Page 78 - مجلة تنوير 3
P. 78

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                                           ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                                                                   ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫العلميـة إلـى فرنسـا إبـان محكمـة دريفـوس (((عـام ويسـتثني مـن هـذه الدائـرة العلمـاء المتخصصيـن‬

‫‪1891‬؛ حيـث تـم اسـتخدامه مـن قبـل أصحـاب فـي علومهـم؛ لأن العلـم الأكاديمـي المتخصـص لا‬

‫اليمين السياسـي للإشـارة إلى المعارضين لإج ارءات يدخـل فـي مفهـوم المثقفيـن‪ ،‬إذ لا محـل لإضافـة‬

‫هذه المحكمة (معن خليل عمر‪ ،2009 ،‬ص ‪ )24‬الباحـث فـي الجيولوجيـا أو فـي الكيميـاء‪ ،‬أو فـي‬

‫التشـريح إلـى جماعـة المثقفيـن بالمعنـى المقصـود‬                                     ‫ليـس لمفهـوم المثقـف تعريـ ٌف واحـد ينطبـق‬
                                                                                     ‫علـى كل المجتمعـات فـي كل الأوقـات والأماكـن‬
‫ليشـمل رجـال الأدب والفـن والفكـر الـذي ينصـب‬
                                                                                     ‫والم ارحـل التطوريـة‪ ،‬فهـو أصغـر حـدوًدا مـن مفهـوم‬
‫علـى صـور المجتمـع ومـا بـه مـن علاقـات‪ ،‬ومـا‬                                        ‫‪( Intelligentsia‬الـذي يعنـي أهـل الفكـر الذيـن‬
‫تُقـاس بـه مـن قيـم ومـا ترمـي إليـه مـن أهـداف(((‬
                                                                                     ‫يشـكلون نخبـة فنيـة أو اجتماعيـة أو سياسـية)‪،‬‬
     ‫(زكـي نجيـب محمـود‪ ،1982 ،‬ص ‪)169‬‬

‫ويقتـرب هـذا التصـور مـن رؤيـة «بوتومـور»‬                                            ‫وأضيـق أي ًضـا مـن مفهـوم الطبقـة الجديـدة أو‬
‫للمثقفيـن باعتبارهـم جماعـة صغيـرة تتألـف مـن‬                                        ‫(الطبقـة المعرفيـة)‪ ،‬كمـا أنـه أضيـق فـي معنـاه مـن‬

‫أولئـك الذيـن يسـهمون مباشـرًة فـي نقـل ونقـد وابتـكار‬                               ‫مصطلـح الطبقـة الجديـدة‪ New Class‬وأكثـر‬
‫الأفـكار‪ ،‬وهـي عبـارة عـن الفنانيـن والفلاسـفة‬                                       ‫محدوديـة مـن مفهـوم الطبقـة المعرفيـة (معـن خليـل‬

‫والعلمـاء والمفكريـن والمتخصصيـن فـي النظريـات‬                                                                                     ‫العمـر‪ ،‬ص ‪((()25‬‬

‫الاجتماعيـة والمعلقيـن السياسـيين (بوتومـور‪،‬‬                                         ‫ويرى «زكي نجيب محمود» أن «أصحاب الفكر»‬
                           ‫‪ ،1987‬ص ‪)68‬‬                                               ‫المتخصصيـن فـي مجـالات الفلسـفة والاجتمـاع‬

‫وهكـذا أصبـح المثقفـون يشـكلون فئـة منظـورة جـًّدا‬                                   ‫والاقتصـاد والفـن يدخلـون ضمـن دائـرة المثقفيـن‪،‬‬

‫فـي مجتمعاتنـا ولكـن مـن الصعـب حصـر حدودهـا‬                                         ‫((( قضيـة دريفـوس تعكـس ص ار ًعـا اجتماعًّيـا وسياسـًّيا حـدث فـي‬
‫وصـف وظائفهـا علـى نحـو دقيـق‪( .‬ر‪ .‬بـودون و‬                                          ‫القـرن التاسـع عشـر خـال الجمهوريـة الفرنسـية الثالثـة‪ .‬بـدأت‬
                                                                                     ‫القضيـة فـي ديسـمبر ‪ 1894‬عندمـا أديـن النقيـب ألفريـد دريفـوس‬
              ‫ف‪ .‬بوريكـو‪ ،1986 ،‬ص ‪)386‬‬                                               ‫بمماـلددفخعيىياـنـاةلة‪،‬فحيرـنكااةسـنبيتدأهلريمـفازـةوسـنقيسـ يلمـبلـأنغسأـماـرصـرنلالعيعهسـمــوكدرريية‪3،5‬فورنُحعاكســًميـماة‪،‬عإللويــهـهىوبااللسضســافبـاجرةطن‬

