Page 84 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 84

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                                                                                                                                                                                                                                                ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫أو الكونية الحضارية مكتفًيا بالقطيعة معها بل مع‬                                                                                                                                                                                                                                                     ‫العشـري‪ ،1998 ،‬ص ص‪)90 -88‬‬
‫العصـر عامـ ًة؛ ولهـذا يتـم التصـدي لهـذه العولمـة‬
‫برؤيـة تسـتند إلـى الأصوليـة السـلفية الدينيـة‪ .‬وهـو‬                                                                                                                                                                                                                                      ‫فـي ضـوء ذلـك يمكـن تصنيـف مواقـف المثقفيـن‬
‫موقـف فـي الحقيقـة ُيفضـي إلـى العزلـة عـن حقائـق‬                                                                                                                                                                                                                                         ‫العـرب إ ازء مسـألة التـ ارث والحداثـة ‪ /‬الأصالـة‬

                                      ‫العصـر‪.‬‬                                                                                                                                                                                                                                                              ‫والمعاصـرة فـي ثلاثـة مواقـف‪:‬‬

‫وهنـاك موقـف آخـر يدعـو للاندمـاج والتكيـف‬                                                                                                                                                                                                                                                ‫الأول‪ :‬مثقـف منبهـر بالغـرب وإنجا ازتـه‪ ،‬ومنـاد‬
‫الهيكلـي الكامـل مـع مقتضيـات السـوق العالميـة‪،‬‬                                                                                                                                                                                                                                           ‫بمحاكاتـه‪ ،‬سـواء علـى صعيـد تجربتـه السياسـية أو‬
‫بصـرف النظـر عمـا ُيفضـي إليـه ذلـك مـن طمـس‬                                                                                                                                                                                                                                              ‫الثقافيـة أو الاقتصاديـة‪ ،‬وقـد نـادى بفصـل الديـن‬
‫للخصائص والهويات القومية والثقافية‪ ،‬وهو موقف‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            ‫عـن الدولـة‪.‬‬
   ‫أقـرب إلـى الانتحـار القومـي والثقافـي والذاتـي‪.‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫الثانــي‪ :‬مثقـف يدعـو إلـى رفـض ومقاومـة‬
‫وهنـاك موقـف ثالـث يتمثـل فـي الحـرص علـى‬                                                                                                                                                                                                                                                 ‫كل مـا أنتجـه الغـرب ونـادى بالعـودة إلـى الديـن‬
‫التمسـك بالخصوصيات والحدود والمصالح القومية‬                                                                                                                                                                                                                                               ‫كأسـاس لتجـاوز حالـة الضعـف التـي يعيشـها العالـم‬
‫علـى المسـتوى السياسـي والاقتصـادي والاجتماعـي‬
‫والثقافـي‪ ،‬والعمـل علـى تطويرهـا وتعميقهـا معرفًّيـا‬                                                                                                                                                                                                                                                                         ‫ا لإ س ـا مي ‪.‬‬
‫وإنتاجًّيـا وإبداعًّيـا‪ ،‬دون اسـتعلاء شـوفيني أو قطيعـة‬
‫مـع حقائـق العصـر(((‪( .‬محمـود أميـن العالـم‪،‬‬                                                                                                                                                                                                                                              ‫الثالـث‪ :‬مثقـف حـاول التوفيـق بيـن هـذا وذاك‪ ،‬غيـر‬
‫‪ ،1988‬الفكـر العربـي بيـن الخصوصيـة والكونيـة‬                                                                                                                                                                                                                                             ‫أنـه فـي محاولتـه التوفيقيـة قـد وضـع الإسـام فـي‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫موقف دفاع‪( .‬مريم سلطان لوتاه‪ ،2005 ،‬ص‪.)57‬‬
                           ‫ص ص‪)12 – 10‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫وفـي ذات السـياق يقـدم «محمـود أميـن العالـم»‬
‫وفـي إطـار هـذه الاتجاهـات والـرؤى ُوجد التناق ُض‬                                                                                                                                                                                                                                         ‫رؤيتـه الخاصـة حـول موقفنـا مـن الحضـارة الغربية‪،‬‬
‫بين الفكر والواقع وعرف المثقفون العرب الازدواجية‬                                                                                                                                                                                                                                          ‫فيـرى أنـه ليـس ثمـة صـ ارع حضـا ارت فـي عصرنـا‬
‫الفكريـة نتيجـة لهـذا الانقسـام‪ ،‬وبـدأ الحـوار يتجـه‬                                                                                                                                                                                                                                      ‫ال ارهـن فـي إطـار العولمـة الحضاريـة ال أرسـمالية‪.‬‬
‫نحـو النعـت الأيديولوجـي للمثقـف ذاتـه‪ .‬وفـي غمـرة‬                                                                                                                                                                                                                                        ‫فليـس هنـاك صـ ارع حضـاري بيـن أمريـكا واليابـان‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫رغـم الطابـع الت ارثـي والقومـي الخـاص لـكل منهمـا‪،‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫وليـس هنـاك صـ ارع حضـاري بيـن أمريـكا وبيـن‬

