Page 68 - مجلة التنوير - العدد الثالث
P. 68

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬              ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫تحولـت إلـى سـاح فـي أيـدي الجمهـور(‪ )13‬ويمكـن‬                                                     ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫فـي الإطـار اللجـوء إلـى ثلاثـة نمـاذج مـن وسـائل‬
‫الإعـام تتمثـل فـي الصحـف والتليفزيـون والإنترنت‪.‬‬         ‫لعبـه صالـون مـي زيـادة الـذي تأسـس عـام ‪1911‬‬
                                                          ‫فـي طابـق بمقـر جريـدة الأهـ ارم والـذي كان يتـردد‬
‫أ‪ :‬الصحــف‪ :‬لعبـت الصحـف دورهـا فـي بنـاء‬                 ‫عليـه إسـماعيل باشـا صبـري‪ ،‬وعلـي عبـد الـ ارزق‪،‬‬
‫المجـال العـام‪ ،‬ولقـد أشـار هابرمـاس إلـى مجموعـة‬         ‫والشـاعر خليـل مطـ ارن‪ ،‬وأحمـد شـوقي وحافـظ‬
‫مـن الصحـف كنمـوذج للـدور الـذي تلعبـه فـي‬                ‫إب ارهيـم وسـامة موسـى وغيرهـم‪ ،‬وممـا لا شـك فيـه‬
‫المجال العام منها صحيفة الجارديان‪ ،‬وكان تركيز‬             ‫أن هـذه الصالونـات لعبـت دورهـا فـي تشـكل المجـال‬
‫هابرمـاس علـي الرسـائل التـي ترسـل إلـى المحرريـن‬         ‫العـام المصـري الـذي قـاد حـركات التنويـر والثـو ارت‬
‫حـول المقـالات والأخبـار التـي تنشـر؛ حيـث أشـار‬
‫إلـى أن كتابـات الصحـف كانـت مصـدًار أساسـًّيا‬                                   ‫فـي مصـر الحديثـة(‪.)11‬‬
‫للحـوار علـى المقاهـي‪ ،‬وأن التعليقـات التـي يختارهـا‬
‫المحرريـن للنشـر أسـبوعًّيا تعبـر عـن مشـاركة‬             ‫‪ -2‬المقاهــي‪ :‬لعبـت المقاهـي دوًار أساسـًّيا فـي‬
                                                          ‫تشـكل المجـال العـام الـذي قصـده هابرمـاس فـي‬
               ‫الجمهـور فـي المجـال العـام(‪.)14‬‬           ‫أوربـا‪ ،‬ومـع ذلـك لا يمكـن إغفـال الـدور الاجتماعـي‬
                                                          ‫الـذي لعبتـه هـذه المقاهـي فـي مصـر؛ حيـث لعبـت‬
‫ب‪ :‬التليفزيـون‪ :‬يعـد مـن آليـات تشـكل المجـال‬             ‫مجموعـة مـن الوظائـف الاجتماعيـة‪ ،‬ويكفـي أن‬
‫العـام‪ ،‬ولعـب دوره البـارز كمتغيـر بنائـي فـي تشـكل‬       ‫نضـرب مثـالاً بمقهـي ريـش الـذي لعـب دوًار أساسـًّيا‬
‫المجـال العـام‪ ،‬ويكفـي أن نستشـهد هنـا بـدور ب ارمـج‬      ‫فـي تاريـخ مصـر؛ حيـث انطلقـت مـن هـذا المقهـي‬
‫التـوك شـو التـي تجـذب الملاييـن مـن المشـاهدين‬           ‫الحركـة الوطنيـة لثـورة ‪ ،1919‬فقـد اكتشـف أسـفل‬
‫أو الجمهـور‪ ،‬واتسـمت هـذه الب ارمـج – كمتغيـر‬             ‫المقهـى مطبعـة قديمـة‪ ،‬وسـاهم المقهـى فـي إصـدار‬
‫بنائـي – بمجموعـة مـن الخصائـص أولهـا‪ :‬تطـرح‬              ‫مجلـة جاليـري ‪ ،68‬التـي ضمـت جيـل السـتينيات‬
‫مطالـب المجتمـع مـن الوطـن مـن خـال اسـتضافة‬              ‫مـن المثقفيـن والأدبـاء وصـدرت المجلـة فـي الفتـرة‬
‫المتخصصين في مجالات مختلفة يطرحون رؤيتهم‬                  ‫مـن مايـو ‪ 1986‬إلـى فب اريـر ‪1971‬م‪ ،‬وكان‬
‫ومطالبهـم مـن الوطـن لتحقيـق الرقـي‪ ،‬وثانيهـا‪ :‬أن‬         ‫الممـول الرئيسـي لهـا هـو مقهـى ريـش ذاتـه‪ ،‬مـن‬
‫هـذه الب ارمـج تفتـح الفرصـة لمشـاركات عامـة مـن‬          ‫هـذا النمـوذج نـدرك أن للمقاهـي دوًار مه ًّمـا فـي‬
‫خـال اسـتقبال التليفونـات مـن الجمهـور العـام‬             ‫تشـكل المجـال العـام‪ ،‬ولـم يتوقـف دور المقاهـي عنـد‬
‫ليعلنـوا أي ًضـا عـن مطالبهـم ويعبـروا مـن خلالهـا‬        ‫هـذا الحـد ولكنهـا لعبـت وظائـف سياسـية واجتماعيـة‬
‫عـن رؤيتهـم تجـاه القضايـا الاجتماعيـة والسياسـية‬
‫المطروحـة‪ ،‬وثالثهـا‪ :‬أن هـذه الب ارمـج تسـتضيف‬                                         ‫فـي المجتمـع(‪.)12‬‬
‫رجـال دولـة ومسـئولين يتحـاورون مـن خلالهـا مـع‬
‫النـاس ويقدمـون أي ًضـا ب ارمجهـم وب ارمـج الدولـة‬        ‫‪ -3‬وســائل الإعــام‪ :‬لعبـت وسـائل الإعـام –‬
‫ويعرضوهـا علـي المواطنيـن ويسـتقبلون تعليقاتهـم‬           ‫علـى مختلـف أشـكالها – دوًار فـي المجـال العـام‪،‬‬
‫عليهـا‪ ،‬ويـردون أي ًضـا علـى استفسـا ارت المواطنيـن‬       ‫ولقـد عبـر عـن هـذا الـدور أجينيـس ‪Agees‬‬
                                                          ‫(‪ )1998‬بالقول بأن وسائل الإعلام تعد مؤسسات‬
                                                          ‫اجتماعيـة لهـا منطـق ثقافـي‪ ،‬ولا غنـى عنهـا فـي‬
                                                          ‫عملية الإصلاح الديموق ارطي‪ ،‬وأن وسـائل الإعلام‬

                                                      ‫‪68‬‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73