Page 92 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 92
د .أميرة الشوادفي المسرح المصري وتجليات حرب أكتوبر
ما هذا -قصر ملعون لعنته جنيات الموت العطشى مثلت حرب أكتوبر عام 1973م حدًثا مفصلًّيا في التاريخ العربي،
لا أبصر حولي إلا ما هو منهار ساقط ليس فقط على المستوى العسكري والسياسي ،بل على المستوى
أو مهدوم متحطم الثقافي والفني أيًضا ،بعد سنوات من الهزيمة عام 1967م جاء
النصر ليعيد للمسرح المصري روحه الوطنية ،وفتح المجال أمام
علل كامنة في التاج ،وفي خشب العرش المبدعين لتجسيد البطولة الشعبية والجماعية ،وبث روح الوحدة
وفي جدران القاعة
والتضامن ومخاطبة الوجدان ،والتي كانت سبًبا في النصر.
في الأستار وفي درجات السلم تحول المسرح المصري بعد حرب عام 1967م إلى ساحة مواجهة
في شعر لحي هذي الأشباح المرتاعة فكرية مع اليأس والانكسار ،ظهرت نصوص مسرحية عديدة؛ منها
مسرحيات نعمان عاشور (الناس اللي تحت) ،و(الناس اللي فوق)،
أهي السوس أم الموت أم اللعنة مسرحيات صلاح عبد الصبور؛ ومنها (الأميرة تنتظر) و(مأساة
ماذا أفعل؟ الحلاج) ،ومسرحية (الزوبعة) لمحمود دياب التي عكست الصدمة
النفسية للمجتمع ،واغتراب الفرد عن مجتمعه نتيجة للظلم والقهر
ماذا أتلقى من جائزة بعد الحلم ربيًعا إثر ربيع؟ الاجتماعي والهزيمة والقومية ،وكشف أسباب تلك الهزيمة ،والسعي
بتخوم المستقبل؟ إلى ترميم الروح الوطنية؛ لتجاوز النكسة والاستعداد لمعركة
بل من أين بداية عهدي التحرر.
من أية بداية ترميم الملك المتهشم قدم صلاح عبد الصبور مسرحيته (بعد أن يموت الملك) عام
1973م ،والتي لجأ فيها إلى جعل الشخوص رموًز ا لذوي السلطة
أبدأ من ذي الركن المعتم (الملك /القاضي /الوزير /الجلاد) ،كما هو في مسرحية (السلطان
أم من هذا الركن المتهدم...؟ الحائر) ،ومسرحية (شمس النهار) لتوفيق الحكيم ،إلا أن صلاح عبد
سأزيل بقايا الماضي وأعيد بناء القصر. الصبور قد أضاف إلى الشخوص المسرحية السابقة شخصية الشاعر
يتشابه هذا البناء وتلك العلل التي يسردها الكاتب في التي قد تعد امتدادا لشخصية الحلاج في مسرحيته (مأساة الحلاج)،
التاج والعرش وغيرها مع البناء في مسرحية (بنك مع محاولته تحريك عقولنا وطرح تساؤلات رمزية وفلسفية ،وفى
القلق) لتوفيق الحكيم ،والتي كتبها عام 1966م، تلك المقطوعة الغنائية التي يقول فيها الشاب ،ابن الملكة ،ذو الأعوام
وتوقعه لناطحة السحاب التي كانت تنظر عطسة
لتتهاوى؛ فجاءتها عطسة أو نكبة 67فتهاوت الناطحة العشرين حين أراد أن يتربع على عرش الملكة:
بين يدي ذلك الشاب ذي العشرين ربيًعا ،وخيم عليها
العنكبوت؛ فضاعت مع التهاوي تلك الأحلام التي
كانت تنشر علينا في شكل شعارات ،أما عن
الشخوص في مسرحية (بعد أن يموت الملك) نجد أنهم
أبطال يمكن أن يكونوا رموًز ا أو مناطق إسقاط على
الزمن.
88

