Page 69 - مجلة التنوير - العدد الثالث
P. 69

‫المجلس‬                        ‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

        ‫مجلــــــــــــــــة‬

        ‫مـن خلالهـا‪ ،‬مـع الأخـذ فـي الاعتبـار أن هـذه هويـة جماعيـة لهـا صفـة التجانـس إلـى حـد كبيـر‪،‬‬

        ‫الب ارمـج تتحـرك مـن خـال مرجعيـات أيديولوجيـة والمبـرر الأساسـي هنـا لهـذه الهويـة الجماعيـة‬

        ‫بالأسـاس الأمـر الـذي يمكـن معـه القـول بـأن هـذه والتجانـس الالتفـاف حـول المشـكلات والأهـداف‬

        ‫المشـتركة‪ .‬ويمكـن القـول أي ًضـا بـأن نجـاح المجـال‬      ‫التحيـ ازت قـد تهـدد تشـكل المجـال العـام بالمعنـي‬
        ‫العام يتوقف علي مجموعة من العوامل منها احتواء‬                            ‫المثالـي الـذي قصـده هابرمـاس‪.‬‬

        ‫الاختلافـات الداخليـة‪ ،‬ووحـدة فـي اللغـة والهويـة‬        ‫ج‪ :‬الإنترنـت‪ :‬لعـب الإنترنـت دوًار فـي تشـكل مـا‬
        ‫والثقافـة وبقـدر ارتبـاط هـذه الأمـور مـع بعضهـا‬         ‫يمكـن تسـميته بالمجـال العـام الافت ارضـي‪virtual‬‬
        ‫البعـض بقـدر قـوة وصلابـة المجـال العـام(‪،)17‬‬
        ‫ويرتبـط بالعمـل الجمعـي قيمـة أخـرى وهـي تجـاوز‬          ‫‪ public sphere‬وممـا لا شـك فيـه أنـه يعـد‬
        ‫الأيديولوجيـات الضيقـة‪ ،‬فأخطـر مـا يهـدد المجـال‬
                                                                 ‫عنصـ ار بنائًّيـا جديـًدا؛ حيـث يقـوم علـى تسـهيل‬
             ‫العـام هـي التحيـ ازت الأيديولوجيـة الضيقـة‪.‬‬        ‫التبـادل المجانـي للأفـكار والآ ارء بيـن المواطنيـن‪،‬‬

                                                                 ‫ويسـهل الإنترنـت عمليـة الاتصـال الطبيعـي ‪ -‬أي‬

        ‫‪ -2‬العقلانيـة‪ :‬ويمكـن النظـر إلـى هـذا المطلـب‬           ‫التقليدي ‪ -‬والرمزي‪ ،‬ويتكون من اتصال اجتماعي‬

        ‫علـى أنـه نتيجـة مترتبـة علـى الحكـم الذاتـي؛ حيـث‬                ‫مركـب قائـم علـي التفاعليـة(‪.)15‬‬

        ‫يتطلـب الحديـث العقلانـي النقـد البنـاء اسـتناًدا‬        ‫د‪ :‬الشـارع‪ :‬يـدرك المتأمـل لمفهـوم المجـال العـام‬
        ‫إلـى الوقائـع المعياريـة‪ ،‬علـى أن يكـون هـذا‬             ‫ومحدداتـه البنائيـة والقيميـة أنـه تشـكل مـن خـال‬
        ‫النقـد مدع ًمـا بالأسـباب والحجـج المؤيـدة‪ ،‬وأن‬          ‫متغيـر بنائـي جديـد وهـو الشـارع‪ ،‬فلـم يعـد الفعـل‬
        ‫يتيـح الفرصـة للحـوار بـدلاً مـن التجريـح بشـكل‬          ‫السياسـي أو الفاعـل السياسـي مقتصـًار علـى النخبـة‬
        ‫دوجماتـي‪ ،‬ويتناسـب ذلـك مـع مـا طرحـه هابرمـاس‬           ‫أو القيـادات بـل يتشـكل مـن خـال الشـارع بـكل مـا‬
        ‫فـي أن المجـال العـام يحتـاج إلـى تبريـر عقلانـي‬
        ‫لـكل عمـل خطابـي(‪ .)18‬وفـي هـذا الإطـار يذهـب‬                              ‫يحـدث فيـه مـن تفاعـات(‪.)16‬‬
        ‫هابرمـاس قائـاً «إن معاييـر العقلانيـة والمنطـق‪،‬‬
        ‫وأشـكال القانـون التـي أ ارد الجمهـور أن يحتكمـوا‬        ‫ثالًثــا‪ :‬المتغيــ ارت القيميــة الداخلــة فــي تركيــب‬
                                                                                                      ‫ا لمفهــوم‬

        ‫ربطـت معظـم الكتابـات بيـن مفهـوم المجـال العـام إليهـا تكشـف عـن معناهـا الاجتماعـي فقـط فـي‬

        ‫وبيـن قيـم الحداثـة علـى اعتبـار أن المجـال العـام تحليـات المجـال العـام البرجـوازي ذاتـه‪ ،‬خاصـة‬

        ‫هـو نتـاج لعمليـات الحداثـة‪ ،‬وفـي هـذا السـياق يركـز فـي إد ارك حقيقـة أنهـم أفـ ارد مخصوصـون ارتبطـوا‬

        ‫هـذا الجـزء علـى بعـض المتغيـ ارت القيميـة الداخلـة ببعضهـم البعـض فـي المجـال العـام كجمهور(‪.)19‬‬

        ‫‪ -3‬الحريـة‪ :‬ربـط هابرمـاس بشـكل كبيـر بيـن‬               ‫فـي تركيـب المفهـوم علـى اعتبـار أنهـا تمثـل البنيـة‬
        ‫الحرية والمجال العام؛ حيث أشار إلى أن المجال‬                   ‫الفوقيـة التـي يتشـكل علـى خلفيتهـا المفهـوم‪.‬‬

        ‫‪-1‬العمــل الجمعــي‪ :‬يحتـاج المجـال العـام فـي العام يتحرك خارج البيروق ارطيات الرسمية‪ ،‬ويقوم‬

        ‫تشـكله إلـى العمـل الجمعـي‪ ،‬وفـي هـذا السـياق علـى التشـاور فـي الحـوار‪ ،‬وبالأخـص الحـوا ارت‬

        ‫أشـارت فاندرسـتدج إلـى أن المجـال العـام يتطلـب غيـر المقيـدة والتـي تتسـم بكامـل الحريـة‪ ،‬وعنـد‬

                                                             ‫‪69‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74