Page 13 - مجلة تنوير 3
P. 13
المجلس لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
الباحثيـن أن المـ أرة لا تسـعى إلـى المتعـة الجسـدية تبلـغ حدهـا الأقصـى فـي المحـارب الباسـل(.)43
ومـن هنـا فقـد تبينـا – مـن آ ارء «ديو ارنـت» – أن بقـدر مـا تنشـد الإعجـاب بهـا والثنـاء عليهـا ،مـن
أجـل هـذا تـرى المـ أرة أسـرع مـن الرجـل ترحيًبـا
المـ أرة أعلـى شـأًنا مـن الرجـل فيمـا يتصـل بصيانـة بالجانـب الروحـي مـن الحـب ،معنـى هـذا أن الحـب
«النـوع» ،وأقـل منـه خطـًار فيمـا يتعلـق بالشـخصية يطغـى علـى جوانـب حيـاة المـ أرة ،فهـي لا تحيـا إلا
الفرديـة .وإذا انتقلنـا إلـى المرحلـة الثالثـة مـن الغ ارئـز مـع الحـب حتـى إنهـا لا تملـك لنفسـها إ اردة مسـتقلة
– كمـا قـال «نيتشـه» علـى لسـان «ز اردشـت» –
التـي مـن شـأنها حفـظ المجتمـع ،نجـد أن المـ أرة
أشـُّد مـن الرجـل حًّبـا فـي المجتمـع ،وأكثـر منـه وإنمـا ترتكـز إ اردتهـا علـى إ اردة الرجـل(.)41
ميـاً إلـى م ارفقـة الأصحـاب والضـرب فـى الزحـام.
ومـن حـب المـ أرة للاجتمـاع تشـعر بنقصهـا إذا لـم أمـا الغريـزة التـي تصـون حيـاة الفـرد بوصفـه
يكـن الرجـل إلـى جانبهـا ،أكثـر ممـا يشـعر الرجـل فـرًدا مسـتقلاً ،يـرى «ديو ارنـت» أن المـ أرة تختلـف
بنقـص إن لـم تكـن فـي رفقتـه امـ أرة .وطبيعـة المـ أرة فيهـا عـن الرجـل مـن حيـث «النـوع»( )42الـذي تعمـل
الاجتماعيـة جعلهـا أكثـَر مـن الرجـل محافظـ ًة علـى باسـتم ارر علـى دوامـه ،أمـا الرجـل فواجبـه أن يخـدم
العـرف والتقاليـد وأقـل منـه إبدا ًعـا وأصالـة ،وأجبـن
منـه فـي الثـورة والخـروج علـى النظـام الموضـوع؛ المـ أرة وصغارهـا ،وهـذا هـو الأسـاس الـذي تتفـرع
عنـه الفـوار ُق التـي تباعـد بيـن الشـخصيتين ،فلمـا
كذلـك هـي أبطـأ مـن الرجـل فـي مخالفـة الشـيء كان الرجـل منو ًطـا بـه – بحكـم فطرتـه – أن يخـدم
المـ أرة والأبنـاء ،كانـت وظيفتـه التـي تمليهـا الطبيعـة المعهـود المألـوف .ومـن نتائـج ميـل المـ أرة إلـى
هـي الحمايـة وتحصيـل القـوت وركـوب المخاطـر .التجمـع وتفوقهـا فـي ذلـك علـى الرجـل ،أنهـا أكثـر
منـه تقديـًار لـ أري النـاس وهـذا يقتضـي منهـا الأناقـة والمـ أرة إذا كانـت غايتهـا أن تنسـل ليـدوم «النـوع»،
فـي الثيـاب والحديـث ،خشـية أن تـزل فتنتقـد .وتفـرع فغاية الرجل أن يجمع القوت ليحيا بشخصه؛ لذلك
تجـده – فـي سـبيل تحصيـل ذلـك – ينقلـب علـى مـن طبيعتهـا الاجتماعيـة ومـن أمومتهـا أنهـا أحـن
من الرجل على الضعفاء وأعطف منه على الفق ارء مـّر الزمـان محارًبـا يقاتـل بالمنافسـة الاقتصاديـة
والمرضـى ،وتلـك الصفـات تنـزع بهـا إلـى التديـن(). كـي يحصـل علـى رزقـه .أمـا المـ أرة فبطبيعتهـا أن
خـــاتـــمــة الــبــحـــث تلتمـس لهـا كنًفـا يؤويهـا ،فحيـاة الأمـن والدعـة آثـر
لديهـا مـن حيـاة الحـرب والقتـال ،وإن حاربـت ففـي
فـي نهايـة د ارسـتنا عـن «حريـة المـ أرة عنـد زكـي سـبيل أبنائهـا أو فـي سـبيل «النـوع» .ولكـن إن لـم
نجيـب محمـود» ،لا بـد أن نشـير إلـى بعـض تكـن المـ أرة مقاتلـة بطبعهـا ،فهـي تحـب المقاتلـة فـي
النتائـج التـي انتهـت إليهـا هـذه الد ارسـة .وهـي علـى الرجـل ،أي أنهـا أميـل إلـى المحـارب المقـدام مـن
الرجال؛ فما أحب إلى قلبها أن يكون زوجها جندًّيا
النحـو الآتـي:
حريـة المـ أرة عنـد «فيلسـوفنا» جـزٌء لا يتجـ أز مـن أو ذا سـيطرة .وليـس اختيـار المـ أرة للمحـارب عبثًـا
المشـكلة الأساسـية وهـي «مشـكلة الحريـة» بمعناهـا
السياسـي ومعناهـا الاجتماعـي ،وهمـا المعنيـان عار ًضـا ،بـل هـو نابـع مـن طبيعتهـا؛ لأنهـا تتوقـع
مـن الرجـل أن يحميهـا ويحمـي صغارهـا ،والحمايـة
13