‫ويميـز بعـ ُض المفكريـن بيـن المثقـف الغربـي‬                                         ‫جيان ـا‬  ‫ف ـي‬  ‫ـيطان‬  ‫فـي جزيـرة الش‬  ‫فـحييـ بثا أريـمسضـ‪،‬ىوُقسـاربجـةن‬  ‫الألماني ـة‬
‫والمثقـف الشـرقي؛ حيـث دخـل المثقـف علـى خـط‬                                                               ‫خمـس سـنوات‪.‬‬                                       ‫الفرنس ـية؛‬
                                                                                     ‫قـام الكاتـب الشـهير إميـل زولا بدعـم دريفـوس‪ ،‬ممـا ضغـط علـى‬
‫المهـن ال ُمعتـرف بهـا فـي الغـرب خـال القرن التاسـع‬                                 ‫الحكومـة لإعـادة فتـح القضيـة‪ ،‬بعدمـا نشـر مقـال بعنـوان «أنـا‬
‫عشـر‪ .‬ويعتقـد بعـض الباحثيـن أن ميـزة المثقـف‬                                        ‫اتهـم»‪ ،‬المقـال الـذى نشـرت فـى ‪ 3‬فب اريـر عـام ‪1898‬م‪ ،‬فـى‬
                                                                                     ‫صحيفـة «لا أورور» الفرنسـية‪ ،‬اتهـم فيهـا «زولا» و ازرة الحربيـة‬
‫الغربـي أنـه يأتـي مـن أفـق الثـورة الفرنسـية‪ ،‬أي أن‬                                 ‫والمحكمـة العسـكرية فـى باريـس‪ ،‬بتضليـل الـ أرى العـام وإخفـاء‬
                                                                                     ‫الحقائـق وانتهـاك حقـوق المتهـم د اريفـوس‪ .‬فـي عـام ‪ ،1906‬تمـت‬
‫ثقافتـه هـي التـ ازم بالعقـل وبالعلـوم الحديثـة‪ .‬إضافـ ًة‬                            ‫تبرئـة د اريفـوس وإعادتـه إلـى رتبـة ارئـد فـي الجيـش الفرنسـي‪،‬‬
‫إلـى أن المثقـف الغربـي المعاصـر ورث تقليـد‬                                          ‫برتبـة‬   ‫خدمتـه‬  ‫منهًيـا‬  ‫بأكملهـا‪،‬‬  ‫الأولـى‬  ‫خـدم خـال الحـرب العالميـة‬
                                                                                                                                   ‫مقـدم‪ .‬توفـي عـام ‪.1935‬‬
‫المفكريـن الأحـ ارر الذيـن ُعرفـوا منـذ أزمنـة طويلـة‬
                                                                                     ‫((( اقتـرن مصطلـح «طبقـة المعرفـة» بشـكل رئيـس مـع بـروز‬

‫((( هـذا الـ أري لزكـي نجيـب محمـود يدخـل فـي إطـار حديثـه‬                           ‫فكـرة مجتمـع مـا بعـد التصنيـع مـن قبـل دانيـال بيـل ‪ 1973‬فـي‬
‫هإـشل ـاُيـرةاردإل ـباىلدالسـفتك ـورر‬  ‫عـن «دسـتور المثقفيـن» وكان تسـاؤله ‪:‬‬         ‫الولايـات المتحـدة الأمريكيـة وكان يقصـد بهـا نخبـة أهـل الفكـر‪.‬‬
                                       ‫ألا يشـمل (الكتابـة)؟ حيـث لـم تـرد فيـه‬      ‫وحـدد بيـل ممثلـي هـذه الطبقـة فـي‪ :‬الفئـة العلميـة‪ ،‬الفئـة التقنيـة‪،‬‬
‫الـذي يتنـاول القضايـا بالتحليـل والنقـد والعـرض والشـرح‪.‬‬                            ‫الفئـة الإداريـة‪( .‬معـن خليـل العمـر‪ ،2009 ،‬ص ص ‪-25‬‬

                                                                                                                                           ‫‪)26‬‬

                                                                                 ‫‪78‬‬
   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83