Page 87 - nnn
P. 87
85 إبداع ومبدعون
قصــة
الرشد .لكن مهنته لا تسمح له باكتراء منزل. النادل إنسان .إذن فهو يفكر بالضرورة .ولكن في
جرب مرة اكتراء شقة صغيرة فوق السطوح، أي شيء يفكر النادل؟ هل يفكر مث ًل في تقاعده
الذي لن يحصل عليه أب ًدا؟ أم يفكر فقط في راتبه
لكنه لم يحتمل قسوة الصراصير وفئران المقزوم والشبيه بحبل قديم في سطح عمارة من
المجاري .كان يتحول إلى فريسة سهلة المنال
حينما يطفئ المصباح الوحيد ضعيف الإنارة؛ كأنه عشرين طابق؟ هو حبل ولكنه لا يفي بأي غرض.
يخضع لحمية تصالحية مع البيئة .فجأة وجد حبل متروك بعشوائية تحت أشعة الشمس ،والتي
نفسه مدمنًا على غرف «الشات» التي يعج بها تقض مضجعه ،وتلهب جسده صي ًفا .لكنها تعود
محج العم «غوغل» .يبتديء مباشرة بعد عودته
من العمل .وأحيا ًنا قبل أن يتناول سندويتشه إلى تدفئته شتاء .هذا الحبل الذي قد يسطو عليه
الرخيص الذي يشتريه من مطعم «طاكوس .»99 أطفال نزقون لاستغلاله في لعبة الحبل المحببة
كان يدخل إلى غرف «الشات» متسلِّ ًل .لكنه لديهم ،مثلما سيسطو بقال الحي
استلذ تدريجيًّا عطايا ولذائذ الجلوس ،وتبادل والجزار على الجزء الكبير من
الكلمات المختارة ،والتي يتفنن في تدبيجها راتب النادل.
كأنه شاعر يكتب قصيدته الأولى .يرتع يذهب النادل صبا ًحا إلى
هناك بدون حسيب ولا رقيب .لا عمله .يأخذ الحافلة التي
شيء يجعله يتذمر سوى مرور تنطلق من حيه السكني.
الوقت بشكل سريع .إنه مجبر يدندن في طريقه مرد ًدا أغنيته
على أن يبكر في الاستيقاظ .هذا المفضلة التي يبثها التليفزيون
كان يسبب له ارتبا ًكا كبي ًرا كخلفية موسيقية للوصلة
في الصباح .فهو لم يحصل الإشهارية التي تدعو للحفاظ
على الإشباع الذي يقيه شر على نظافة الشواطئ .يقول في
التعثر بالطاولات أو نسيان سريرته« :هاته الشواطئ لا
طلبات الزبناء .كان يحافظ تعنيني أب ًدا .فأنا لم أكن مصطا ًفا
على ابتسامته طيلة أب ًدا ،ولا أفكر في أية نزهة
الوقت مخفيًا ألمه الدفين شاطئية .ولكن لماذا أردد هاته
الذي يفوق ألم مرور اللازمة التي لا أحفظها جي ًدا؟!».
السكين في الجسد. ويعود إلى الدندنة من جديد.
كان يتحامل على ذلك تثيره اللوحات الإشهارية في
بالانزواء للتدخين من الخارج بالشكل الذي يجعله يدير
حين لآخر والثرثرة مع رأسه بشكل مضحك .يطأطئ
رأسه ليتمكن من استكمال قراءة
زملائه. اللافتة الإشهارية المبهرة التي
كان يجلس في المساءات وحي ًدا تعرض عروضا قرضية سخية
تجره إلى فخاخ ومتاهات هي
متذك ًرا سنوات الطفولة .لم مجرد أضغاث أحلام.
تكن تغريه المدرسة أب ًدا .كان إنه لا يمتلك شقة خاصة به .يسكن
منذ مدة مع أسرته .أبوه لا ينفك عن
دائم التأخر والشرود .في الحديث عن الاستقلالية ،وعن الدول
الحجرة الدراسية كان يشرد الأوروبية التي يستقل فيها الشخص
عن أسرته بمجرد وصوله إلى سن
مراقبًا المعلم والتلاميذ؛
كأنه كان مكل ًفا بمراقبتهم.
هو غير معني بما يفعلونه.