وتلتحم بأحاسيسها المرهفة تجاه الحب والحياة،
هي في الواقع نوع من الخيال؛ حيث يتعامل الطفل لكن ثمة انتصا ًرا للذات عندها يجلو ملامحه السرد
الواقف أمام المرآة مع صورته باعتبارها حقيقية، فيما بعد ،تلعب هذه الرواية مبدئيًّا على فكرة تبادل
الأدوار عبر الأنا (الذات) وهي (الاخر) ،وتدور
مع أنه يعلم أنها وهمية(.)5 مفردة المرايا فيها بطريقة تخدم هذه الفكرة ،فهي
يصلح هذا المدخل الفلسفي لقراءة رواية (أطياف تارة توصل صورة مطابقة لكاميليا العمة وأخرى
كاميليا) قراءة ثقافية ،إذ تجد
تعود إلى ذات مختلفة لابنة الأخ
كاميليا الصغيرة ابنة الأخ كاميليا الصغيرة ،كل هذه اللعبة
نفسها نسخة من العمة ،فثمة
السردية من أجل إعلاء معنى
تشابه في الشكل والطباع الرفض ورفع صوت المقاومة
والاسم ،هذا الأمر ولَّد لديها بطريقة مبتكرة ،مقاومة التسلط
قناعة بتكرار نسختها ،فتتماهى الذي تفرضه الأعراف والقيم
ذاتها مع انعكاس صورة عمتها الاجتماعية بالتلاشي والذوبان،
بطريقة طفولية أو غير ناضجة، فالحياة الحقة لا بد أن ُتعاش
حصدت بسببها معاملة قاسية
من أهلها الذين تصوروا أنها بكامل الإرادة والإحساس،
وحين لا يتوفر ذلك للأسباب
ستخرج عن طوق الطاعة التي ذكرنا ستكون النهاية بلا
وتتمرد على السلوك العائلي شك هي التلاشي أو الذوبان