‫((( دارت مناقشـات ومناظـ ارت بيـن المثقفيـن حـول المعنـى‬                                                                                                                                                                                                                                  ‫أي دولـة أخـرى مـن دول العالـم‪ ،‬وإن اتخـذ هـذا‬
‫والدلالـة الدقيقـة لمفهـوم (العولمـة)‪ .‬ويـرى أحمـد مجـدي حجـازي‬                                                                                                                                                                                                                           ‫الصـ ارع – أحياًنـا ‪ -‬مظهـًار قومًّيـا أو دينًّيـا أو‬
‫أن الكلمـة بالمفهـوم المتـداول الآن بعـد سـقوط نظـام القطبيـن‬                                                                                                                                                                                                                             ‫ثقافًّيـا وأيديولوجًّيـا‪ ،‬إن الصـ ارع هـو صـ ارع مصالـح‬
‫واندثـ�ار العالـ�م الثالـ�ث منسـ�وبة إلـ�ى كلمـ�ة(‪ )Globe‬إلـى كوكـب‬                                                                                                                                                                                                                       ‫اقتصاديـة بيـن البـاد ال أرسـمالية نفسـها بعضهـا‬
‫الأرض‪ .‬وتُعـ�رف بكلمـ�ة كوكبـ�ة (‪ )Globalization‬وتُسـتعمل‬                                                                                                                                                                                                                                 ‫وبعـض‪ ،‬مـن أجـل تحقيـق المزيـد مـن الربح والهيمنة‬
‫كلمـ�ة (‪ )Global‬بمعنـى عالمـي‪ ،‬وتصبـح العولمـة كعمليـة هـي‬                                                                                                                                                                                                                                ‫وطمـس الخصوصيـات القوميـة والوطنيـة والثقافيـة‪.‬‬
‫ترجمـ�ة لكلمـ�ة (‪ )Globality‬وهـي العمليـة التـي تملـك آليـات‬
‫التطبيـق أي تحويـل العالـم إلـى شـكل موحـد يلغـي الحـدود بيـن‬                                                                                                                                                                                                                             ‫وفـي مواجهـة هـذا الواقـع العالمـي الجديـد هنـاك‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                       ‫أكثـر مـن موقـف‪:‬‬
    ‫الـدول والأمـم‪( .‬أحمـد مجـدي حجـازي‪ ،2008 ،‬ص‪)22‬‬
‫أإلنوتلممــناااكـتَأجُيانحارسايـلـملمعدخواق ـقـىاازولعيدبعداايلالـلدفعلميمنـوالرامـمىـاأضةأينـ‪.‬هـنةافلوـلالملكإتعـلجلاتوليمتمحتاعـةاابزدتضعـاـتاها ـريرةرعتًخبـاكفلايرقهندـتصـايالًومارهايلـر‪،‬امخفهـوهباطـصاملغوـقـتيمـاودلرحةويذعامـعفرافعـلهنم ـواتيالنيلتعي‪.‬وشصلــسب ـمـورًت‪،‬لةار‬      ‫هنـاك أولاً مـن ينكـُر الوجـود الموضوعـي للعولمـة‬

         ‫‪( Miniglobalization‬أحمـد ازيـد‪ ،2006 ،‬ص‪)16‬‬

                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫‪84‬‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89